تحمل فترة الاختبارات وأداؤها كثيرا من المفارقات والغرائب التي يقوم بها الطلاب سواء بصورة عفوية أو من خلال سلوكيات يفترضون معها التخفيف من حدة أجواء الفترة والتقليل من ضغوطها. من جانب آخر تقوم بعض المدارس ببعض الإجراءات التي تتفاعل مع مستجدات الفترة سعيا منها لامتصاص الضغط وتقليل الرهبة أو تحقيق نوع من الرفاهية التي تتناغم مع سلوكيات الطلاب، سلبا أو إيجابا، في إطار نفسي علمي أو إرشادي وتوجيهي يستوعب مظاهر الفوضى والشغب التي تبدر من بعض الطلاب. جدة، مكةالمكرمة. عثمان هادي وعلي بن حاجب وحامد القرشي وذيب الروقي وفواز العبدلي بعض المدارس شهدت تطبيق أنظمة جديدة على سبيل التجربة وهي أنظمة تعمل في مسارين أولهما أكاديمي.. وثانيهما تربوي. إدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة وضعت ترتيبات واستعدادات لتنظيم سير الاختبارات وضبطها منذ وقت مبكر.. خاصة أنها طبقت هذا العام النظام المركزي في المرحلة المتوسطة مع انطلاقة بداية اختبارات الفصل الدراسي الثاني، حيث توجه أكثر من 260 ألف طالب وطالبة إلى قاعات الاختبارات من المرحلتين المتوسطة والثانوية لأداء الاختبارات. وقد بذل التربويون جهدا كبيرا في تبسيط الفترة من أجل أن يتعامل معها الطلاب دون رهبة، وتهيئتهم للتعامل معها في إطارها الطبيعي، واعتبر المدير العام للتربية والتعليم عبدالله بن أحمد الثقفي أن الاختبارات ليست سوى وسيلة قياس لتحصيلهم العلمي وتأكيد تميزهم وما تم اكتسابه من خبرات ومعارف. من جانب آخر أكدت مساعدة المدير العام للشؤون التعليمية للبنات الدكتورة سامية بن لادن أن الاختبارات سبقتها ورش عمل واجتماعات لمديرات المدارس والمشرفات لشرح آلية النظام المركزي، إلى جانب تدريب مكثف لمدخلات البيانات وتزويد المشرفة المقيمة بحقيبة إلكترونية تتضمن شرح المهام المزمنة، إضافة إلى دليل تنظيم الاختبارات. توقيعات كرتونية من السلوكيات التفاعلية مع فترة الاختبارات والعصف الذي يحدث بها، ما ابتكره العديد من طلاب مدارس جدة، لتوقيعات خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، تدعو إلى المثابرة والمذاكرة وطلب الدعاء من الآخرين بالتوفيق والنجاح. وتخلى بعض هؤلاء الطلاب عن الإنترنت والدخول إلى المنتديات و«فيس بوك» رغبة منهم في التفرغ التام للاختبارات التي تعد المحك الخطير لكثير منهم، وحملت تلك التوقيعات عبارات ورسومات كارتونية توحي أن الطالب «مشغول الآن» وسيعود بعد انتهاء الاختبارات، وجاء في بعضها «BRB اختبارات، بتوحشوني كلكم يا حبايبي، BRB عندي اختبار، أوووف بدأت الاختبارات، باااي أشوفكم بعد الاختبارات، من طلب العلا سهر الليالي» وتضاف إلى هذه العبارات رسوم كارتونية بعضها حزين وآخر يبكي، والبعض منها تظهر تركيزا شديدا في عملية المذاكرة. فلة ووناسة ولم يستغن بعض الطلاب عن الدخول إلى الإنترنت من أجل أخذ فسحة من الوقت للترويح والخروج من أجواء الاختبارات، وفي بعض الأحيان لتفريغ الكبت أو حالة الحزن التي يعانيها من خلال بعض العبارات التي يدونها ويشاركه فيها زملاؤه وأصدقاؤه بالمواساة، وقد استخدم هؤلاء الأشخاص صورا رمزية تعبر