بقلم : ماجد الهُذَلِي عندما نذكر مرض السكري من المؤكّد أنه يخطر بذهنك الآن شخص تعرّفه مصاب بهذا المرض المزمن أما قريب أو صديق . يحتل السكري المرتبة الثالثة بين الأمراض المزمنة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ولكم أن تتخيلوا أن أخر إحصائية في عام 2014م بينت أن نسبةً الانتشار العالمي لمرض السكري من البالغين يقدر بحوالي 9% على مستوى العالم ، وأوضحت التوقعات أن السكري سوف يكون السبب السابع للوفاة في عام 2030م . أيضاً أتذكر أن أخر إحصائية أطلعت عليها حول نسبة السكري بالسعودية تقدر بحوالي 23% ولكم أن تقارنون هذه النسبة بالنسبة العالمية !؟ أعتقد أن لهذه الزيادة أَسباب من أهمها وجود عوامل الخطورة عند البعض والتي تَكُون واضحة مثل السمنة ، عدم ممارسة الرياضة ،النمط الغذائي ، ضغط الدم المرتفع ، الضغوط الحياتية النفسية . عليه قامت وزارة الصحة بتفعيل برامج توعية تصل للناس وذلك عبر الخروج من العيادات والمستشفيات للناس وتعريفهم بمرض السكري ووفرت العلاجات وهذا مجهود تشكر عليه. ولكن هناك نٌقطة جوهرية دائماً ما تجعل التدخلات الصحية قاصرة حيث يُهتم بتوفير الدواء وصرفة فقط ويعود المريض للعيادة مراجعاً وهو مازال يعاني من السكري والذي على المدى الطويل بكل تأكيد سوف يسبّب مضاعفات لا تظهر إلا بعد فترة طويلة وهذه المضاعفات سوف تزيد من اعباء الرعاية الصحية والتكاليف الماديّة ايضاً ، لذلك كان السّؤال المهم لماذا المريض لا يحقق الفائدة المرجوّة من العلاج ؟ أعتقد أن أحد أهم الأسباب هو سلوك الالتزام بالبرنامج العلاجي يكون متدني فقد أظهرت بَعْض الدراسات أن: 80% من مرضى السكري كانوا يستعملون الأنسولين بصورة غير صحيحة . 58% منهم أخطئوا في تناول الجرعات . 77% كانت فحوصاتهم المنزلية غير دقيقة . 75% لم يتبعوا طريقة ثابتة في تناول الوجبات الغذائية . 75% منهم لم يأكلوا الطعام الصحيح أو المطلوب . وإذا ما علمنا أن الطبيب ليس لديه الوقتَ الكافي لشرح كل هذه ألأمور للمريض ومناقشة لماذا عدم الالتزام بالدواء أو الحميَّة أو حتى التمارين ؟ ناهيكم عن أن السكري يرتبط كما أوضحت بعض الدراسات بحدوث الاكتئاب حتى أن البعض أشار أن الاكتئاب قد يَكُون أحد أعراض السكري ، هنا سوف يظهر جلياً أحد أدوار الأخصائي النفسي العيادي والذي يتمثل في متابعة زيادة سلوك الالتزام بالبرامج العلاجية وزيادة الدافعية لدى المرضى للتغير عبر برامج علاجية نفسية متخصصة متفردة لكل مريض على حسب حالته مثل (إدارة الضغوط والسيطرة على مرض السكري ، تحسين المهارات الاجتماعية ذات الصلة بالسكري ، حل المشكلات ) وغيرها … هذه التدخلات سوف تخفض من التكلفة العلاجية وتساعد المرضى على التوافق النفسي مع مرض السكري وتحسين جودة الحَيَاة. حتى الآن هذا الجانب الحيوي والمهم للأخصائي النفسي العيادي غير مفعل ومغيّب تماماً ومن المهم العمل على تفعيله عبر إدارة الصحة النفسية الاجتماعية بوزارة الصحة فهم من يستطيع إبراز هذا الدور وتقديمه للعاملين بالمجال الصحي لإحالة المحتاجين للخدمات . ختاماً أتمنّى من وزارة الصحة ممثلة بإدارة الصحة النفسيّة والاجتماعية، عدم اقتصار العيادات النفسية في المستشفيات العامة على الطبيب النفسي فلن يستطيع عمل أي من التدخلات النفسية السابقة . ولن يفيد المريض زيادة أنواع جديدة من الأدوية إذا لم يكون لديه التزام ودافعية ، وسوف يٌصبح المريض مجرد خازن للأدوية وتصبح العيادة النفسية مصدر للهدر المادي فقط .