هو ذلك المعجب بصورته، المخدوع بقوته، المغرور بمركزه، الموهوم المتوهم ؛ الذي يرى أنه ملك الذكاء والبيان، واستولى على السلطة والقرار، وحاز على المال والمكان، والشهرة والأضواء. ذلك الذي ينتقص الناس، وينظر إلى غيره بطرف عينه؛ فهو قائد بصير، ضابط كبير، عالم نحرير، طبيب ماهر، مثقف حاذق، وشاطر بارز؛ تفرّد بالمقدمة والصدارة، واستحوذ على عبارات الود والترحيب، ومعاملات التوقير والتقدير. إنه المختال المتكبر؛ الذي يعتقد أنه ملك العقل الحكيم، والفكر الثمين، والفعل السديد، بينما هو خاوي الروح، فاسد الذهن، مضطرب النفس، رديء السلوك، عنده لوثة ونرجسية؛ تدفعه إلى إكمال الوهن ، وتسديد النقص، ولفت النظر، وجذب الانتباه. فكم من مريض مأفون في مجتمعنا؛ أدمن الزهو والعجب، وانتهج التعالي والغرور ، غافلاً أن في ذلك إذلال لشخصه، وتضييع لدينه، وتلويث لسمعته، وإفساد لحياته. ليت هذا يقر بجهله، وضعفه، ونقصه، وسوء حاله ؛ وليته يدرك أنه لن يخرق الأرض، ولن يبلغ الجبال طولاً، وما مثله إلا كصاعد للجبل الشامخ؛ يرى الناس من قمته صغاراً؛ ولا يدري أنهم يرونه صغيراً. ألا يعلم هذا المغتر الممقوت؛ أصل خلقته ومبتداه، وماذا يحمل بين جنبيه، وماذا سيكون عليه بعد مماته ومنتهاه؟!، ورد في الحديث النبوي الشريف: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر )، وفي حديث آخر: ( يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان). إن الأصيل الكريم، صاحب المنبت الشريف، والفطرة الطيبة ؛ يكون هيناً ليّناً، ألفاً مألوفاً، تراه كالغصن المثمر؛ كلما ازداد من خير؛ تواضع وانحنى، وقد ورد عن رسولنا الحبيب عليه الصلاة والسلام: (وما تواضع أحد لله إلا رفعه). الغرور رزة النفس ما هو رأس مال التواضع يرفع الشخص ويزود قناه. والحياة أعمال وأفعال يتبعها انتقال ومن خسر دينه خسر كل شي بمنتهاه. فيا سعادة من تخلص من التكلسات؛ التي تسبب الورم في الرأس، والنخر في الكيان ، ويا نجاة من حمى نجاحه ، وحافظ على بنيانه من فيروسات الأنفة والفوقية ، والغطرسة والعنجهية، وكل الصفات السيئة، والخصال الرديئة، والذنوب العظيمة. د.عبدالله سافر الغامدي جده.