دعا باحث متخصص في علوم التربية والاجتماع والإعلام إلى إصدار قوانين صارمة ؛ لحفظ حقوق النساء في جميع الاتجاهات ، وبخاصة الأرامل والمطلقات كما أكدت ذلك أحكام الشريعة الإسلامية في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم التسليم . جاء ذلك في دراسة بحثية صدرت حديثاً في كتاب للزميل الأستاذ سلمان بن محمد العُمري تحت عنوان : (حقوق الإنسان في الإسلام .. " المجتمع السعودي .. أنموذجاً " )، حيث طالب بفرض العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد بأنواعه والظلم ، مؤكداً أن من أسباب الفساد : غياب التشريعات والأنظمة التي تكافح الفساد ، أو وجود تشريعات قاصرة في تعريفها لمفهوم الفساد ورؤيتها الجزئية لوسائل محاربته. وشدد على ضرورة استصدار قوانين صارمة لوقف العنف الجسدي والمعنوي سواء كان من قريب ؛ كالأب والزوج أو من بعيد ، واستصدار قوانين صارمة ضد التحرش الجنسي ضد الفتيات والشبان ، مؤكداً أهمية ترسيخ مجموعة من المفاهيم في المجتمع السعودي على مستوى الأفراد والمؤسسات التربوية والاجتماعية وفي مقدمتها التأكيد على حرمة الحياة الإنسانية عامة ؛ سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين ، وذلك بتعظيم الحياة الإنسانية وحفظها وحرمة القتل ، وحفظ حياة وحقوق غير المسلمين ، والتأكيد على منع العنف والاعتداء الجسدي والمعنوي . ودعا إلى إصدار قوانين لحفظ حياة غير المسلمين ، و قوانين للتعايش السلمي مع المختلفين في المذاهب والأديان ، وقوانين صارمة لمن يثبت عليه التجسس والتحسس على عورات الناس وبيوتهم ، وقوانين صارمة للطعن في الأنساب والأحساب والأشكال والألوان ، واستصدار قوانين صارمة ؛ لحفظ حقوق العمل والعمال . وأكدت توصيات الدراسة حرمة الحياة الخاصة للإنسان في محيط مسكنه وأسراره ؛ فلا يحق لأحد كائناً من كان أن يتجسس ويتتبع سقطاته ؛ إلا إذا ظهر أنه أخلَّ بالنظام العام ، وأن الطعن في الأفراد بأشكالهم أو ألوانهم أو أنسابهم أو ألقابهم مرضٌ عضال لا يكون إلا في المجتمعات المختلفة ؛ فهذه العصبيات لا تأتي بخير لأحد ؛ تجلب الإثم ، وتوغر الصدور ، وتسبب الفرقة بين الإخوة ، وتفتت الوحدة الوطنية . وتضمنت صفحات الكتاب تقريرٌ للحقوق الاقتصادية ؛ كحق الملكية وفق مصلحة الفرد والجماعة ، وحق العمل والعمال ، وحق الحصول ، والحق في أجرٍ عادلٍ ومنصف ، والحق في الراحة والحصول على إجازة ، وأهمية رعاية الحقوق على الأمن والاستقرار والمواطنة الصالحة ؛ فلقد بات واضحاً من خلال التجارب التاريخية أن النظم السياسية تفشل حين تهمش فيها الحقوق ذات المضمون الاجتماعي مثل العدالة الاجتماعية والعدالة بين البشر ، والحرية المنظمة . وكان المؤلف الأستاذ العُمري قد كتب في المقدمة يقول : إن كرامة الإنسان وحقوقه مطلبٌ لا يقبل المساومة ، فهي حقٌ أصيل قد كفلها الله سبحانه للبشرية ؛ لذا لا يمكن أن يتنازل عنها ، وهذه الحقوق لطالما أُهدرت في عهود ٍ طويلة على مرِّ التاريخ الإنساني ، ولا يزال هذا الإهدار يتجسدُ في صور متعددة في عصرنا الحاضر أيضاً ، ولقد جاء الإسلام مرسِّخاً لتلك الكرامة والحقوق لكافة البشرية حاملاً شعاراً عظيماً متوجاً بقوله تعالى : چ ک ک ک گ چ الإسراء: 70 ، ففي (لقد) تأكيد أن اللام الواقعة في جواب قسم مقدر و(قد) المفيدة للتحقيق ، وهو إعلانٌ إلهيٌ لتكريم الإنسان الذي سُخِّرتْ له القوى كافةً ؛ لتنصاع لأمره ، وتظفر قضية حقوق الإنسان ، بأهمية كبرى في العصر الحديث ، على مستوى الشعوب والدول والمنظمات الدولية ، والحديث عن حقوق الإنسان وتاريخه حديثٌ طويل لا يمكن حصره في هذه الجزئية من البحث . وأضاف وهذا الكتاب عبارة عن مشاركة ؛ لتعزيز ثقافة الحقوق في مجتمعنا السعودي خاصة ، وفي المجتمعات الإسلامية عامة ؛ وفق ما جاءت به الشريعة الإسلامية ، ووهو محاولة أيضاً ؛ لتشجيع ثقافة احترام حقوق الغير بين أفراد المجتمع ومؤسساته التربوية والاجتماعية ؛ فالسلوك التربوي الحميد ينطلق حينما نؤمنُ جميعاً بحقوق الآخرين ، وهذا لايتأتَّى إلا بنشر مثل تلك الثقافات التي يجب أن تكون هاجساً لنا وللمؤسسة التربوية التي تنطلق من المدرسة ، ومن المؤسسة الاجتماعية وعلى رأسها البيت السعودي " الأسرة السعودية " ؛ فهذه الحقوق يجب تعزيزها في أنفسنا أولاً ؛ لأنها جزءٌ من احترامنا لأنفسنا ، وعليه فيجب أن نشجع أولادنا ونغرس فيهم قيمة حقوق الغير مع جميع البشر سواءٌ على المستوى القريب أو البعيد . وأكد سعادته أن تعزيز الثقافة الحقوقية في مجتمعنا لايتم إلا بترسيخ ثقافة حقوق الإنسان ؛ ليعلمَ كلُّ أحدٍ منا ماله وما عليه سواءٌ كان والداً أو ابناً أو زوجاً أو زوجة ، فهذا من شأنه أن يشكل مناخاً صحياً ؛ لاحترام حقوق الإنسان ، كما أن تعليم حقوق الإنسان يتطلب قبل تعليمه تهيئة مناخ وبيئة تعزز هذه الثقافة وتحترمها ، فالتربية على حقوق الإنسان سبيل يتعلم من خلالها الناس على حقوقهم وحقوق الآخرين ضمن إطار من التعلم يقوم على المشاركة والتفاعل ، كما إن هذا الكتاب مشاركة أيضاً لتمكين الناس ومساعدتهم على اكتساب المعارف والمهارات التي تجعلهم قادرين على السيطرة على حياتهم ، وتكوين المواقف من القضايا المعاصرة ، بما تعززه من ملكات التفكير النقدي والتحليل المنطقي ، فتأسيس بيئة تحترم حقوق الإنسان يتطلب مناخاً تحترم فيه هذه الحقوق وتعزز فيه قيم الحوار والاختلاف والتسامح واحترام الغير ، عبر تعزيز شبكة العلاقات بين الأطراف المعنية في هذه البيئة على أساس التشارك والاحترام المتبادل وتقبل الآخر ، فلا يمكن أن نعلم حقوق الإنسان في بيئة يسودها العنف والإذلال أو التحيز والتمييز ، فالبيئة التي يسودها الخوف والضعف والتي يحجم فيها المدرسون أو الطلاب من الشكوى أو الجهر بالسلبيات تثبط مراعاة حقوق الإنسان ولا تشجع عليها ، كما أن الكتاب محاولة ؛ للتدريب على الفاعلية والمشاركة في الحياة العامة التي تنطلق من ردهات المجتمع والمدرسة ؛ ليساهم الناس في المعرفة والمشاركة واتخاذ القرارات المتعلقة بشأنهم ، وهو ما يوجد علاقة إيجابية بين كافة أفراد المجتمع ومؤسساته ، هذه العلاقة تجمعهم تحت مظلة الحقوق وتطبيقاتها في مجتمعنا السعودي بل والمجتمعات الإسلامية ، ثم هم مسؤولون عن صيانتها والحفاظ عليها ، بدلاً من الجهل الكبير بمثل هذه الحقوق ؛ فإذا تجاهلنا قضية الحقوق وتطبيقاتها ؛ فإننا سنرى في مجتمعنا الظلم والجهالة والتخلف ، بل والفقر والفوضى ، وستكثر الأخطاء سواءٌ كانت بقصد أو بغير قصد . وتكونت صفحات الكتاب من مقدمة ، وخمسة فصول ، ثم خلاصة النتائج والتوصيات ، حيث اشتملت المقدمة على : أهمية البحث وحدوده والهدف منه وخطة البحث ، بينما حمل الفصل الأول عنوان : ( فكرة الحقوق بين الأنظمة والشريعة الإسلامية ) ، والفصل الثاني : ( تكريم الإنسان في الإسلام ) وفيه ستة مباحث : المبحث الأول : تكريم ذات الإنسان ، والمبحث الثاني : ولادته على الفطرة ، والمبحث الثالث : خلافته وإعماره للأرض ، وتسخير ما في الكون لخدمة الإنسان ، والمبحث الرابع : استيعاب الإنسان للعلوم الدنيوية ، والمبحث الخامس : إيداع مفاتيح المعرفة والإدراك في الإنسان ، والمبحث السادس : إلغاء الوساطة بين العبد وربه . أما الفصل الثالث فحمل عنوان : ( تطبيقات حول حقوق الإنسان في المجتمع السعودي ) ، وفيه سبعة مباحث :المبحث الأول : حرمة الحياة الإنسانية عامةً وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الأول : تعظيم الحياة وحفظها وحرمة القتل ، والمطلب الثاني : حفظ حياة وحقوق غير المسلمين ، المطلب الثالث : العنف والاعتداء