حينما انحرق المطبخ التركي الغربي بنكهته المسيحيَّة ، لم تُفكِّر تُركيا ،في إعادةِ تأهيله ، بل انصبَّ تفكيرها في تغيير الوجهة ، إلى الاستعمار الجديد ، وإنشاء مطبخ شرقي بنكهة عربيَّة ، من خلال دافور الإسلام. تسعى تُركيا اليوم إلى السيطرة على الداخل التركي. والخارجة الشرقية في حدود إقليمها الجُغرافي. كان هذا ، بعد أنْ استنزفت مُعظم طاقاتها ومُحاولاتها ، للانضمام إلى الاتحاد الأُوروبي ، الذي ما زالت الأدبيات الأوربيَّة توحي بأنهُ نادٍ مسيحي ، لذلك توجَّهت بقضها وقضيضها شرقاً ، خاصَّةً إلى العالم العربي ، وهي إرهاصات لاستعمار جديد ، يعيدنا إلى الحُقبة الزمنيَّة المُظلمة ، إبَّان الاستعمار العُثماني القديم. هذا الاستعمار الذي امتدَّ قُرابة ستة قُرون ، شمل قُرابة ثلاث قارات ،( أوروبا ، آسيا ، وأفريقيا) ، بدون أثر حضاري إيجابي يُذكر ، ما عدا الاستعمار من أجل الاستعمار لا الإعمار ، والنهب والسلب ، وسفك الدِّماء ، وإعادة عهد العُبوديَّة. أردوغان اليوم يتحدَّث بمنطق استعماري بحت ، بعد أنْ أفشل أحرار مِصر ، في ثورة 30 يونيو طمعه في الاستحواذ على أُم الدُّنيا ، من خلال ثورة مِصر التي سبقتها ، والتي تُعرف ب 25 يناير ، التي سيطر فيها الإخوان ، واستطاعوا أنْ يحكموا مِصر ، لكن تلك الأحلام الأردوغانيَّة قد تبخَّرت ، خاصَّةً وأنّه يلتقي ويتفق فيها مع الإخوان المُتآمرين على الشعوب العربية ، أتباع البنَّا وقُطب المُخادعين للإسلام والمُسلمين ، والذي انجرف معهم العديد من أبناء الأُمة العربية والإسلامية ، في هوس الخلافة الإسلامية المزعومة. إنَّ الميراث الحقيقي الذي خلَّفته الدولة العُثمانيَّة ، هو الدمار والتخلُّف عن ركب الحضارة لأكثر من 500 عام. هذا الميراث المزعوم ، لغير الوارث الشرعي ، لكنَّ هذا الأردغاني مُتأثراً ومُتشبِّعاً بأفكار الشعبوي والمنظِّر والمُؤرِّخ التركي( قادِر مصر أوغلو) ، الذي كان يُردِّد :[ أنا وريث إمبراطوريَّة الكون ، ولقد كُنتُ دوماً عُثمانيَّاً ، وأنا ضِدْ أي شخص يُعادِي العُثمانيَّة]. إنَّ هذهِ الأرجل الأردوغانيَّة ستُقطع ، التي تحمل عقلاً نرجسيَّاً بِقُوَّة ، وسوف تُبدَّد أحلامه في حُكم بلاد العرب والمسلمين عامَّة. هذا الهوس الشعبوي بالخلافة ، سوف يجعل من طمعهِ قِتلةً له ، فكُل طمَّاع ذليل ، وإلى بوابات الجحيم يا أردوغان ، فعُد من حيثُ كنت ، فليس أمامك سوى الشهوة ، وصاحب الشهوة مغلوب ، أو الغضب وصاحبه مهزوم ، أو الجشع وصاحبه دائماً ما يُريد المزيد ، فمهما ذهب الحِمارُ التركي يطلبُ قرنين ، فإنه سيعُود مصلُوم الأُذنين. ما أسهل الدَّفع من جيب الغير ، وما أصعب الغرور والغطرسة ، فصاحبها أحمق ، فالمُؤمن لا يُلدغ من الجُحر مرَّتين. وعليكم أنتم أيُّها المهووسون بالخلافة الكاذبة - من أبناء العرب- أنْ تُعيدوا برمجة عُقُولكم ، وألَّا تسمحوا لأحد أنْ يُخادِعَكُم ، فهو إمَّا مخدوع مثلكم ، وإمَّا عُنصر هدم للأُمَّة العربية والإسلامية. الدستور التركي ، يُؤَكِّد في مادَّته الثانية [ أنَّ جمهوريَّة تُركيا ديموقراطيَّة علمانيَّة اجتماعيَّة ، تحكمها سيادة القانون]. وتنُص المادَّة الرابعة من الدستور :[ أنَّهُ لا يجوز تعديل أحكام المواد( 1-2-3) ، وقد رفضت الأحزاب القوميَّة التركيَّة الكُبرى في نقاشاتها العام المُنصرِم ، حول التعديلات الدستورية ، المساس بالمواد الثلاث الأُولى ، التي يُحاول ويحلم حزب العدالة والتنمية ( الإسلامي) تعديلها. تُركيا اليوم .. من الحِلم الغربي ، إلى الحِلم الشرقي ، فالجمهوريَّة التركيَّة ( الكمالية) ، إبَّان عهد كمال أتاتُرك ، لم تكُنْ تطمح للتوسُّع إلى أبعد من حدودها ، التي رُسِمتْ بعد توقيع ( لوزان). لكنَّ هذا الأردوغاني وجَّه بوصلته ، إلى المشرق ، بعكس هذه الاتفاقيَّة ، فهو يطمع في المزيد من الأراضي ، ولكن.. هيهات ، فأُسود العرب الأحرار ، ومن أرض الكنانة ، سيتوقَّف الزَّحف المغولي التركي!!