تصاعدت التوترات بين الانقلابيين الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح بشكل علني وملموس وبدأ ذلك جلياً في تقاسم المناصب الوزارية في ما تسمى حكومة الإنقاذ الوطني التي لم يعترف بها أي كيان سياسي في العالم حيث عكست أولويات كل طرف منها واتضح أن الحوثيين سيطروا على وزارات معينة بهدف ترسيخ مذهبهم وأفكارهم الهدامة التي لم تلق أية قبول لدى اليمنيين وهدفوا من استيلائهم على التعليم والداخلية بغية دس تلك الأفكار الهدامة القادمة من خارج اليمن عن طرق التعليم فيما كان هم المخلوع صالح الوزارات الربحية كقطاع الاتصالات والنفط وهو ما كان همه وشغله الشاغل طوال 33 عاماً من حكمه. وبدى واضحاً للعيان أن ميليشيا الحوثي تحاول وسط منافسة حادة وساخنة حشد المؤيدين لها داخل القبائل اليمنية في ظل محاولة صالح الإبقاء على تأييد القبائل له كما كان خلال حكمه وذلك بتدليل المشايخ وتهديدهم أحياناً وانقسمت تلك القبائل بين الترغيب والترهيب الذي تواجه من الحوثي وصالح. وبدأت الانهيارات والهلع تدب في صفوف الميليشيا الانقلابية وبدأ المسلحون بالهروب من جبهات القتال والرجوع إلى قبائلهم بشكل كبير وبأعداد مهولة جعلت الحوثي وصالح عاجزين عن منعهم من الهروب الجماعي من جبهات القتال بعد الهزائم الفادحة التي تكبدوها والخيانات التي صارت جلية وواضحة لهم أقلها ما يشاهدونه من قيام الحوثيين بالدفع برجال القبائل والمقاتلين الذين لا ينتمون إلى أسر الحوثيين إلى مصرعهم فيما يبقى القادة من الأسر القريبة من الحوثي في المدن ونهب كل ما تصل إليه أيديهم لبناء البيوت والعمارات والسيارات الفارهة لهم ولأولادهم. وشهدت جبهة نهم شمال شرقي العاصمة صنعاء خسائر بشرية كبيرة وانسحاب أكثر من سبعين مقاتلاً من قبيلة العصيمات التابعة لحاشد من مناطق المواجهات بصورة مفاجئة. وأكدت مصادر قبلية أن الانسحاب جاء بعد مقتل الزعيم القبلي الشيخ علي البشاري، إثر تعرض المجموعة التي كان يقودها للخيانة من قبل مقاتلي المتمردين الحوثيين، واتهم رجال القبائل عناصر ميليشيات الحوثية بقتله غدراً في الجبهة. وتعد قبيلة العصيمات من أبرز قبائل حاشد، التي تحالفت مع الحوثيين قبيل سقوط مدينة عمران، وشارك بعض رجالها في إسقاط العاصمة صنعاء. وعد مراقبون انسحاب مقاتلي قبيلة العصيمات من جبهة القتال أول تمرد قبلي على الميليشيات الانقلابية، بالتزامن مع رفض بعض قبائل طوق صنعاء خاصة بني حشيش السماح للميليشيات بالقتال على أراضيها، والزج بمزيد من أبنائها للقتال في صفوف الميليشيات وكذلك قبائل خولان. وسبق انسحاب قبيلة العصيمات انسحابات أخرى من ضباط وجنود قوات الحرس الجمهوري السابق الموالية للمخلوع صالح وانضمامهم إلى قوات الشرعية. وامتدت الانهيارات إلى محافظة تعز، حيث أكدت مصادر في حزب المخلوع صالح أن لقاءً ضم مئات من أنصار المخلوع في تعز بينهم قياديون يعرفون بالمتحوثين عقدوا قبل يومين، اجتماعاً بهدف البحث عن مخرج لمن قاتلوا إلى جانب ميليشيات الحوثي، والمطالبة بإنقاذ تعز. وكشف مشاركون في اللقاء عن مخاوف أنصار المخلوع صالح من هزيمة وشيكة لهم ولحلفائهم الحوثيين في تعز نتيجة تقدم الجيش الوطني والمقاومة ودحر عناصر الميليشيات من مناطق تمركزها في معظم جبهات تعز، فيما أكدت مصادر عسكرية، أن مليشيا الحوثي تتلقى ضربات موجعة منذ عدة أسابيع في أكثر من جبهة قتالية بمحافظة صعدة، المعقل الرئيسي لهم. وقالت المصادر إن الجماعة خسرت خلال الأيام الماضية مناطق استراتيجية في صعدة، خصوصًا على الشريط الحدودي من جهة البقع وأيضًا علب، بمديرية باقم، مشيرة إلى أن قوات الشرعية على وشك أن تصل إلى السيطرة النارية على المعقل الرئيسي لزعيم الجماعة في صعدة، ألا وهي منطقة مران، التي تبعد حاليًا عن آخر مواقع الجيش أقل من 30 كيلو متراً ونجحت قوات الجيش مؤخراً، في فتح ثلاث جبهات جديدة، في البقع وعلب، إضافة إلى جبهات البقع، وعلب، ما يعني أن المليشيات تواجه حالياً خمس جبهات في صعدة. ولفتت