“هانيو” لغة تتطلب دراستها معرفة آلاف الرموز وحفظها عن ظهر قلب، وكتابتها بكل دقة متناهية، لكن دارسيها العرب يجدون في الرحلة التي يقطعونها لإجادتها متعة ورغبة كونها لغة تحمل حضارة عريقة وثقافة ثرية تواصلت منذ قديم الزمان مع منطقتهم وتفاعلت مع حضارتهم. لتنتشر بشكل كبير خاصةً في الغرب، فيقول “دافيس” الذي أسس برنامجًا لتعلّم اللغة الصينية في التعليم المدرسي الحكومي بولاية شيكاغو: “اللغة الصينية أصبحت اللغة الإنجليزية الجديدة التي يتعلّمها الكثير من جنسيات أخرى”، حتى المشهورين أمثال “مارك زوكربيرج”، و”ماليا أوباما”، وأخيرًا رئيس الوزراء الأسترالي “كيفن رود”. ولا عجب أن يستخدمها “مارك زاكربيرغ” في إحدى خطاباته بجامعة “تسينغهوا” ببراعة أدهشت الجميع، بالطبع لغته لم تكن مثاليةً لكنه تعلم اللغة لسبب قوي؛ يبلغ عدد مُتحدثيها 1.051مليار حول العالم، منهم ما لا يقل عن 120 مليون مسلم، وهي أكثر اللغات انتشارًا على الإنترنت. إذّاً هل يكون تعلّمها مُفيدًا لنا خاصة مع وجود مكون رئيس في تعلمها ألا وهي التقنية التكنولوجية؟. فممن أتت؟!! نبعت من مجموعة لغات (Family of languages) وهي أحد فروع ما يُسمى (Sino-Tibetan family)، منذ 6000 م. وتطورت على مر العصور، لتصبح ال (Mandarin) هي اللهجة الأكثر تداولًا في الصين، بسبعة أنواع، وهم (Cantonese, Hakka, Yue, Mandarin) ، وغيرها، بعدد لا نهائي من هذه الأشكال، وصلت حوالي 8000 حرف أو شكل، فإذا أردت على سبيل المثال أن تقرأ الجريدة باللغة الصينية، فأنت تحتاج أن تعرف من 2000 إلى 3000 حرف صيني على الأقل. وفي النهاية: إنّ السفر والمُكوث مع أشخاص يتحدثون اللغة الصينية خطوة لا تقدر بثمن في رحلة تعلّم اللغة، التي بدأها ولي عهدنا الجريء بخطواته ورؤيته عابرة الحدود ليضعنا على أعتاب حياة جديدة لثاني أقوى دولة بالعالم لها حق الاعتراض بالفيتو بمجلس الأمن… لتتلاقى مبادرة طريق الحرير وتوجهات الصين الاستراتيجية بشكل كبير جدًا مع رؤية المملكة 2030، ووضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي على جميع المراحل التعليمية في مدارسنا وجامعاتنا السعودية؛ تعزيزاً للتنوع الثقافي، وليكون جسرًا بين شعبينا يزيد من الروابط التجارية والثقافية، ويُسهم في بلوغ المستهدفات الوطنية المستقبلية في مجال التعليم، بتمويل جزئي من الصين مما يوفر 50 ألف وظيفة للسعوديين الذين يدرسون اللغة الصينية. وفاتحاً أمامنا أبواب الاستفادة من الاقتصاد الصيني على مستوى التجارة والسياحة، التي تسعى المملكة للاستفادة مستقبلا من هذه الاستراتيجية في المجال السياحي من خلال استهداف 20 مليون سائح صيني. لقد نجح أميرنا الحالم أن يوقع رسالةً واضحة وصريحة للغرب وخبث من يعلوها من دولاً تُعادينا، لنرى أوربا قد تركت إيران ووضعت السعودية في قائمة دعم الارهاب وغسيل الأموال. نظرة: لم يخطوا محمد بن سلمان تلك الخطوة عبثاً، برسالته من ثاني أقوى اقتصاد بالعالم، مُعلناً سياستنا الحكيمة والصلبة (لا رد، ولا تعليق)، إلا في مواطن الأمور العُظمى؛ ليخرج للحاقدين من جولته الأسيوية بأعمال واتفاقيات عملاقة، منها توقيع 7 اتفاقيات بين السعودية وباكستان ب 20 مليار دولار -وتوقيع اتفاقيات بين السعودية والهند تصل إلى 100 مليار، ليختتمها بمنتدى الاستثمار السعودي الصيني بتوقيع 35 اتفاقية تعاون اقتصادي مشترك تقدر بأكثر من 28 مليار دولار أمريكي، بمشاركة أكثر من 25 جهة من القطاعين الحكومي والخاص السعودي. وقفة: بينما لا يتجاوز عدد مفردات اللغة الفرنسية 150 ألفا، والروسية 130 ألفا، والإنجليزية الأكثر انتشاراً 600 ألف، وصل عدد مفردات اللغة العربية دون تكرار إلى 12 مليون كلمة، وتصنف لغة القرآن الأولي عالمياً من حيث دقة المعاني، وبها 16000 جذر لغوي متفوقة على كل اللغات، لأنها لغة الناطقين بالضاد، لغة لا تتطلب دراستها معرفة آلاف الرموز وحفظها وكتابتها، لتتربع لُغتنا الجميلة، بحفظ خالقها لقوله تعالى اسمه في سورة الحجر الآية (9) ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”.