يعتبر الأسطورة محمد علي الذي توفي فجر اليوم (السبت)، عن 74 عاماً، بعد يومين من دخوله المستشفى، هو أعظم ملاكم عرفته الحلبات، وأحد أشهر الرياضيين في القرن العشرين. وكان يحلو لمحمد علي أن يردد عبارة "أنا الأعظم"؛ وبالفعل فإنه لم يكن الأعظم وحسب، بل الملاكم الأكثر جاذبية في تاريخ رياضة الفن النبيل. فبالإضافة إلى تمتع محمد علي الرياضي بمواهب فريدة وبتقنية صافية ولكمات قوية، فإن التاريخ سيذكر الإنسان الذي أعطى دفعاً كبيراً لرياضة الملاكمة بفضل حديثه وميله إلى التصريحات المثيرة للجدل ومعارضته القانون القائم. وبدأ كاسيوس كلاي وهو اسمه الأصلي قبل أن يعتنق الإسلام، والمولود في 17 يناير 1942 في لويزفيل (ولاية كنتاكي)، ممارسة الملاكمة بعد أن حاول الثأر من ولد صغير سرق دراجته. ونال شرف تمثيل بلاده في أولمبياد روما عام 1960، وكان أصغر الملاكمين في المنتخب الأمريكي، وسبق له أن نال جائزة القفاز الذهبي عام 1958 عندما كان في السادسة عشرة من عمره. وما إن بدأ مسيرته الاحترافية حتى أطلق العنان للسانه، عندما قال قبل إحدى مبارياته: "أطير كالفراشة وألدغ كالنحلة". وعندما بلغ الثانية والعشرين من عمره توج بطلاً للعالم على حساب مواطنه سوني ليستون. وفي اليوم التالي أطلق على نفسه اسم كاسيوس اكس، تيمناً بزعيم المسلمين السود مالكولم اكس، وبعد أشهر اعتنق الإسلام وبات يعرف باسم محمد علي منذ ذلك الحين. احتفظ بلقب بطل العالم حتى العام 1967، تاريخ رفضه التوجه إلى فيتنام لخوض الحرب إلى جانب مواطنيه، وإذا كان قد أفلت من دخول السجن فإنه منع من الملاكمة بسبب ذلك، قبل أن يعفى عنه عام 1971. وفي العام ذاته دافع عن لقبه ضد جو فرايزر في مباراة وصفها محمد علي نفسه بأنها "نزال القرن" وخسرها بالنقاط، قبل أن يستعيد لقبه بعد ثلاث سنوات في مباراة مشهودة ضد جورج فورمان، أقيمت في كينشاسا عاصمة زائير عام 1974، عندما أنزل منافسه بالضربة القاضية في الجولة الثامنة. وثأر محمد علي لخسارته أمام فرايزر في مانيلا عام 1975، قبل أن يخسر اللقب ضد مواطنه ليون سبينكس عام 1978. واستعاد محمد علي لقبه العالمي للمرة الثالثة (رقم قياسي) ضد سبينكس بالذات بعد سبعة أشهر، وبعد ذلك مباشرة اعتزل الملاكمة، لكن الحنين إلى رياضة الفن النبيل وفشله في إدارة أمواله التي جناها دفعه إلى لبس القفازين من جديد، وصعد إلى الحلبة وهو في الثامنة والثلاثين من عمره، ليلقى خسارة ثقيلة أمام لاري هولمز بالضربة القاضية في الجولة الحادية عشرة في أكتوبر عام 1981. وخاض محمد علي 60 نزالاً فاز في 56، منها 22 على اللقب العالمي. ودفع محمد علي ثمن السنوات الطويلة التي أمضاها في عالم الملاكمة، حيث أصيب بمرض الشلل الرعاشي "باركينسون"، وإذا كان هذا المرض حد من قدرته الطبيعية فإنه لم يثنه عن القيام بجهود كبيرة في خدمة الرياضة والإسلام والأطفال، قبل أن ينال منه في النهاية. ونال محمد علي تكريماً رائعاً من قبل اللجنة المنظمة لأولمبياد اتلانتا عام 1996، عندما أوكلت إليه إيقاد الشعلة الأولمبية، فقام بذلك ويداه ترتجفان في مشهد مؤثر.