أ.د محمد احمد بصنوي إن المؤشرات الاقتصادية تؤكد بأن العالم يقترب من أزمة اقتصادية طاحنة في عام2020، بصورة أكبر مما كانت عليه في عام 2008، ولعل أهم هذه المؤشرات: الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالصين، حيث اتهم الرئيس الامريكي دونالد ترامب الصين، بسرقة الملكية الفكرية للعديد من المنتجات الأمريكية، وباستغلال الولاياتالمتحدة تجاريًا، وطالب بتحقيق التوازن في العلاقات التجارية بين البلدين، وفي هذا الاطار أعلن عن زيادة الرسوم ل30% على بضائع صينية بلغت قيمتها 250 مليار دولار، فقامت الصين بالرد على هذا الاجراء الأمريكي، بفرض رسوم على بضائع أمريكية بقيمة 75 مليار دولار، ولم تنتهي الحرب التجارية عند هذا الأمر، بل امتد لمنع حصول شركة هواوي من الحصول على تراخيص استعمال الكثير من التطبيقات والبرمجيات الأمريكية مثل جوجل ماب، وبلاي ستوري أو ما يسمى بنظام أندوريد، وبذلك يتحول هاتف هواوي إلى مجرد قطعة حديد بلا قيمة، فمن منا الآن قد يشتري هاتف دون نظام أندوريد، ودون يوتيوب أو جوجل ماب وخلافه. صحيح أن شركة هواوي العملاقة لم تصمت على هذا الامر، وتعمل على إعداد برمجيات وتطبيقات تماثل نظائرها الأمريكية، لكن إنتاج وتسويق المنتجات الجديدة في العالم سيحتاج إلى وقت، مما سينعكس على وجود خسائر كبيرة للشركة، حيث توقع مؤسس شركة “هواوي تكنولوجيز” ورئيسها التنفيذي رين تشنج في أن تقلل العقوبات الأمريكية من الإيرادات بنحو 30 مليار دولار على مدار العامين المقبلين وفقا لوكالة “بلومبرج” الأمريكية، وهو ما يؤكد أن الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي ضد الصين، ستؤدي إلى تراجع الاقتصاد الأمريكي والصيني والعالمي على حد سواء، خاصة إذا علمت أن الاقتصاد الصيني والأمريكي يمثلان معًا 42% من الناتج المحلي العالمي وفقًا للنقد الدولي، فالجميع متضرر ولا يوجد رابح، وهذا دليل على أننا نسير على الطريق السريع نحو الأزمة المالية العالمية، وما يؤكد كلامي هو تحذير مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد من تهديد يتعرض له الاقتصاد العالمي الفترة المقبلة، نتيجة الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةالامريكيةوالصين، وأطلقت هذه التحذير في مايو 2019. الحرب التجارية الأمريكية مع الصين امتدت إلى الاتحاد الأوروبي، فالرئيس الأمريكي أعلن عن فرض رسوم على استيراد الفولاذ من أوروبا بقيمة 25%، ورسوم على استيراد الألمونيوم بقيمة10%، فقام الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على العديد من المنتجات الأمريكية مثل الدرجات النارية والويسكي، والجينز، وبعد ذلك قام الرئيس الأمريكي باتخاذ اجراء ضد الاتحاد الأوروبي، من خلال تهديده بفرض رسوم على سيارات الاتحاد الأوربي. إن ما تقوم به الولاياتالمتحدةالامريكية في الوقت الراهن يهدد الاقتصاد العالمي ، ويدفعه نحو الركود، ومن ثم أزمة مالية عالمية، لكن أمريكا لا تقوم بذلك دون سبب، فتهدف من هذه الإجراءات الحفاظ عل مكانتها الاقتصادية والحفاظ على كونها القطب الأوحد والرئيسي في العالم، فمن خلال هذه الإجراءات تريد أمريكا إرغام الصين على شراء منتجات أمريكية بقيمة محددة، لتقليل العجز التجاري بين البلدين، ومن ثم تحقيق التوزان، وكذلك الأمر على الاتحاد الأوروبي، ومن خلال ذلك تهدف للحفاظ عل مكانتها كأكبر اقتصادي