عن حالتهم في الاختبارات، وقد وضعوها على صفحاتهم بال«فيس بوك» أو استخدمها بعضهم في الماسنجر والمنتديات. يقول فهد صالح، عضو ناشط بالمنتديات الإلكترونية، إن أجواء الاختبارات تفسد على الشخص «الفلة والوناسة» التي كان يعيشها طوال العام، إلا أنه لم يستسلم لهذه الأجواء فأحب أن يصنع لنفسه رموزا وتوقيعات تؤانسه فترة الاختبارات «وضعت لنفسي بعض الرموز التي تعبر عن حالتي هذه الفترة» مشيرا إلى أن «هذه الرموز تخرجني نوعا ما من الجو الممل الذي أعيشه، وأحاول أن أجعل منها متنفسا تشعرني بالحماسة أكثر». دلال وإخفاق بعض المدارس تتمادى في تدليل الطلاب قبيل الاختبارات ما ينعكس سلبا على أدائهم بالاختبارات، ذلك ما يقوله موفق ناشي، ويشير إلى أن ذلك يتم بتركهم يتغيبون قبيل تخليص المناهج والمواد «هذا برأيي أحمله المدارس في المقام الأول كونها تتجاهل غياب بعض الطلاب ويفترض أن تعاقبهم بعدم دخول الاختبارات»، موضحا أن استعدادهم لا يختلف عن الأعوام الماضية كونهم يشعرون بالرهبة والقلق ولا توجد تهيئة نفسية من المدارس أو الأسر، فالمدارس لا تجيد سوى توزيع الجداول، وتكتب في الأسفل حافظوا على الحضور مبكرا، وجلب قلمين للاحتياط وما شابه ذلك من نصائح لا أعتقد أنها مهمة بقدر أهمية تهيئة الطالب من حيث تخصيص حصص قبيل الاختبارات لدعم الطلاب نفسيا. على قلبي ويوافقه رياض العتيبي بأن «بعض المعلمين ومديري المدارس يتسببون في دخولنا الاختبارات وكأننا في حرب» ويؤكد أنه من الطلاب الذين لم يحضروا سوى آخر أسبوعين قبيل الاختبارات، ويبرر الغياب «لم نجد ما يجعلنا نحرص على الدوام، فأغلبية المدارس تفتقد للتشديد وقوة الشخصية، والاختبارات تحتاج إلى طالب قلبه قوي ويمتلك فكرا لا يتوقف وشعورا واثقا، وهذا ما أفتقده حيث إنني أدخل الاختبارات ويدي على قلبي». ويؤكد ماجد الزهراني أن «الاختبارات كابوس مخيف لكل الطلاب لدرجة أنني أتحدى إن كان هناك طالب ينام ليلة الاختبار ما لم يكن إحساسه باردا أو أنه مرهق، ففي ليلة الاختبارات أشعر بالأرق ولا أتذوق الراحة إلا بعد أن أدرك أنني تجاوزت الاختبار بشكل جيد» ويرى أن ذلك يعود إلى أن بعض الأسر لا تزال تستخدم مع الطلاب الطرق التقليدية والمستهلكة التي تسهم في زرع الرعب، فلا توجد تهيئة نفسية تجعلنا ندلف للاختبارات بروح عالية وواثقة. الروح المعنوية بعض أولياء الأمور يخطئون من حيث لا يدرون في تقدير وتقييم الفترة وتهيئة أبنائهم لها، وقد يسلكون طريقا طويلا لتهيئة الأجواء فيما هناك طرق أقصر وأقل تعقيدا. عبدالله الزامل، ولي أمر يقول إنه يحاول بقدر الإمكان أن يوفر لأشقائه أو أبنائه أجواء ترفيهية قبيل الاختبارات تساعدهم على إزالة الرهبة التي تسببها الاختبارات، ومن بين ذلك حرمانهم من بعض الأمور الترفيهية كالنت والبلايستيشن ولعب الكرة، ولكن دون أن يؤثر ذلك في الوقت المخصص للاستذكار والمراجعة، مشيرا إلى أنه يحرص على تذكير أشقائه بالمذاكرة، ولكن دون التشديد لكيلا ينعكس ذلك سلبا من حيث المذاكرة دون نفس «دور الأسرة يركز على الروح المعنوية وتوفير أجواء مناسبة للمذاكرة مع المتابعة مع المدرسة». رفع التحصيل