بقلم : أ- عبدالعزيز شايع الحارثي أثق تماما أن العنوان ربما يجذب الكثير من القراء وذلك لأن الغالبية لا يعلم الكثير عن هذا الجهاز الذي منحته الدولة حفظها الله العديد من الصلاحيات لتكون لهم أدوارا إستثنائية في التعامل مع المشكلات الإجتماعية ، وأعلم يقينا أن من أوجب واجبات ذلك الجهاز زرع الفضيلة ونبذ الفضيلة ضمن منهج رباني تم رسمه وتأطيره وأنزله في محكم كتابه قال تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } وربما يظن آخرون ممن يجذبهم العنوان أن هناك علاقة للكاتب بتلك التسميات والتصنيفات التي ليست سوى معاول هدم لهذا الوطن وتقسيم غير مُبَرَرٍ، ولا سيما في هذه الأيام التي بها يتربص بالوطن وبِناالأعداء . والذي أتمناه في كل الأحوال أن يكون غالبية قُرّاء هذا المقال من أحبتنا الأفاضل المنتسبين إلى جهاز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وكم أتمنى أن يستبعد القارئ بداية صلة الكاتب بالعلمانية أوالليبرالية أوأي تسمية من التسميات الأخرى ، كي لا يتسرع في الحكم الذي تصدره مشاعره دون عقله . فليس لي بنحو ذلك التطرف أو الميل حاجة فحاجتي إلى خالقي فقط ، أعبده كما أمرني وأتبع هدي رسوله كما بَلّغ . ولنكن أرباب عدل وإنصاف في الأحكام والقرارات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بداية بأنفسنا ومن ثم بمن حولنا لنحرك سويا عجلة التغيير نحو مجتمع تسوده الفضيلة التي تُفرَض عليه من خلال القدوة الحسنة ، مستخدمين في ذلك أساليب الدعوة الراقية والتي تدعو إليها الفطرة البشرية والرسالة المحمدية السامية ، وفي حساباتنا أننا مجردون من العصمة تماما . وفي إطارمحاربة الرذيلة والإنحرافات السلوكية ووفق فهم وإدراك النفس البشرية الغير معصومة من الخطأ ، ودون أدنى حماس قد يفقد رجل الحسبة هيبته ويُنْتَقَصُ علمه بسبب إندفاعه وحماسه ليتسبب ذلك في ترك أثرا تراكميا ينعكس سلبا على جهاز الهيئات بأكمله . فالأولى من الحماس والإندفاع وقبل ذلك كله علينا تقييم الموقف والعمل بإقتضاء ما يستوجبه ذلك الموقف من تدابير وما سوف ينتج عنه من نتائج . وللتوضيح فإن مواقف جهاز الهيئة أكثر إرتباطا ومساسا بالمجتمع من ناحية تلك الإنحرافات التي يطلق عليها معاصي أو ذنوباأوآثام والتي ليس من الحسن تسميتها بالجرائم كما يُطْلق عليها في هيئة الإدعاء العام حيث تسمى تلك الانحرافات والسلوكيات الخارجة عن الدين والقيم والأخلاق بالجرائم ومع أنه التعريف الفقهي لها لكنني أرى أنه ليس من الحسن في هذه الأيام تجريم كل السلوكيات الخاطئة فالأولى من حصرها في دائرة التجريم وضع طوق للنجاة منها وتحصن من الوقوع بها .. ودعونا ننتقل من الفلسفة كما سوف ينعتها البعض إلى الدخول إلى التأمل في الواقع المؤلم والذي يدفع بعشرات الأسرإلى الإنهيار والتشتت ولربما يصل الحال إلى الجريمة الحقيقية داخل الأسرة الواحدة وذلك بسبب إما تحمس رجال الهيئة او للأسف فرط جهلهم في