مدخل .. هل تعرفُ طريقاً آخر للسماء ؟ هل تمخّض شهيدٌ من جانبك وأنت عابراً تسير فحملتهُ وابتسم ؟ هُنا فلسطين ؛ حيثُ يبتدئ صباحكَ بمقاومةٍ ككلِ يوم ؛ وإن كانت أمعاؤكَ خاوية ، جهادٌ بين الأرضِ والسماء لاستعادةِ أرضٍ .. لطالما نسيها البشر، وفي قلوب أهلها ما زالت باقيةً تنشدُ الزيتون .. ومفاتيح العودةِ بأيديهم ما فتِأت تتزين . هُنا فلسطين ؛التي اعتادت على معيشتها مع الدُّخلاء ، يُنسج فرحٌ فيها فيتخللهُ ترح ، والجميع وقف على قدمهِ ليقاوم ! ولا أي قذيفةٍ هنا قد تسلبُ مصلياً أمانه أو طفلاً توسّد وطنهُ ، فاستُشهد قبل أن تهب الحياةَ له ألعابها وقبل أن يشتري الحلوى التي ادّخر لأجلها ماله . قد يقولُ قائل : لماذا فلسطين ؟ أقول : لأنها قضيتنا منذ الأزل ، تلكَ التي حملناها في قلوبنا ذات حينٍ، وأقفلنا عليها الأبواب ، لكننا نسينا أن نُخبر ، بها صغارنا فلامتنا الحمائم . فلسطينَ التي بها نحنُ نقوى ، ومن جهادها نتعلم وضمائرنا بداخلها تُمتحن ،وصدق إبراهيم نصر الله حين قال : نحن نقف مع فلسطين لا لأننا فلسطينيون أو عرب، بل نقف معها لأنها امتحان يومي لضمير العالم . لا تقف مكتوف الأيدي استنكر ، تحسس قلبك ، أدعو بصدق ، ولا تقل بأنك مللت أو أن الدعاءَ قذيفةُ المجرد من لا شيء . لا تكن كالكرسي الواقفِ أمامك جامداً إلا من أحلامك ، هازئاً بحجرٍ أو صاروخ لأن المقاومة هنا تحملُ معنى الوجود، وحين يعلنُ المرء وجودهُ ينتصر . لا تصب جام غضبك على اللاجئين من أبناءها أو المُبعدين عنها اضطراراً ، وأنت لم تعرف للمنفى طريق ! ولا تظن للحظةٍ أن قلبك مستاءٌ أكثر من استياءهم ، همُ الذين ولدوا في أحضانها وفي غياهبِها أرواحهم كانت ولا زالت معلقةً تغني الشوق وتنشدُه . حكِّم مبادئك ؛ولا تترك لسانكَ يشي بك ، فتخونَ قضيةً ثابتة ؛ لأنك في كلا الحالتينِ خاسر ! أنا أعرف أن حُزني بسيط ،لن يسع قليلاً حزن أمٍ فقدت رضيعها فما عرف الحياة . لن يُعبر عن جرائم حُبكت في الظاهرِ والخفاء ، ولن يعيد بناءً قُصف للتو فغدا للبشاعة شاهداً ! أنا أكتُب ؛ لأن هذا سلاحي كي لا يشهد الورقُ الفائض أمامي على خذلاني للإنسانية ، حين مررتُ بجانبها فصفعتني وما تكلمت ! أنت حسبُنا يا ألله ؛ عليكَ بمن قتل الطفولة من محاجرها ودسّ السم في كبدِ الحياة ! الكاتبة : أمل السديس