قال محمد الشريف، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، إن الهيئة لم ترصد حالات فساد في الشركات الخاصة والعائلية، ودعاها إلى تطبيق الحوكمة واتخاذ الوسائل الكفيلة بالحد من الفساد. جاء هذا خلال رعايته المنتدى الوطني الأول للمنشآت العائلية الذي أقيم أمس في مقر مجلس الغرف السعودية بالرياض، تحت عنوان: "أفضل ممارسات الحوكمة في مكافحة الفساد في المنشآت العائلية السعودية"، وبمشاركة خبراء محليين ودوليين في مجال الحوكمة. وقال الشريف: إن إقامة الندوة لا تعني وجود سلبيات وممارسات فاسدة في شركات القطاع الخاص، وإنما لتعريفها بالممارسات الجيدة لحمايتها والوقاية من الممارسات المشبوهة ولوجود شركات عائلات كبيرة في المملكة. وأضاف، أن الهيئة في حال رصدها حالات فساد ستتعاون مع تلك الشركات والجهات المختصة لكشف وبحث ما تم ملاحظته وسد الثغرات التي أتى منها الفساد. وأكد، أن الهيئة تتأكد من جدية المبلغين وتشترط وجود القرائن والأدلة من أجل التحرك في رصد البلاغات، ولا تكتفي بالشكوك أو البلاغات الاجتهادية. كما أن "نزاهة" لم يصل إليها شكاوى من تعرض مبلغين للتهديدات بسبب تقديمهم بلاغات عن ممارسات فساد. وأوضح الشريف مفهوم الحوكمة بأنه وضع الضوابط والوسائل الرقابية التي تضمن حسن إدارة المنشأة والنأي بها عن الممارسات المعيبة غير المنسجمة مع أخلاقيات الإدارة الرشيدة، وأنها ليست إلا ترجمة لمفهوم النزاهة والشفافية وقمع الفساد ومحاربته. وشدّد على ضرورة العمل بجدية ووعي مع مفهوم الحوكمة وآلياته في المنشآت العائلية وتوفير البيئة المناسبة المحفزة على تبني هذا المفهوم. وأشار إلى أن الهيئة تولي عناية خاصة بشفافية الإجراءات ووضوحها باعتبار أن الشفافية من أكثر الوسائل فعالية في مكافحة الفساد المالي والإداري، منوها أيضا بأنها تعمل لإقرار مبدأ الشفافية وتعزيزه داخل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. وأضاف، أن اعتماد مبدأ الشفافية كممارسة وتوجه أخلاقي يضفي على العمل المصداقية والاحترام، وأن هذا يمثل أحد المبادئ التي أقرتها الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وأوكلت إلى الهيئة متابعة تنفيذها. ونوه الشريف إلى أن تكاتف الجهود وتضافرها وتعزيزها في سبيل حماية النزاهة ومكافحة الفساد المالي والإداري يعد التزاما شرعيا وحتميا وأخلاقيا، مبديا استعداد الهيئة التام لإمداد أي منشأة بما تحتاج إليه من الوسائل والدعم لتبني الخطط والبرامج التي تضمن تحقيق ذلك. من جهته، أكد المهندس عبد الله المبطي، رئيس مجلس الغرف السعودية، أن الالتزام بتطبيق قواعد الحوكمة ليس ترفاً فكرياً أو إدارياً، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية، وهدف مشترك لكل القطاعات الحكومية والخاصة لجذب الاستثمار، والحد من هروب رؤوس الأموال المحلية للخارج. وأشار إلى أن أهمية تطبيق نظام الحوكمة في الشركات العائلية السعودية، تتجلى في ضوء الأرقام الأكثر انتشارا حول حجم وقيمة الشركات العائلية في الاقتصاد السعودي، وحقيقة أدائها ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي. وبلغت استثمارات الشركات العائلية في 2012م أكثر من 93 مليار دولار، واستحوذت على نحو 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، الأمر الذي يعطي هذه الشركات أهمية كبرى ضمن الاقتصاد الوطني. ودعا المبطي إلى تعميم ثقافة الحوكمة في مؤسسات القطاع الخاص وكذلك في المؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية، وجميع مؤسسات المجتمع المدني، حتى تسود ثقافة الحوكمة ليس في النواحي المالية فقط، بل في مجمل العمل القانوني والإداري والمالي الذي يقضي على الفساد بكل أنواعه وإشكاله. كما قال الدكتور عبد الرحمن الزامل، رئيس مجلس الغرف السعودية للدورة المقبلة ورئيس غرفة الرياض: إن شركات القطاع الخاص لم تعطِ مكافحة الفساد أي اهتمام. مؤكداً أن من لم يتأثر بالقواعد الأخلاقية والدينية من المجتمعات المسلمة فلن يتأثر بأنظمة الحوكمة أو القواعد والسياسات الداخلية والغرامات. وأضاف، أن أنظمة الشركات العالمية والوطنية والسياسات التي تحد من الفساد فيها مصدرها من القرآن الكريم، وقال: "ما يجعلني أشعر بالارتياح هو قوة العقوبات الاجتماعية في المجتمع، وعدم نجاح ممارسي الفساد في السوق السعودية، ورفضهم والتشهير بهم من قبل المجتمع". وأشار إلى أن الشركات الأجنبية في السوق السعودية تغادر بعد اكتشافها بسبب هذه العقوبات الاجتماعية. ودعا إلى إضافة مادة جديدة في نظام الشركات الذي ينتظر صدوره، تنص على تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة مقفلة إذا طلب 51 في المائة من ملاك الشركات العائلية من الصف الثاني ذلك. وذكر الزامل، أن السوق السعودية محاصرة بالسلع الرديئة المهربة من إسرائيل وإيران والإمارات. وأضاف، أن الطريقة الوحيدة للتخلص منها هو متابعة وزارة التجارة ووعي المجتمع. وقالت إميلدا دنلوب، الرئيس التنفيذي ل "مبادرة بيرل": إن ثلاثة أرباع الشركات العائلية في الخليج تعود ملكيتها وتدار من قبل الجيل الثاني من العوائل المالكة، وسيكون في يد الجيل الثالث من العوائل تريليون دولار في السنوات الخمس أو العشر المقبلة. وأشارت إلى أن 63 في المائة من الشركات العائلية في الخليج تعتمد المبادئ الأخلاقية، إلا أن ثلثها فقط تنفذ تلك المبادئ بشكل فعلي. وأوضحت أن 45 في المائة من الشركات العائلية في الخليج تتبنى سياسة مضادة للرشوة، إلا أن ثلثها فقط من يقوم بتنفيذها فعلياً. ودعت الشركات العائلية إلى تطبيق أفضل طرق ومعايير النزاهة والشفافية لضمان استدامة هذه الشركات وبقائها للأجيال المقبلة.