بدأ مسؤولون في "نزاهة" منذ فترة يجأرون بالشكوى من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع مفتشيهم عند زيارتهم لتلك الجهات بهدف التّحقق من شكاوى حول وجود فساد إداري أو مالي , وكانت تلك الشكوى والتذمر قد بدأتا همساً "وعلى خفيف" , ولكنها ما لبثت أن أصبحت معلنة عبر تصريحات صحفية كما حصل ونشر قبل عدة أيام في الصحف المحلية على لسان مسؤولين في نزاهة ! وبناء على ماذكر فإن من حق أي مواطن أن يتساءل عما ستؤول إليه أمور "نزاهة" ونزاهة نفسها إن ظل تعاملها مع الجهات الحكومية وفق ما صرحت به من شكوى وتذمر , وهل يمكن لها أن تكافح فساداً وصل إلى مسامعها وجوده وأرادت التّحقق منه إذا كانت بعض الجهات تسد على مفتشي نزاهة جميع "الزنقات" ! لقد ولدت النسخة السابقة من نزاهة قبل مايزيد عن نصف قرن تحت شعار "من أين لك هذا ؟ " , ثم وُئدت في مهدها للأسباب نفسها التي تشكو منها النسخة الجديدة التي سموها نزاهة فهل تصبح هي الأخرى موءودة بلا ذنب بعد فترة قصيرة من الزمن ؟ لقد فتحت ولادة "نزاهة" باب الأمل أمام المواطنين , في أن تكون ولادتها إيذاناً بمكافحة الفساد والقضاء عليه أو على الأقل التخفيف من شعوائه , فأخذوا يطرقون أبوابها مقدمين لها ما توفر لديهم من مستندات دامغة ووثائق ومحاضر رسمية تشير إلى وجود فساد يمارسه موظفون أو أعضاء في لجان , طالبين من "نزاهة" التحقق مما قدم لها من أوراق , فإذا تابعوا ماقدموه تأكد لديهم أن نزاهة حاولت القيام بواجبها الوطني , المنصوص عليه في نظامها الأساسي الصادر بمرسوم ملكي ولكن بعض الجهات المشكو من وجود فساد فيها , لا تتعاون معها أو تحاول لَيَّ أعناق الحقائق بإدعاء تهافت ما قدم لنزاهة من وثائق لأن "رأس السمكة فاسد" , وأن نزاهة قد تتخطى تلك العراقيل , وتحصل على مايؤكد وجود فساد فترفع أوراقها مكتملة ولكنها إما أن تقابل بالصمت المطبق أو تُعاد المعاملة بحجة عدم كفاية الأدلة أو تعاد بشرح يسبب الإحباط لنزاهة ولمن قدم لها الوثائق والمستندات , وفي هذه الحالة فقد يأتي اليوم الذي لن يطرق أحد باب نزاهة يأساً من إمكانية حصول إجراء قوى ضد الفساد , ويكون ذلك اليأس أعظم خدمة تقدم لعناصر الفساد المندسة في جوانح البلاد , فيهتف المجتمع قائلاً : ليت نزاهة لم تولد ! لقد صرح رئيس نزاهة قبل فترة أنه مستعد للإستقالة من عمله إذا شعر أنه لم يستطع القيام بالدور المنوط به خير قيام .. فهل لا زال لديه بقية من أمل ؟!