إبراهيم بن جلال فضلون كاتب ومحلل سياسي تظل القبيلة كيان سياسي مرن يقبل الأفكار المستجدة، والتوسع بين أبناء جنسها شريطة التوافق مع القيم المعلنة والمميزة لكيان القبيلة والدولة التي تضمها بين جنباتها. مُساهمةً في تطور مفهوم الدولة لتتواءم مع مطلب الحداثة والمُعاصرة ولعل غضبة القبائل في دول الصراع العربي (اليمن والعراق وليبيا)، سراً قبلياً يعتلي عرش الأحداث التي أفلتت من يد الدولة، حامدين العلي على وحدة قلوب قبائلنا الراشدة في وضع وجوديًّ فعلي خاص، عماده إرث حضاري عربيّ أصيل، دستوره القرآن، فتتلاقى القبيلة والدولة حول رباعية عروشها الأرض والأمن والشعب والقيم، التي أمن بها أبناء قبائلنا السعوديَّة وأولنا رأس الهرم في الدولة الأسرة الحاكمة، فهم أيضاً قبليون، وعنصراً مُشخصاً في عناصر الدولة، لتصبح عموداً فقرياً لجسد الشعب السعودي ولُحمة أبناء القبائل ممن لا يرضخون لفكر قد يُزعزع قوتهم وقوة عرشهم في أي مكان وزمان، رافعين رايتهم بولاء الحق..لا تعصب، إذ تحظى القبيلة السعودية بصفة خاصة بحماية أخلاقيَّة من الدولة، جعلتهم أنموذجاً فريداً لنظام الدولة الواعد وصمام أمان داعم للدولة التي أثبتت تفوقها خلافاً لتلك الأنظمة الوضعيَّة الأخرى التي بدأت تنهار، وهنا وقفة: هل تعاظَم شأن القبيلة وباتت خطراً على الدولة كإطار سياسي في بيئاتنا العربية؟ أم أن ذلك دليلاً على فشل الأنظمة في تأثيرها المُجتمعي حتى تلاشى دورها وتعاظم دور القبيلة لتعود لدورها التقليدي والأصلي كسلطة سياسية مجتمعية بفضل أفكار طرأت عليها من أطراف آخري أو مَن يمتلك القرار وكَيلِ الاتهامات للقبائل، التي تمتلك خبرة تاريخيَّة وقوة نظامية قد تُساعدها على العودة من جديد إلى بيئتها الأصلية، خاصة عندما ترىَ القبيلة أنها عامل مؤثراً في استقرار نظام أي بيئة مدنية، وبدونها يصير المجتمع فوضوياً. وهنا نخشى أطروحات القبائل المعارضة من تيارات وتجمعات شعبية وتيارات قبلية وجماعات الإسلام السياسي المتعددة المُطالبة بحكومة ديموقراطية برلمانية منتخبة بدون ان يضعوا في عين الاعتبار ان الوصول للنظام البرلماني العريق في بريطانيا اخذ مئات السنين. وكأننا ولله الحمد كشعب درسنا ما حصل في منطقتنا العربية جيداً ودرسنا تلك التجارب الفاشلة في ممارسة الديموقراطية وعلاقة الدولة بالقبيلة واستغلال الدين وزجه في السياسة حتى خلقت فتنا وحُروبا أهلية، فمزقت أرض السودان ودمرت سورية والعراق وأطلت دينياً على مصر وتونس، ليدخل الطرح القبلي والطائفي ليبيا واليمن حيث تم التزاوج القبلي مع الأحزاب الدينية.. فهل نأمن ذلك في بلدان الخليج؟!! وتختلف القبيلة داخل النظام السياسي الملكي عن النظام السياسي الجمهوري، فهي متناغمة ومتصالحة مع الأنظمة الملكية حتى يتطابق التنظيم الهرمي في كليهما، ويتخذا شكلًا تكامليًا سلميًا يتوازيا كتنظيمين سياسيين مُتمايزين تُغذيه رغبة قبلية هي مفتاح المجتمع المدني الذي يُؤمن بدولة القانون، بعيداً كل البعد عن الدين والطائفية في نسق فكري وأيديولوجي مُتكامل يُزيل أي توتر وأي تنافس إيكولوجي عصبي.