إحصائيات مقلقة تؤكد بأنه مع مرور كل ساعة هناك خمس حالات طلاق أو خلع أوفسخ لعقد نكاح في المملكة، أي أن هناك خمس أسر تتفكك وتتحطم أسوارها، وقد يترتب على ذلك تبعات يدفع ضريبها الأبناء، وهم مستقبل وطننا الطموح ووقوده الحقيقي نحو التقدم. فرض برامج تأهيلية للمقبلين على الزواج قد يمثل حلاً لهذه المعضلة، إذ إن معدلات الانفصال العالية تكشف بوضوح عن أزمة وعي وعدم قدرة على تحمل المسؤولية وسوء تعامل مع المشكلات الزوجية. من شأن تلك البرامج أن تثقف الأزواج وتعطيهم حلولاً أخرى تحافظ على ترابط الأسرة، التي متى ما استقرت ونجحت في تماسكها أنتجت أجيالا أكثر اتزانًا نفسيًا وقدرة على الإنتاج والإنجاز. المؤسف أن كثيرًا من الشباب والفتيات يجهلون القيمة السامية في فكرة تكوين أسرة، ويمضون نحو إتمام زواجهم دون أهداف أساسية تمثل دعامة ضد أي خلافات عابرة فيما بينهم، وهم لا يدركون أن الارتباط الأسري ليس مجرد علاقة عابرة بين الذكر والأنثى، وإنما هو حالة تفرض التضحيات والتنازلات من الجانبين في ظل وجود الحب والانسجام. ولعل حالات الانفصال المرتفعة تطرح تساؤلاً هامًا حول دور لجان إصلاح ذات البين داخل المحاكم، إذ إن دورها لا يقف عند مستوى سرد الأدلة الدينية الكارهة لتقويض الكيان الأسري، وإنما لا بد من تلمس جذور المشكلات، والعمل على تحفيز الطرفين لتجاوزها، ومنحهما مهلة للمراجعة والتفكير والاستشارة، ولا مانع من اعتمادها على متخصصين في مجالات دقيقة في علم الاجتماع وعلم النفس، لتقديم إرشادات ذات فاعلية أكبر. ولا يمكننا أن نغفل دور المؤسسات التعليمية في إنتاج جيل يحترم الروابط الأسرية، وجدير بأن نطرح على وزارة التعليم مقترح إقامة برنامج تثقيفي ولو لمرة واحدة في كل فصل دراسي، لتوعية الجيل الشاب في كيفية التعامل مع الجنس الآخر، وتفهم اختلاف أنماط التفكير، وتعليمهم آلية معالجة المشكلات عبر تنمية تفكيرهم بطريقة ناقدة إبداعية، لتأهيلهم منذ وقت مبكر لا تزال فيه عقولهم قابلة للاستيعاب. الحقيقة أنه لا مبرر لصمتنا عن تزايد أعداد الأسر المنفصلة، فهي تشكل تهديدا حقيقيًا لتماسك المجتمعات وتطورها في الأصعدة كافّة، ومن الضروري أن تضطلع جميع مؤسسات المجتمع المدني كل في مجاله لتشريح هذه الأزمة، وإيجاد حلول عاجلة تتصدى لهذه الظاهرة المتفاقمة، فهذه مسؤولية وطنية من شأنها أن تزيد من لحمة مجتمعنا وتحفظ أمنه واستقراره.