تُعرف السرقة على أنّها ملك غير شرعي لأشياء لم تكن من نصيبك، وقد لا يتوقف هذا التعريف على أخذ الأموال؛ فهناك من يسرق القلوب، وهذه السرقة أقسى الجرائم، وعقوبتها العذاب الشاق، والموت البطيء للمسروق!. هناك أرواح يسكنها الجمال، تأسرك حتى تتمنى أن تتعرف على أصحابها، وما تلبث حتى تصطدم بالواقع المر؛ لا يمكنك الوصول إلى ذلك الشخص، حين يرحل وقد ترك خلفه ثورة في الوجدان وقلبا قد سُرِق، وحين يبهرنا أحدهم بشكل يجعل القلوب تهفو إليه، فهو يسرقنا وإن لم يرد ذلك!، وطالما مرت بنا الوجوه وخطفتنا، وأخذت منا القلوب والأبصار. قلوب الرجال قلوب الرجال يحرسها مخبرون سريون، جندهم الخوف من بنات العصر، ويقابل ذلك فتيات صيّادات بذكائهن يصبن الهدف بدقة تامة، حيث تجر إحداهن الرجل إلى شباك غرامها، حتى إذا أسقطته تمنعت عنه؛ لتزيد عواطفه اشتعالاً، وتؤججها بالغنج والدلال، فيقع المحرومون في شباكهن، وقد يتحسر أحدهم على أنّه تزوج ممن لا تملك مثل أنوثتهن!. وهناك رجل تسرق قلبه وتجذبه المرأة بهدوئها وحسن أخلاقها، وكل الصفات التي يتمناها في سيدة أحلامه، فيتعلق بها أشد التعلق، ويسارع لتلبية طلباتها على الرغم من أنّها غريبة عنه، ولكنّه وجد الحب والحنان لديها، فأصبح كالطفل يحن لحنان أمه، ويحرص كل الحرص على الزواج بها، حتى ولو كان متزوجاً. وهناك فتيات يسعين لخطف قلوب الرجال في الأماكن العامة؛ لما يجدن من بعض المتزوجين من القبول والترحيب بتلك العلاقة، خاصةً من هم في مرحلة المراهقة المتأخرة، حيث يجدون في خيالهن الخصب مساحة رحبة لمشاعرهم المتأججة، فيغدقن عليهم بسعادة مؤقتة، حتى يمتلكن قلوبهم وأحاسيسهم ومشاعرهم، وكل ذلك ليختبرن مدى جاذبيتهن، وبعد أن يتسلين يتركن كل ما فعلنه ويرحلن!. خيانة القلب إذن؛ ذلك القلب الذي بين ضلوع الرجل، يخونه مرة ليقع أسير هوى الحب، فينجرف خلفه، وهو يعيش لحظات الرومانسية التي رسمها في عقله الباطن، ومن حقه أن يعيش كيفما أراد، ومن حقه أن يتعلق قلبه بمن سلبت عقله وكيانه، وهي من استطاعت الاستماع إليه بإنصات شديد واهتمت بمشاعره وبمناسباته الاجتماعية، تلك التي تقدم له أرق الهدايا، فتجعل قلبه يطير فرحاً كالطفل الصغير، وتجدها بقربه في حزنه، وتخفف عنه كل ضيق وألم، بابتسامتها الجميلة، وحنانها الذي تغمره به، حتى ينسى هموم الدنيا، ويشعر أنّ الدنيا ما زالت بخير. حبك محفور في قلبي منذ الصغر الرجل المتزوج المرأة التي سيطرت على كيان رجل وعقله وقلبه أليست جديرة بأن يتزوجها وإن كان متزوجاً؟، بعدما تعلق قلبه بها لتصبح زوجة شرعية له، فهو يريدها ويرغب بها ولكن كيف السبيل إليها؟، وعلى حساب من؟، ولماذا كثرت القصص عن تلك المرأة المجهولة في حياة كل زوج؟، ومالذي قاد الزوج أن يبحث لها عن مكان في حياته، لتزاحم قلبه مع زوجته وأطفاله؟، ومن هي تلك المرأة التي أصبحت خطراً على امرأة مثلها؟، ولمَ أصلاً كل هذه المنافسة على قلب الرجل المتزوج؟. تملك القلب وذكرت "سهام عسيري" -موظفة بنك- أنّ الاقتراب من الآخرين وحاله التعارف الإنساني والعلاقات الانسانية؛ تدخل الفرد في حالة من الإبهار والتطلع للوصول إلى هذه الشخصية التي تتميز بصفات مبهرة، سواءً في الشكل أو المظهر أو في الشخصية ذاتها؛ مما يجعلها تسرق القلوب، وهذه الألفة الإنسانية التي أكدتها الشريعة الإسلامية في التأليف بين القلوب، والتي تعتبر من الأمور التي لا ترتبط بإرادة الانسان. وأوضح "علي العمري" - معلم مدرسة - أنّ المشكلة لدى العديد من السيدات تكمن في حرصها على العلاقة مع زوجها، وأن لا يحتك بأي امرأة حتى لا تسرق قلبه، ويصبح هذا القلب ملكاً لامرأة أخرى، مضيفاً: "للأسف تركّز العديد من السيدات على حالة الرقابة على الرجل، خوفاً من سرقه قلبه من قبل امرأة أخرى، أكثر من تركيزها على أن تكون هي السارقة، التي تشغل باله باهتمامها، وعطفها، وحنانها عليه، بدلاً من تهديده بعدم الزواج أو النظر إلى امرأة غيرها". سرقة خفية وبيّنت "علياء القحطاني" أنّ المشاعر والقلوب أصلاً ليست ملكاً لأصحابها، فقد خلق الله الذات الإنسانية راغبة بالتجديد، وشغوفة بالمشاعر الإنسانية الصادقة والجاذبة للرجال وللسيدات على حد سواء، فسرقة القلوب هي سرقه خفية لا يمكن حصر كمية ولا نسبة المسروقات فيها، ولكن تظهر كثيراً في حالات الحب عندما يصبح الانسان أسيراً لشعوره بالانجذاب تجاه طرف آخر، معتبرةً أنّها حالةً لا إرادية، قد يتعرض لها أي إنسان نتيجة وقوعه تحت تأثير صادق، وعند شعوره بالاحتياج للحظة حب وحنان، فيمكن أن يترك لقلبه العنان ليعيش مشاعر معينة، من دون السيطرة عليه، موضحةً أنّ العرب من أكثر المجتمعات عاطفة، ولكنهم ينتقدونها في العلن، ويبحث عنها ويركض خلفها سراً. احتياج الحب وقال "علي أبو حكمة" -أخصائي نفسي-:"التلاقي الوجداني هو حالة إنسانية يمر بها الشخص، والظروف المحيطة تعتبر من أهم المسببات لشعور الإنسان بالاحتياج للحب والبحث عنه، كما تتأثر الذات الانسانية بالأشخاص وبرؤيتهم وبالبيئة المحيطة، خاصةً عندما يفتقر الإنسان في حياته الشخصية إلى المشاعر، ويعيش في حالة من التصحر، وأن يملأ حياته بالعمل وفجأة يبدأ في مراجعة ظروفه، ليكتشف أنّه لم يعش على مستوى الشعور، فيبدأ بالبحث عن مسوغات الحياة العاطفية، ويبحث عن إرضاء قلبه، وهذا ما يميز الإنسان بإنسانيته ومشاعره، التي يجب أن يكون قادراً على السيطرة عليها بالعقل، وأن يلجمها بالتفكير، والتدبر، والوعي، حتى يحافظ على هذه المشاعر في إطارها السليم".