حينما استيقظت على فاجعة جودي… لا أذكر مِنْ مَنّ؟ … لكني أذكر أن ابنتي كانت بجانبي وروح الطفولة البريئة يبتسم في حركاتها ويُخبرني أن الغدٍ أفضل، مُتحدياً ببراءتها راسيات الجبال.. فجأة خفق قلبي فلم أسمع ضرباتها في قلبي، وكأنني أبا جودي هكذا كان حال صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حينما هالهُ الخبر، ففزع لبراءتها طالباً من جنود الوطن أن يجففوا دمعاتنا التي انهمرت وكأنها غيث لا يوقفه إلا الدعاء، دعاء أب أو أم مكلوم.. هب حُماتنا فوراً بجل اهتمامهم، مُسرعين للوصول إليها ولمُختطفيها، وضمان سلامتها أولاً. فكم لنا أن نتصورها مُكبلة الأنفاس مُرتعشة الجوارح؛ مُعتقلة البراءة… قهر ما بعده قهر؛ حينما لا تؤثر في الإنسان صورة طفلة مُختطفة ويتجرد من المشاعر الإنسانية النبيلة؛ ويتحول إلى وحش وشيطان؛ صورة لهي كفيلة بأن تُحول الجنة نارًا، والشباب شيبًا لأجلها؛ فهل توجد في الدنيا خسة ونذالة كهؤلاء؟!!. لقد قاد المعتصم جيشاً أوله في عمورية بالروم وأخره في الشام، تحرك ليس لطفلة؛ بل لامرأة بأرض القيصر (الأعداء).. مُستغيثة (وااامعتصماه) فحررها من أسرها… هكذا ولاة أمرنا هبوا بجُندنا مُخلصين جودي من براثن ذئاب متحجرة، مُطمئنين على سلامتها… أجل، أَصّمتُهم حُماة وطن أقسموا بالزود عنها، من أجل أن ننام قريري العين مُطمئنين آمنين، بفضل ورعاية الله -عز وجل- أولاً ثم مَليكنا -حفظه الله-، ثم وحدتنا في ذاك الوطن الذي يختبأ خلفة جمال فائق في أبنائه. فتحية لكم من القلب، فأنتم للوطن درع .. وللحق صوت .. وللواجب فداء .. كم أنتم محظوظون، وكم نحن فخورون بكم، عندما تُعيدون إلينا آية روح عقالها بيد الخالق، كما أعاد حماتنا ابنتهم جوري لأحضان والدتها. صورتك يا ملاكنا الصغيرة؛ أجبرتنا ومن يجري في عروقه دم النخوة والشرف، أن لا ننام قبل خلاصك من القهر وسلاسله الشيطانية…. فلا عشنا.. ولا عاش الوطن! إذا ألمك مكروه، فإن كانت الطيور ترفض التطويع وتفضل الموت بحرية عن الحياة المستعبدة فكيف بالإنسان الذي يفوقها عقلا وقدرة -فلكل قاعدة شواذ.- ختاماً: ولي وطنٌ آليت ألاّ أبيعه وألّا أرى غيري له الدّهر مالكاً.