المصادر إلى أن الأيام الماضية شهدت انهيارًا كبيرًا في صفوف المليشيات التي بدت منهارة كليًا، حيث لا تتمتع بأي معنويات قتالية، مؤكدة أن العائق الأكبر للتقدم هي الألغام فقط. وقال مصدر، إن قتلى الجماعة في صعدة، كثيرون، في حين يفر المئات من مواقعهم، مخلفين ورائهم الجثث والجرحى والأسلحة، فيما قال مصدر مقرب من الحوثيين، إن زعيم الجماعة لم يعد بمحافظة صعدة، وخرج منها قبل مدة طويلة، دون أن يكشف عن مكان وجوده حاليًا، كما أوضح أن قيادات الجماعة إما غادروا اليمن، أو يوجدون في محافظات أخرى. وفي الوقت الذي تتكبد فيه جماعة الحوثي خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، في صعدة، وتفقد مساحات جديدة كل يوم، نجد إعلامها، يتحدث عن انتصارات متواصلة، خصوصاً فيما وراء الحدود. وسيطرت قوات الجيش على معسكر اللواء 101 في البقع، وتمكنت من قطع الطريق الرابط بين محافظتي صعدة والجوف. ويعد فتح جبهات مباشرة في محافظة صعدة مع بداية 2017 بمثابة تحول عسكري بارز في مسار الحرب اليمنية، حيث تخوض قوات مشكلة حديثًا من التوغل في مديرية كتاف "شرق صعدة"، وفتح جبهتين في البقع باتجاه "علب" ومديرية باقم "شمال صعدة". ووفقًاً للمصادر فقد استدعى الحوثيون الكثير من مقاتليهم في جبهات أخرى للانخراط في معارك صعدة التي شهدت تقدمًا سريعًا لوحدات من الجيش الوطني اليمني تتكون من مهجرين من أبناء صعدة وعدد من الطلاب الذين طردتهم الميليشيات الحوثية من معهد دماج قبل سنوات بعد حصار استمر لشهور. وقال محللون "إن معركة صعدة سيكون لها تأثير على المستوى الإقليمي بحكم أن المحافظة حولت إلى قاعدة لاستهداف المملكة العربية السعودية وهناك العديد من القواعد والمعسكرات والكهوف المليئة بالسلاح قبل أن يدخل على خط المواجهة السلاح الباليستي والصواريخ التي استهدفت مدنًا سعودية". ورأى خبراء عسكريون أن فتح جبهات متعددة في صعدة أربك الحوثيين وشكل عامل ضغط إضافي دفعهم إلى تغيير استراتيجيتهم العسكرية. وأسهمت هذه الجبهات في استنزاف الميليشيات على حدود المملكة العربية السعودية وتشتيت ثقلها العسكري على الشريط الحدودي الممتد من ميدي إلى أطراف المناطق الصحراوية في البقع التي لا يجيد الحوثيون التعامل معها. وأشار محللون سياسيون إلى دور حاسم قد تقوم به جبهات صعدة في عام 2017 م, ما قد يسهم في تغير موازين القوى لعدة اعتبارات من بينها الطبيعة النفسية لمنتسبي الوحدات المقاتلة في هذه الجبهات. ورأى مراقبون، أن إعلام الجماعة يسعى للإبقاء على معنويات أتباعها في الجبهات، مشيرين إلى أن اعتماد الحوثيين على الإعلام مؤخرا، تجاوز 50% من المعركة. وتتواصل المعارك في الجبهات والمحاور المختلفة وبشكل متزامن، تم التخطيط له مسبقاً كي يتغول في مناطق نفوذ التي كان يسيطر عليها الانقلابيون، وحسب المراقبين السياسيين، الذين قالوا إن التقدم واضح لمصلحة قوات الشرعية المسنودة بقوات التحالف العربي، ضد قوات الانقلابيين، في حين تبدأ الجبهات الداخلية للأخيرين بالتفكك، وهو الأمر الذي جعل طوق صنعاء يتآكل شيئاً فشيئاً، فضلاً عن تنسيقات مشتركة بين الشرعية وقبائل تشكل الحزام الناري لصنعاء، إضافة إلى بدء موجات حراك وإضرابات تضرب عاصمة الانقلاب، لتستمرَّ الجبهات الداخلية بالتفسخ أكثر فأكثر. وعلى الصعيد ذاته، تحقق المقاومة في المحافظاتالجنوبية لليمن المسنودة بوحدات من الجيش وطيران التحالف العربي انتصارات كبيرة وسيطرة على مناطق جديدة في منطقة بيحان بمحافظة شبوة. وسيطرت المقاومة والجيش الوطني على جبهة الساق وحررت منطقة تلال مقيربة شمال بيحان، والتقدم مستمر باتجاه منطقة الصفحة لقطع إمداد المليشيا الانقلابية إلى منطقة عسيلان وتضييق الخناق عليها جنوب وغرب بيحان. كما تمكنت المقاومة أيضاً من دحر المليشيا الانقلابية التي كانت تتمركز جانبي الخط الإسفلتي الذي يربط ما بين منطقة "نقوب" بمحافظة شبوة و"حريب" بمحافظة مأرب بعد معارك عنيفة سقط خلالها عدد كبير من الشهداء والجرحى.