في القرن السادس الميلادي قدمت الصين للعالم مصطلح الاختبارات أو الامتحانات لقياس استيعاب المتلقي أو الطلبة للدروس التي تمنح في ذلك الوقت، وأسمتها الاختبارات الإمبراطورية، التي تشمل مواد الموسيقى والرماية والفروسية والحساب والكتابة وعلوم الشعائر والاحتفالات للأحزاب الخاصة والعامة ومجالات إستراتيجيات الجيش والقانون المدني والإيرادات والضرائب والزراعة والجغرافيا. واقتفى العالم آثار الاختبارات بعد الثورة الصينية، فبدأ في تأسيس عملية قياس الاستيعاب، سواء لدور التعليم أو دور العبادة أو دور الهندسة والعمارة. وعلى أرض الجزيرة العربية ولد أول نظام للاختبارات في المدرسة «الصولتية» في مكةالمكرمة، التي تأسست قبل 146 عاماً، من خلال مبادرة شخصية لمؤسسها الأول الشيخ محمد، وكانت تهتم بتحفيظ القرآن وتجويده وتعليم المبادئ الأولية في كتب الشريعة. وبدأت الاختبارات فعليا في المملكة مع انطلاقة التعليم عام 1344، وطورت تقنياتها وأصبحت على أشكال متعددة، ولكن تقنية القلم والورقة (الاختبار الكتابي) لا تزال السائدة لتقييم الطالب، على رغم وجود العديد من التقنيات. وفيما بدأ الأحد الماضي مليونان و600 ألف طالب وطالبة في المرحلتين المتوسطة والثانوية من مدارس التعليم العام الحكومي والأهلي أداء اختبارات نهاية الفصل الدراسي الماضي (الأول) لا تزال أجواء الاختبارات تشكل رهبة كبيرة لديهم، على رغم المحاولات لتخفيف درجة القلق تجاهها، إلا أن مسماها يظل مخيفاً ومقلقاً، بسبب ما تسببه من قلق على مستقبل الأبناء، حتى أصبحت كابوساً مخيفاً ليس على الدارسين فحسب بل امتد لأسرهم أيضاً. ووسط أجواء الرهبة أطلت وزارة التعليم برؤيتها وعزت أخيرا تدني نتائج التحصيل للطالبات والطلاب بسبب أسئلة الاختبارات النهائية وطريقة إعدادها، وغياب تطبيق جدول المواصفات فيها. ولعل أبرز الإشكالات الغموض الذي يكتنف الأسئلة في الاختبارات النهائية التي يضعها المعلمون بعيداً عن جدول المواصفات الذي يشمل التحليل والتفكير وتغطية كامل المنهج الدراسي، وغياب دور الوزارة في مراجعة تلك الأسئلة وتقويمها لتعود على المعلم بالتغذية الراجعة، إضافة إلى ضرورة وضع حلول لإيقاف انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية والملخصات، التي أدت لتراجع مستوى التحصيل لدى الطلاب، وحالت دون تحقيق أهداف السياسة التعليمية التي بني على أساسها الكتاب المدرسي. واليوم يعول العاملون في الميدان التربوي على وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى في حل تلك الإشكالية التي أضرت كثيرا بمستوى الطالب وتسببت في مخرج تعليمي ضعيف . بقلم مشعل بن سيف الشهراني معلم وباحث في الإدارة التربوية بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز بالخرج