اِتَّقِ حِقْد الناس ، وكُنْ قاسياً على نفسِك ، كريماً معَ غيرك ! وكما تعرف مُحبيك ، تعرف مُبغضِيك. قال تعالى:( أم يحسدون الناس على ما آتاهُم الله من فضله). مُزاحمةُ الجبال أولى من مُزاحمة الرجال ، فما مِنْ عيون حادَّة ، كعيون المُبغِضِين. وهذا الحِقد لا يخرج عن كونه من الحسد ، فهو منبعهُ الأصلي ، يقول أرسطو:( الحسد المذموم: أنْ ترى عالِماً ، أو فاضِلاً ، أو وجِيهاً ، فتشتهي أنْ تزول عنهُ نِعْمَتَه ، لِتَكُون لك لا له). القُلوب شواهد ، فما تقارب منها إئتلف ، وما تنافر منها اختلف ، ومن أوَّل نظرة يُعْرفُ البُغض ، فمن يحسد الناس ويحقد عليهم ، بدأَ بِمَضَرَّةِ غيرهِ ، وقال عنهُما القيرواني:( اثنان في النَّار : الحاسِد والحَاقِد). قال الشاعر زُمر الكلابي: وقد ينبتُ المرعى على دَمِنَ الثرى ..... وتبقى حزازات النفوس كما هي. لكن الحِكمة العربية ، تقول:( عند الشدائد تذهبُ الأحقاد). إنَّنا اليوم نرى ونسمع ، في المُشَاهَدِوالمنقول ، أنَّ أقصى أهداف الحاسِد ، هو زوال نِعْمَة المحسود. فلنُخْرِج من قلوبنا الحسد والحِقد ، كي ترتاح!! قال تعالى:( ونزعنا ما في قُلُوبهم من غِلٍّ...). وقال عليه السلام:( ..ولا تباغضوا...) ، أي: لا يحقد بعضكم على بعض. وقد يرى الحسود في مدح الآخرين ذمَّاً له ، فتجِدُه يشتعِل حِقداً ، يقول الشاعر: طهِّرْ فُؤادكَ من حِقدٍ ومن دَغَلٍ ..... فشرُّ داءٍ يُضِرُّ القلبَ داؤُهُمَا. المُشاحِنُ والحاقد والحاسد ، الشيطان يتربَّص بِهِم ، ويُريد أنْ يضلهم أكثر ، لكنَّ العاقِلُ من يعقِل نفسه عن هواها ، وأنْ لا ينساق إلى دهاليز الغواية والضلالة . إنَّ من يدَّعِي الحُب ، ولا يُطبِّقه أسوأ من الحِقد نفسه ، فالحِقد لا يسكن قُلوب المُؤمنين .