خبرٌ فرّق بين اثنين , هدم بيتاً , أوغر صدوراً , أفسد صداقة , أعمى بصيرة , أحزن حبيباً , أشعل نار فرقةٍ , عقّد خصومة , أضرمَ عداوةً , أجّجًّ غضباً , وفي الاخير يقولون : "الخبر ,,, إشاعة!". تشيع وتنتشر كشرارة النار في الهشيم , تبلغ الآفاق بين ساعة وضحاها , يعززها اليوم الاعلام الجديد تويتر , والواتس أب , ومنتديات النت خاصة , والمجالس عامة , وهو مصداق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن الرجل ليكذب الكذبة تبلغ الافاق". كم اشاعة فرّقت بين أزواج , وهدمت كيان أسرة, وأثارت ضغائن , وفرّقت بين أحباب وأصحاب , بل زلزلت دول , وفرّقت أوطان , وحرّضت على محن وبلابل. صاحب الاشاعة يلوك في المجالس بالقيل والقال , وكثرة السؤال , مطيته "زعم الناس" و"بئس مطية الرجل زعموا", ينسى أن أكثر ما يدخل النار "اللسان". إشاعته تمتد بلا حدود ولا قيود , يُثقل نفسه بسيئات لا تنقطع! هو من ".. شرّ الناس منزلة يوم القيامة" لأنه "..من تركه الناس اتّقاء شرّه" ومن : "من كثر كلامه كثر لغطه". بعض الناس يهبه الله لساناً وحسن بيان , فيصرفه لتركيب إشاعة وحبك كذب. تظهر الاشاعات في القلاقل والفتن , للإفساد ولمزيد الفوضى , وللحرب النفسية. مغزى الاشاعة: التشفي والشماتة , والانتقام والإضحاك , في الحديث "ويلٌ للذي يكذب ليضحك به القوم ويلٌ له ثم ويلٌ له..". الاشاعة كلمة تكبر حتى تنسج قصة , كدحرجة كرة الثلج. لك أن تتأمل بمَ تُملئ الاستراحات والمقاهي والأرصفة وبماذا تمرر المكالمات في الهواتف! إنه كلام! يا تُرى؟ أي كلام! مجالس الاشاعات معاطن خزي وعار , وفضائح ودمار نهايتها عذاب ونار. أما متلقي الاشاعة! فإن كان ضحّل العلم , خفيف العقل , تلقفها ثم نشرها بسرعة. وصفونا الغرب أننا ثرثارون متكلمون قليليّ العمل كثيري الكلام! تشاهد الغربي يستغل فراغه بالقراءة والاعمال , بينما العربي بالكلام والجدال! للأسف أصبح ميدان حديثنا إشاعة النقد اللاذع , والكلام الهادم , بسياط ضاربه , فقلّ التشجيع والثناء بل والدعاء. أنقصنا "صورة" أخلاق الاسلام الكاملة بممارساتنا الناقصة . منهج الاسلام تكذيب الاشاعات , بإحسان الظن وردّه , والتغافل والصفح , والعفو ممن تكلم بها وأن ندعو له بالهداية وأن نشيع الكلمة الطيبة والابتسامة الراسمة لما في قلوبنا من صدق ونزاهة وسلام. العاقل من كانت أعماله تغلب أقواله و تتحدث عنه , حتى يكون حديثً الناس لا الناسُ حديثه. ومن رمي بالإشاعة عليه أن يصبر ويحتسب , وقد أبتلي بيت أطهر البشر بالإشاعة الكاذبة حتى قال الله تعالى: " لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين". "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" وفي الحديث النبوي: " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ". "ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّابا". "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". "وكرِه لكم قِيلَ وقَال". " يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ". خالد بن محمد الشبانة