تتجه أنظار المسلمين الجمعة المقبلة إلى رحاب بيت الله الحرام، حيث ستبدأ مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة عقب صلاة الفجر بالكسوة الجديدة، بإشراف مدير عام مصنع كسوة الكعبة المشرفة بمكة المكرمة الدكتور محمد باجودة، بحضور عدد من منسوبي رئاسة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ووكيل المصنع ومدير الإنتاج، بقيام 86 شخصًا من العمالة والفنيين والصناع بعملية الاستبدال، وذلك جرياً على عادة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في مثل هذا اليوم من كل عام. ويعود هذا التقليد إلى عصر ما قبل الإسلام، حيث تعد كسوة الكعبة المشرفة من أهم مظاهر الاهتمام بها، والتشريف والتبجيل لبيت الله الحرام. وأوضح باجودة، أن تقليد الكسوة يتم مع بداية شهر ذي الحجة من كل عام، حيث يتم تسليم كبير سدَنة الكعبة الكسوة الجديدة، في مراسم تليق بهذا الحدث الإسلامي الرفيع، ليتم في فجر يوم التاسع من شهر ذي الحجة إنزال الكسوة القديمة وإبدالها بالكسوة الجديدة، حيث يستمر العمل فيها حتى صلاة العصر من اليوم ذاته، مبيناً أن الكسوة القديمة تعود إلى مستودع المصنع للاحتفاظ بها. ولفت النظر إلى أنه يعمل في مصنع الكسوة الكعبة المشرفة أكثر من 240 صانعاً وإدارياً، موزعين في أقسام المصنع المزودة بآلات حديثة ومتطورة في عمليات الصباغة والنسج والطباعة والتطريز والخياطة، والمكونة أقسامه من: الحزام، وخياطة الثوب، والمصبغة، والطباعة، والنسيج الآلي واليدوي، وتجميع الكسوة، إلى جانب أكبر مكنة خياطة في العالم من ناحية الطول، حيث يبلغ طولها 16 متراً، وتعمل بنظام الحاسب الآلي، كما أن هناك بعض الأقسام المساندة من المختبر والخدمات الإدارية والصحية للعاملين بالمصنع، مشيراً إلى أن تكلفة صناعة الكسوة تقدر بأكثر من 22 مليون ريال سنوياً، شاملة المواد المستهلكة وأجور العاملين، لافتا الانتباه إلى أن الكسوة تستهلك نحو 700 كيلوجرامًا من الحرير الخام، الذي تتم صباغته داخل المصنع باللون الأسود و120 كيلوجراماً من أسلاك الفضة والذهب المبطنة بقماش من القطن الأبيض المتين. وأفاد باجودة أنه يستخدم خلال استبدال الكسوة سلم كهربائي يثبت على قطع الكسوة القديمة من على واجهاتها الأربع، ثم تثبت القطع في 47 عروة معدنية موجودة في كل جانب، ومثبته في سطح، ليتم على إثرها فك حبال الكسوة القديمة وتقع مكانها الكسوة الجديدة، مبيناً أن الفنيين في المصنع يتولون وزن قطع الكسوة، إضافة إلى تثبيت قطع الحزام فوق الكسوة في أربع قطع ومجموعها 16 قطعة، بما يوازي نحو 47 متراً، وست قطع تحت الحزام، وقطعة إهداء خادم الحرمين الشريفين للكسوة وسنة الصنع، ومن ثم يتم تثبيت أربع قطع صمدية كتب عليها قوله تعالى ( قل هو الله أحد الله الصمد) على الأركان، و12 قطعة على شكل قناديل مكتوب آيات قرآنية توضع بين جهات الأربعة، وقطعة أخرى تركب في ستارة باب المشرفة، إضافة إلى أربعة قطع أعلى ركن الحجر الأسود، فيما يبلغ وزن الثوب كاملاً ما يقارب الطن. وتابع باجودة تصريحه بأنه توجد على الكسوة من الخارج نقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء ( بطريقة الجاكارد )، كتب عليها لفظ ( لا إله إلا الله محمد رسول الله) و( سبحان الله وبحمده ) و( سبحان الله العظيم ) و( يا حنان يا منان يا الله )، وتتكرر هذه العبارات على قطع قماش الكسوة جميعها وعلى ارتفاع ( تسعة أمتار ) من الأرض وبعرض ( 95 سنتيمتراً )، بحيث يثبت حزام الكعبة المشرفة، وتستبدل مرة كل عام، بينما كسوتها الداخلية ذات اللون الأخضر، لا تستبدل إلا على فترات متباعدة حسب ما تدعو الحاجة، وذلك لعدم تعرضها للعوامل الجوية، مشيراً إلى أن قطع الكعبة مطرزة من قماش الحرير الطبيعي الأسود السادة، وحروفها مغطاة بأسلاك الفضة والذهب، مكونة من (16) قطعة في كل جهة من جهاتها الأربع في كل جهة أربع قطع، موصلة مع بعضها البعض، ويبلغ طول محيط الكعبة (47) مترًا تقريبًا وهو طول حزام الكعبة، وعلى قطع الحزام آيات قرآنية بالخط الثلث المركب الجميل، مطرزة حروفها بأسلاك الفضة المطلية بالذهب.