الجسدي والمعنوي. والمبحث الثاني : حرمة الحياة الخاصة ، وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الأول : التجسس وتتبع سقطات الناس ، و المطلب الثاني : حرمة المسكن في الإسلام، والمطلب الثالث : الطعن في الأعيان بأشكالهم وألوانهم وأنسابهم ، المبحث الثالث : محاربة التمييز العنصري ، والمبحث الرابع : احترام المرأة وكرامتها الإنسانية ، وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الأول : تقرير إنسانية المرأة وكرامتها ، والمطلب الثاني : تقرير أهلية المرأة الاجتماعية ، والمطلب الثالث : تقرير أهلية المرأة الاقتصادية ، والمبحث الخامس : العدل ومحاربة الفساد بأنواعه والظلم ، والمبحث السادس : الحقوق الاقتصادية ، وفيه مطلبان : المطلب الأول : حق التملك ، والمطلب الثاني : حق الحصول وفيه : حق الحصول على عمل ، و الحق على أجرٍ عادلٍ ومنصف ، والحق في الراحة والحصول على إجازة ، وغير ذلك من الأمور التي استجدت أثناء البحث ، المبحث السابع : (الحقوق الاجتماعية) ، وفيه : الحق في الزواج ، ورضا الزوجين ، ومفهوم القوامة الصحيح ، وحق الزواج مع اختلاف العرق والنسب ، والعنف الأسري تجاه الأطفال ، وثقافة احترام ذوي الإعاقة ، والضمان والرعاية الاجتماعية ، وحمل الفصل الرابع عنوان : (أثر رعاية الحقوق على الأمن والاستقرار والمواطنة الصالحة) ، والفصل الخامس حمل عنوان : (حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية). ومن أبرز النتائج التي توصل إليها المؤلف الأستاذ سلمان بن محمد العُمري : وجود نسبية في مفهوم الحقوق ، ومن الذي يحدد الحقوق ، فواضعو بنود الحقوق في القانون تجاهلوا الخيارات الدينية ، وهو تجاهل غير مستغرب ؛ نظراً لصدوره من أناس لادينيين ، أو على أقل تقدير ليسوا بمسلمين ، وأن هناك الكثير من القواسم المشتركة المتفق عليها بين الدين الإسلامي والقانون الدولي ؛ كمحاربة الرق ، وقضايا العدالة الاجتماعية ، ومحاربة العنصرية ، وبعض القوانين الحقوقية؛ نظراً للطبيعة البشرية الفطرية التي ترفض التمييز العنصري والظلم ، والاعتداء بكل أشكاله ، كما تبين من خلال استعراض التاريخ الإنساني أن أول من عني بقضايا حقوق الإنسان هو الدين الإسلامي قبل ظهور المنظمات الدولية الحقوقية . ويعد هذا الكتاب ، الكتاب ال (20) في سلسلة الكتب التي أصدرها الأستاذ سلمان العُمري على مدار السنوات الماضية تنوعت في موضوعاتها حيث عالج في صفحات هذه الكتب قضايا اجتماعية ، وإسلامية متعددة ، من خلال تلك الكتب التي حملت العناوين التالية : مشكلات الطفولة بين التشخيص والعلاج ، وآفة التدخين بين الطب والدين ، و وباء المخدرات وخطره على الصحة والمجتمع ، والكنز الثمين في معاني أسماء البنات والبنين ، وظاهرة التدخين في المجتمع السعودي ( دراسة ميدانية ) ، وظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي ( دراسة ميدانية ) ، وجائزة الشيخ سليمان العُمري للتفوق العلمي والعملي ، وقبل إعلان حالة النكد ( رؤى أفكار للمقبلين على الزواج من شباب وفتيات ) ، ومن الكتب كذلك : البيان في الدفاع عن القرآن ، و جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم عطاء ونماء ، و وثقافة الوقف في المجتمع السعودي بين التقليد ومتطلبات العصر ، والعنف في العمل الإسلامي ، وخطورة الإرهاب ومسؤولية الأمن الفكري ، والإسلام بين الوسطية والاعتدال على مدى الأزمان ، كما سلط الأستاذ العُمري في كتب أخرى الضوء على بعض القضايا التي نظرتها المحاكم في المملكة من خلال كتابين حملا عنواني : ( في أروقة المحاكم ، وحدث في المحكمة ) ، وأطلع القارئ أيضاً على بعض من قصص الذين أسلموا من أبناء الجاليات المقيمة في المملكة من خلال كتاب : ( أولئك رجال ونساء أسلموا ) .