قد يكون هذا العنوان صادماً للبعض ، صادماً من عدة نواحي .. هناك من سيقول هل تشكك في صحة صحيح البخاري ! وهناك من سيقول هل أخرج البخاري أصلاً 600 ألف حديث وفي 16 سنة !؟ جواب السؤال الأول هو أنني لا أشكك إطلاقاً بصحيح البخاري بل على العكس ، سأفند رأي كل من يشكك بذلك . أما جواب السؤال الثاني هو صلب هذا الموضوع وسأوضح ذلك بالتفاصيل : دعونا نقوم بعملية رياضية بسيطة .. 600 ألف حديث ÷ 16 سنة ÷ 365 يوم (عدد أيام السنة) = 102 حديث في اليوم 102 حديث في اليوم ÷ 24 ساعة = 4.2 أي تقريباً كل ربع ساعة يخرج حديث ، وهذا منطقياً غير مقبول وغير منطقي . فالإنسان يومياً سينام من 4 – 5 ساعات يومياً على الأقل بالإضافة إلى الأكل والشرب والقراءة والبحث ، علاوة على السفر الذي كان يستغرق عدة أيام في ذلك الوقت . هذا الكلام أعلاه هو الشبهة على صحيح البخاري والذي تناقلوه الناس بشكل رهيب ودون علم ويقين . والهدف منه لا شك ليس الإطاحة بثقة الناس في الإمام البخاري بل التشكيك في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي إقصاء ثاني أهم تشريع في الدين الإسلامي بعد القرآن الكريم . لو أخذنا على سبيل المثال حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه : ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) سنجد أن من رواه عن أبي هريرة عدة صحابة وهؤلاء الصحابة رووه عنهم صحابة آخرين ثم تابعين ثم تابعي التابعين وهكذا ، وبهذا يكون كل رواية حديث لقول واحد للنبي صلى الله عليه وسلم يسمى حديث . أي أننا ربما نجد 100 حديث بمسمى المحدثين لقول واحد فقط للنبي صلى الله عليه وسلم . لذلك لو جمعت كل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة والضعيفة والمكذوبة مستحيل أن تجد 600 ألف (قول) للنبي صلى الله عليه وسلم . السؤال الأهم هنا .. لماذا اختزل أصحاب هذه الشبهة بأن الإمام البخاري بدأ بجمع صحيحه في 16 سنة ؟ ماذا كان يفعل إذن قبل هذه الستة عشر سنة الذي جمع فيها صحيحه !؟ الإمام محمد إسماعيل البخاري ولد سنة 194 للهجرة ، وتوفي سنة 265 للهجرة وتوفي وعمره 62 سنة، هل يعقل أنه بدأ في جمع صحيحه وعمره 46 سنة مثلاً !؟ . هل كان يلعب ويلهو مثلاً عندما كَبُر قرر فجأة أن يجمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم !؟ ألم يكن يدرس في الصغر ويتعلم وحفظ القرآن وحفظ الأحاديث وأسانيدها ومتونها ؟ ولمن لا يعلم ، الإمام البخاري قبل أن يجمع صحيحه ألف مجلداً من 9 أجزاء اسمه (التاريخ الكبير) حيث يحتوي على دراسة كاملة عن كل رواة الحديث أين ولدوا وكيف هي بيئتهم وأين تعلموا وعلى يد من تعلموا ، ومن الذي لازم النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من الآخر وما هو تسلسل الحقب الزمنية لهم ومن جاء بعد من وهل تغير أحد منهم في طباعه أو في دينه وارتد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. الخ . ففصل فيهم بشكل كبير جداً ثم فرز منهم الرواة الثقات ثم جمع بعدها صحيحه (صحيح البخاري) . ومع ذلك ومع هذه الدراسة المستفيضة كلها كان يغتسل ويستخير قبل توثيق أي حديث . بالإضافة إلى أنه في أثناء دراسته مر على الإمام البخاري الكثير من الأحاديث المكررة والمكذوبة والموضوعة مما سهل عليه استبعادها مباشرة قبل جمع صحيحه . ختاماً : أتمنى أن أكون قد وفقت في موضوعي هذا وأختم وأقول : إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني فكم من زلة في البرايا وأنت علي ذو فضل ومني يظن الناس بي خيراً وإني لشر الناس إن لم تعف عني هشام الجطيل كاتب وباحث سعودي