عالمي، ولكن هذه الأمور تبقى آمال وأحلام، في ظل سعى التنين الصيني نحو احتلال المركز الأول عالميًا، بعد إزاحة اليابان من المركز الثاني في عام 2010 . إن المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن بداية الأزمة المالية القادمة ستكون في الولاياتالمتحدةالامريكيةوالصين، ليس فقط بسبب الحرب التجارية بين البلدين، فهذه الحرب ستكون بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير، فلك أن تعلم أن حجم الاقتصاد الأميركي الذي يمثل 25% من اقتصادات العالم يقدر ب20 تريليون دولار أميركي، بينما تقدر ديون الولاياتالمتحدةالأمريكية ب 21.6 تريليون دولار، ما يمثل 107% من إجمالي الناتج المحلي، كما أن الدين العام الصيني ارتفع بنسبة 171٪ من الناتج المحلي، أما على مستوى العالم، فيقدر الناتج القومي الإجمالي العالمي 80 تريليون دولار تقريبًا، فيما يبلغ إجمالي ديون العالم 300 تريليون، لذلك فأن المؤشرات الاقتصادية تؤكد بأن هناك ازمة تلوح في الأفق، فإذا كانت الفقاعة العقارية هي من تسببت في الازمة المالية لعام2008، فأن فقاعة الديون ستكون سببًا للازمة المرتقبة . إن مؤشرات الأزمة الاقتصادية المرتقبة، تظهر بصورة تراكمية، والتوقعات تؤكد أن هذه الأزمة ستحدث في العام المقبل2020 ووفقًا لبنك الاستثمار جي بي مورجان، وسيمتد تأثير هذه الأزمة إلى قطاع العقارات وصناديق التقاعد، وستنخفض السيولة النقدية في الأسواق، والسندات الحكومية، وتنهار قيمة العملات المحلية للدول الأكثر تضرراً من الأزمة، وستكون أسواق المال هي المتضرر الأول من هذه الازمة، وستعجز الشركات والحكومات، والأفراد عن الايفاء بالتزاماتها المالية وتسديد الديون، ما يؤدي الى انكماش الاقتصاد العالمي. وفي هذا المقال سنحاول الاجابة على السؤال الاصعب الذي يلوح في الافق، ويبادر إلى ذهنك سواء كنت مستثمرًا أو مواطنًا، ماذا ستفعل مع هذه الأزمة التي قد تطال كافة القطاعات، وتؤدي إلى زيادة نسبة البطالة، وبالتالي سوء أحوال المعيشة ؟. رغم سوء أي أزمة مالية على الدول والأفراد على حد سواء ، إلا أنها قد تكون فرصة لتحقيق العديد من المكاسب، فهذه الازمة ستؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات والشركات والمنتجات بشكل كبير، لذلك فتعد فرصة لشراء منزل جديد، أو شراء شركة أو مصنع جديد بثمن بخس وقت الأزمة، أو شراء مواد خام جديدة بكم كبير إذا كانت مُصنعًا ، تستخدمها بعد الأزمة، مما يحقق مكاسب ضخمة، خاصة أن الازمة فترة انتقالية، ولن تستمر إلى الأبد. وإذا كنت شخصًا عاديًا قمت بادخار بعض الاموال، وتريد أن تستثمر هذه الأموال قبل قدوم هذه الأزمة التي تلوح في الافق ، فأفضل وعاء استثماري يقف أمام كل الأزمات “الذهب”، فهو الملاذ الآمن للمدخرات والحافظ للقيمة خلال الأزمات، والتوقعات تشير إلى ارتفاع أسعار الذهب بصورة ملحوظة الفترة المقبلة ، خاصة أن السنوات الأخيرة ازداد الطلب على الذهب بمعدل 16% و بالمقابل ارتفع الإنتاج بمعدل 1% فقط ، و بالتالي سيرتفع سعره بالمستقبل. وأخيرًا وليس آخر، فعلينًا جميعًا دولاً وأفرادًا، أن نستعد لأي أزمة اقتصادية مرتقبة، لكي نخرج منها بأقل الخسائر، ومن الأفضل أن نستعد لاستغلال هذه الأزمات للانطلاق نحو مستقبل أفضل، فهذه الأزمات مثلما تؤدي إلى تعثر الكثير من الدول والافراد، تخلق أيضًا فرصًا جديدة تستحق أن تستغل.