تنقطع الحركة في الرمق الأخير من أيام الصيام في شوارع مدينة تبوك من بضعة فتية يجوبون الأرصفة الخالية ويتربصون بسائقي السيارات وباصات الأجرة وفي أيديهم أكياس تحوي تمرات معدودات وشربة ماء يسعفون بها من أدركه آذان مغرب يوم رمضاني ولم يعد بعد إلى بيته. إنهم يفطرون الصائمين في الشوارع وعلى قارعة الطرق , شباب وهبوا أنفسهم وأوقاتهم لإفطار الغير , هم يفطرون في الشوارع ويتغيبون مدة ثلاثين يوماً عن أهاليهم لنجدة صائم حال حائل بينه وبين وصوله إلى بيته وتنعمه بالإفطار مع أهله. موائد إفطار رمضانية متحركة ومتنقلة ، يلفت انتباهك إليهم أكياسهم الضخمة وملابسهم المتشابهة , يعترضون أعماق الازدحام في الطرق الرئيسة , صار المتسولون يعرفونهم ، في البدء توجسوا منهم لظنهم أن هؤلاء الشباب يقاسمونهم أرزاقهم ، لكنهم فيما بعد أدركوا أنهم مستفيدون هم أيضاً من خير وجود هؤلاء الفتية. أفكار أعمال الخير الرمضانية السنوية قد تكون متشابهة بين الكثير من الجمعيات والمؤسسات الناشطة في الشهر الكريم ، إلا أن فكرة كالتي نحن بصددها خيرها أعم، ونفعها أعظم ، وأجرها مدروك لا محالة «من فطر صائماً كان له مثل أجره.»