التعامل مع المشكلات . والجميع يعلم أن كل الشرائع والأديان والأعراف تحث على الستر وتدعو إليه ، وفي هذاالعصر أرى أنه ضرورة ملحة ، ولكن الواقع للأسف عكس ذلك تماما ، فتلك الإنحرافات التي تطولها سلطة جهاز الهيئة آصبحت مثار للجدل والإختلاف ، وواقع تَحَوِل من الستر إلى الفضيحة ، ومن المعالجة إلى صنع الجريمة . ولنؤكد أن ما يحدث من الشباب أو الشابات وغيرهم من إنحرافات وسلوكيات مخالفة بمساعدة ومباركة من الشيطان ، أو دعونا نقول عنها معاصي ، نحو الخلوة وشرب الخمر وإدمان المخدرات، وغيرها من تلك الوقائع التي تُحدِث صدعا كبيرا في المجتمع بداية بالفرد ومن ثم الأسرة والمجتمع ، لنؤكد أنهالا تخرجهم من دائرة الإسلام أبدا بل تكون نقصا في إيمانه أو تخرجه من دائرة الإيمان فقط . فمتى ما فهمنا هذا التصور الشرعي الذي نزل به النبي الصفي الأمين مؤيدا من لدن غفور رحيم لأدركنا حينها أن الله رحيما بعباده ، وأيقنّا أن من الصواب أن لا نكون أعوانا للشيطان على أخينا أو أختنا في الله. ولكم أن تجيبوني على تساؤلي هذا بكل عقلانية وبعيدا عن التشنج الديني أوالعرفي أو التقاليدي والقبلي كذلك ! مامصير فتيات متزوجات كُنّ أوعازبات وماهو مصير شباب في مقتبل حياتهم الوظيفية عندما يقبض عليهم رجال الهيئة وهم في خلوة ؟ تصوروا كل السيناريوهات والنتائج بعد ذلك المشهد الحقيقي في مسرح الحياة ! ومن هنا سوف أضع لكم ياسادة تصوري الواقعي من خلال مشاهدة ميدانية . فالنتائج للأسف كانت بداية هتك للستر وفضيحة لأسر داخل بيوت مطمئنة ، وإن خالف منها بنزع من الشيطان فرد ذكر كان أو أنثى ! فأبو لهب عم محمد صلى الله عليه وسلم وآزر والد ابراهيم عليه السلام . فالفتيات العازبات إن أفلتن من الموت فلن يفلتوا من الفضيحة التي قد تكون عائقا في طريق تكوين أسرة في المستقبل ، وإن كُنّ متزوجات فقد إنتهى تكوين تلك الأسرة ، ولكم أن تتصوروا حال الآباء والا خوان والأمهات والأكثر ألما إذا ماكان هناك أطفال لديهن ، والأكثر إيلاماعندما يطارد شبح العنوسة تلك الفتاة . أما الشباب فلكم أن تتصوروا حالهم الوظيفي وقبله حالهم الأُسَري كون لديهم زوجات وأطفالا ،وكذلك ذويهم وأقاربهم ، ولكم أن تتصوروا إنضمامهم إلى قافلة البطالة ، ومن ثم نظرة المجتمع اليهم بصورة مقززة ، يضخمها المجتمع ويكبرها وربما يخالف تكبيرها واقعها ، وغير ذلك منظار الأسرة والقبيلة والأصدقاء إليهم حيث ينظر لهم بذلك المنظارالمظلم والأسود والذي يسلخ ذلك المخالف من القيّم والفضيلة بل قد يخرجه البعض أبديا من الدين ، ويتناسى الجميع إن الله يبسط يده بالليل وبالنهار ليقبل توبة المسيئين. ولعدم إطالة المقالة والتي أرى أنها طالت بالفعل لأهميتها فإنني سوف أستعين بالله تعالى وأكتب في مقالة أخرى دور جهاز الهيئات في صنع الجريمة وأدوارهم المفترضة للحد من وقوع تلك المشكلات دون تشهير أو هتك للستر أو صنع للجريمة ، وفي القريب العاجل بإذنه تعالى .