وينفي عبدالرحمن الغامدي، مدير مدرسة أن تضطر المدارس لرفع معدلات تحصيل الطلاب في حالة ارتفاع نسب الفشل، كون هناك موجهون ومتابعة من قبل إدارات التربية والتعليم ولا يمكن مكافأة الطالب الذي لا يجتهد أو يثابر بالمساهمة في نجاحه وهو غير جدير بذلك، مشيرا إلى أنه في حالة القيام بذلك يعطي الطلاب تخديرا وإهمالا في المراحل الدراسية القادمة بمعنى أن طالبا في الثاني الثانوي حين يتجاوز المرحلة وهو لا يستحق ذلك قد يهمل نفسه في المرحلة القادمة ويدخل المرحلة وهو ضامن النجاح دون جد وجهد، مؤكدا أن مديري المدارس والمعلمين لا يمكن أن يساعدوا الطلاب على الإهمال. وعن أبرز المشكلات التي تعانيها المدارس من الطلاب خلال الفترة «الغياب عن الاختبارات والتأخير وحضور بعض الطلاب بالبراشيم، وفي حالة عدم توفق الطالب في الإجابات يتعرض بعض المعلمين للمشادات الكلامية مع بعض الطلاب، وليس ذلك فحسب بل تحدث إشكاليات أخرى خارج المدرسة كالمضاربات والمشاجرات والتفحيط وغيرها من المشكلات التي نتمنى أن يتجنبها طلابنا. الجوف تحسم طلابها وفي خطوة غير مسبوقة، لضبط أي سلوكيات لا تستقيم مع الفترة، ابتكرت إحدى المدارس الثانوية بمنطقة الجوف تنظيما حديثا أكسبها خلو أروقتها من أية سلوكيات مصاحبة للاختبارات ببثها روح التنافس بين صفوف طلاب عبر ترقيمها لجان الاختبارات بأسماء ملوك وأمراء المملكة بدءا من المؤسس الملك عبدالعزيز «رحمه الله» مرورا بالملك عبدالله، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني إضافة إلى تسمية قاعتي اختبارات طلاب المنازل بعاصمتي المملكة الإدارية الرياض، والدينية مكةالمكرمة. ووصف مدير مدرسة جابر بن حيان الثانوية حاكم بن مناحي الرويلي هذا التنظيم الجديد بالنقلة التربوية الحديثة ليرسخ في أذهان الطلاب ملوكهم وأمراءهم بعيدا عن المواد النظرية، وواقعا يلتمسه الطالب أثناء دخوله اللجنة الاختبارية التي يتبع لها. وأشار مدير المدرسة إلى أن تلك الخطوة بثت في نفوس طلاب المدرسة روح التنافس، وحرص كل منهم على الظهور بالمظهر المشرف والتقيد بالهدوء طيلة مكوثهم بلجان الاختبارات، حيث تم رصد جائزة لأفضل لجنة اختبارات طلابية سيتم إعلانها مع إعلان النتائج النهائية للاختبارات. زيدان يقتحم مدارس مكة من الجديد في اختبارات العام، ما طبقته مدارس منطقة مكةالمكرمة لنظام التصحيح الآلي لأوراق إجابات الطلاب، أو ما يعرف بنظام الاختبارات التحصيلية، من خلال جهاز «زيدان» الذي يفرض على الطالب المختبر الإجابة عن السؤال بالتظليل على الورقة الخاصة بحيث يمكن للآلة قراءة التظليل لتصحيح الأوراق ونقل المعلومات من خلال الباركود الموجود على جانب الورقة، حيث ينقل الدرجات واسم الطالب ورقم الجلوس ورقم السجل المدني. كما يمكن ل«زيدان» أن يصحح أكثر من 700 طالب في أقل من ساعة تقريبا، إضافة إلى أنه يوفر ويسهل كثيرا من الوقت والجهد على المعلم في عملية تصحيح أوراق الإجابة الخاصة بالطلاب، وذكرت إحدى الإحصاءات لتطبيقه في إحدى المدارس على نموذجين؛ قديم يعمل على الأجهزة القديمة وحديث للجهاز الجديد اتضح أنه يصحح 120 ورقة في أقل من ثلاث دقائق .