تعتبر أرض الحرمين الشريفين منذ إشراقة الدين الإسلامي الحنيف على تلك الأرض الطاهرة موئلاً للعطاء الإنساني الفياض، وواصل المجتمع السعودي في حراك مدني لافت حبه للخير ونشر ثقافة التعاضد في نسيج مجتمعي يتماهى مع قِيَم وموروثات راقية تعكس وعيًا وحضارة إنسانية تتسم بالتعاون والبذل. وعلى تلك الأسس انطلقت عشر فتيات ناشطات في منحى العمل الخيري بأوجه حديثة لتكوين بذرة "كلنا خير"، الجمعية التي اكتنفت الخير عنوانًا لنشاطها التوعوي والخيري منذ عام 2004م، وتجلّت أداءً باهرًا في مناشط اهتمت بالرعاية الأسرية والمحتاجين والتعليم للأيتام وبناء المساجد، وتخطت "كلنا خير" آفاق المأمول إلى ملامسة واقع عصري في المناشط الخيرية، فاهتمت سامقًا بنشر ثقافة العمل التطوعي، ونشر المفاهيم الصحيحة منهجيًا وعلميًا بصدد تلك الأطر، وتعدّى دور الجمعية حدود الوطن، لترسم لوحة باسمة في وجه الإنسانية في كل مكان، ولعل ما دعاني للكتابة عن جمعيات الخير مؤخرًا هو الحرص على أن تدعم هذه الجمعيات ماديًا وإعلاميًا، لأنها تقف على قواعد راسخة من الفكر والتوجُّه الرائع لمجاميع من الشباب؛ الذين نذروا وقتهم لفعل الخير وزرع البسمة على وجوه البؤساء والمعوزين، إنها برأيي رسالة ثقافية وإنسانية لفكرٍ نيِّر تجاوز العادة، ومُحقِّقًا العبادة والطاعة لله في صور من التلاحم والتراحم البهي. وفي سياق الحديث عن أهل الخير وتلك الجمعيات المدنية، شدّني خلال بحثي المستمر منارات التميّز والفضل "مركز الأميرة جواهر لمشاعل الخير"، الذي انطلق بأعمال ناجحة في الأعمال الخيرية عام 1429ه، مقدِّمًا جملة من النشاطات الثقافية التي خدمت الجنسين، بل إن المركز أضحى علامة فارقة في الإبهار المعرفي من خلال ندوات وملتقيات تتميّز بالتحضير العلمي، والاختيار الدقيق لعناوين العمل المدني برسم ثقافي يحمل الخير، ويُقدِّم المشاعل نورًا يضيء فضاءات الوطن بشخصياتٍ داعمة ومُؤثِّرة في ميادين العمل الإنساني بحُلل عصرية ترتقي بالإنسان، وتُشعره بسموّه في مجتمع أصيل ينعم بقيادة عظيمة قدمت للبشرية نماذج من الدعم في كل البلدان القريبة والبعيدة. كاتب بجريدة المدينة