إن لتواصل الناس وتعارفهم أعظم الأثر فيهم، وفي الحياة بشكل عام، حيث إنّ تعرُّف الناس على بعضهم البعض يُسهم في إدخال الطمأنينة إلى نفوسهم؛ ذلك أنّ الإنسان يخاف عادة مما لا يعرفه، أو من المجهول، ومن هنا فإن اقتراب الإنسان من أخيه الإنسان يبطل كل المخاوف، والتوهُّمات التي كان يحملها في عقله والمتعلقة بالآخر المجهول، إلى جانب ذلك يسهم تواصل الناس مع بعضهم البعض وتعرُّفهم على بعضهم البعض في نشر المعرفة بينهم، وعدم جعلها حِكراً على فئة معينة من الناس. كما إن التواصل والتعارف بين الناس يعمل بشكل كبير على تعريف الأقوياء الذين يملكون قدراً عالياً من الإنسانية بإخوانهم الضعفاء، مما يجعلهم يُقبِلون على مساعدتهم، والأخذ بأيديهم، والمساهمة في حلِّ مشكلاتهم المختلفة التي يعانون منها. إضافة إلى ذلك فإن تلاقي الناس يجعلهم أكثر ميلاً نحو أن يكونوا يداً واحداً في وجه شتى أنواع التحدِّيات التي تواجههم في حياتهم، وأن التواصل والتعارف هما من أهم الوسائل التي قد تُخفف من حجم المشكلات المختلفة الناتجة عن داء التعصُّب، وذلك من خلال التعرف على وجهة نظر الإنسان المُخالف، وتفهُّمها، وهذا كله يقود إلى إبعاد الخصومات، وينشر المحبة ويوحد القلوب والآراء والناس.في سبيل تحقيق وحدة إنسانية حقيقية. لكن رغم كل هذه الفوائد الدينية والاجتماعية والثقافية والنفسية وغيرها من فوائد التواصل والتعارف، لا نزال وللأسف في مناسباتنا الاجتماعية وخاصة مناسبة الأعراس مقصرين في استثمارها في التعارف بالشكل المطلوب؛ ندخل ونخرج ما عرفنا إلا يمكن واحد أو اثنان، وأحيانا يجلس بجانبنا قريب لنا ولا نحاول حتى نتواصل معه ونتعرف عليه؛ كل مشغول بجواله أو الحديث مع من يعرف فقط. ولا شك أن هذه عادات سيئة جدا علينا التخلص منها ونبذها، والدعوة إلى التعارف والتعريف بالنفس وبالناس في مثل هذه المناسبات، امتثالا لقوله تعالى: وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم .