أنقذ قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم، ممثلاً بلجنة الاحتراف، بتحديد سقف رواتب اللاعبين، الأندية السعودية من الغرق في أزمة ديون ربما تقود بعضها نحو "الإفلاس" ماليا، في وقت سيشكل القرار ذاته "فوائد" ستصب في المقام الأول للأندية ذات الموارد المالية العالية، وتحديداً من تحظى منها برعاية متميزة من قبل القطاع الخاص. وفي وقت تتلقى لجنة الاحتراف عددا من الشكاوى من اللاعبين ضد أنديتهم بسبب عدم استلام مستحقاتهم المالية، سجلت مبالغ اللاعبين المنتقلين بين الأندية المحلية خلال السنوات الماضية أرقاماً ضخمة، عندما سجلت مقدمات عقود بعضهم الأرقام "الأعلى" من نوعها في تاريخ المنافسات السعودية، أمثال مدافع الأهلي أسامة هوساوي، الذي بلغ مقدم عقده 8 ملايين ريال، ولاعب الاتحاد أحمد الفريدي (7 ملايين)، ولاعبي النصر والهلال يحيى الشهري وعبدالعزيز الدوسري (6 ملايين)، ومهاجم النصر محمد السهلاوي (5.5 ملايين)، وحارس الشباب وليد عبدالله ولاعب وسط الهلال سلمان الفرج (5 ملايين ريال). أكبر المتضررين ويعد نادي الرائد أبرز الأندية التي عانت وتضررت من مبالغ العقود الكبيرة التي تفوق إمكاناته المالية، وعانى كثيراً من الديون خلال هذا الموسم، وطفت مشاكله على السطح بسبب تلك الأزمة المالية التي تسببت فيها الإدارة السابقة، متمثلة في شكاوى اللاعبين المطالبين بمقدمات عقودهم، حيث اعتمدت الإدارة السابقة على توقيع عقود "عالية" رقميا ومضاعفة في حين لا يحصل اللاعب سوى على 30% فقط من قيمة عقده الموقع، وبالتالي يضطر للجوء للجنة الاحتراف للمطالبة بمستحقاته ورفع شكوى ضد النادي، الأمر الذي تسبب في أزمة للإدارة "الجديدة" بعدما تم حرمانها من الإعانات وصرفها للمشتكين بنظام "الجدولة" إلى جانب حرمان النادي من تسجيل لاعبين جدد حتى يغلق جميع الشكاوى المقدمة ضده. رغبة مشتركة وكعادة أي خطوة مستحدثة، أحدث القرار ردود فعل متباينة بين مسؤولي الأندية، بيد أن رئيس لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم، عبدالله البرقان كشف ل"الوطن" أن القرار جاء بعد أخذ مشورة 30 نادياً، باستثناء ناديي الفتح والتعاون اللذين لم يبادرا بالرد، مؤكداً أن القرار سيحفظ حقوق الجميع، وأضاف "فوجئنا في اللجنة بوجود شكاوى بمبالغ كبيرة تفوق طاقات وإمكانات بعض الأندية لذا جاءت الرغبة بوضع سقف للرواتب حتى تتم عملية تنظيم الأمور ولا تتضرر الأندية"، في حين عد البرقان ما سيتم من أمور تحت الطاولة بأنه "لا يعنينا كلجنة، ولن تعترف سوى بالعقد الرسمي في حال مطالبة اللاعب بمستحقاته المالية في حال تقدم لنا، أما الوعود خارج العقد فلن نأخذها في الاعتبار". بين الرفض والقبول وفي حين شدد رئيس نادي الشعلة فهد الطفيل، على ضرورة ترك الموضوع برمته لقانون "العرض والطلب"، مبيناً أن تحديد سقف الرواتب "سيفتح مجاﻻ خصبا للاتفاقات الجانبية"، مضيفاً "بالإمكان وضع سقف لرواتب المحترفين يلتزم به النادي وفي الوقت نفسه أي زيادة عن هذا السقف يتحمله من وقع العقد"، وصف نائب رئيس نادي الرائد صالح التويجري، القرار بالجيد والتنظيمي رغم صدوره متأخرا، بحسب رأيه، موضحاً أنه "سيضبط واقع الأندية أولا ثم سيخفف من حدة التنافس بينها في استقطابات اللاعبين والمزايدة فيما بينها"، مشيراً إلى أن القرار جاء وفق دراسة وأخذ آراء الأندية وتم إشراك الجميع فيه، ومع ذلك يحتاج بعد تجربته إلى تدقيق وتطوير، مشدداً "على ضرورة تعاون الأندية مع لجنة الاحتراف وتقيدها بالقرار وبمضامينه حتى لا يكون قرارا شكليا فقط، مستدركاً "القرار سيعمل بالتأكيد على ضبط مطالبات اللاعبين للأندية في لجنة الاحتراف ولن يتم النظر للمبالغ التي تفوق السقف المحدد وهذا أمر إيجابي". توازن مثالي وتمنى التويجري أن تعقب هذه الخطوة قرارات تنظيمية أخرى، تحديداً فيما يخص الصرف المالي للأندية ووضع حلول للهدر المالي الحاصل الآن، وقال "يجب أن تلزم الرئاسة العامة الأندية بوضع ميزانية ثابتة بحسب مداخيلها المختلفة والاعتماد عليها، وما فوق ذلك يتحمله أعضاء مجلس الإدارة كاملة أو رئيس النادي الذي وقع تلك الارتباطات المالية التي تفوق الميزانية المعتمدة، ولا يسمح لها بترك النادي إلا بعد إنهاء جميع ارتباطاتها، بحيث لا يتضرر النادي مع تعاقب الإدارات"، مبيناً أن "قرار تحديد سقف الرواتب وقرار الرئاسة في حال صدوره، سيشكل توازنا مثاليا، وبالتالي سنخرج بعملية تنظيمية مالية جيدة وواضحة للجميع ولن تظهر في المستقبل أي إشكالات مالية"، مختتماً أن تطبيق هذا القرار وتوفر التنظيم المالي وحفظ كل إدارة لحقوقها وعدم دخولها في إشكالات ليست طرفا فيها سيحسن أوضاع الأندية. قرار جماعي من جهته، أكد المستشار القانوني ومدير الاحتراف في النادي الأهلي، فهد با رباع، أن هذا القرار لم يأت إلا بعد دراسة وافية من قبل لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين، وقال: "اللجنة قامت بإرسال المقترح لجميع الأندية المطبقة للاحتراف ثم تلت ذلك دراسة مقترحات الجميع قبل أن يتم تصويت أعضاء الاتحاد عليه، بالتالي جميع هذه الإجراءات مرت بخبرات رياضية متعددة أجمع معظمهم على فائدة القرار، وطالما أن الجميع شارك في صنعه، فهو بالتأكيد يصب في مصلحة الأندية السعودية"، مشيراً إلى أن هناك أندية أعلنت إفلاسها وأخرى غير قادرة على تسيير أمورها، موضحاً "هناك أصوات تنادي بأن اللاعبين يتقاضون أكثر مما يستحقون دون وجود آلية فنية محددة، لذلك كل هذه الأسباب قادت لاتخاذ هذا القرار"، وأضاف "على الطرف الآخر نجد أن القرار سيغضب كثيرا من اللاعبين ممن فات عليهم سباق المنافسة في رفع الأسعار، والآن سقف الرواتب سيكون عادلا للجميع". رسالة للاعبين وطالب با رباع جميع الأندية بالمشاركة والتلاحم مع صانع القرار باتحاد القدم وإنجاحه، وشدد على ضرورة عدم رفع السقف المحدد بالدفع "من تحت الطاولة"، كونه بالتأكيد سيكون المفر الوحيد لمخالفة النظام، موجهاً رسالة إلى اللاعبين بأنه "لا توجد أي جهة قضائية ستضمن حقوقكم في حال تم وعدكم من قبل مسؤولي النادي بدفع مبلغ ليس مذكوراً بالعقد، وحتى في حال وجود اتفاقية موقعة وسرية بين الطرفين فإن المعتمد هو العقد المصادق عليه من لجنة الاحتراف"، وأشار إلى تنفيذ قرار تحديد سقف الرواتب وتطبيقه على أرض الميدان ستتضح إيجابياته وسلبياته، وبالتالي ستتضح كل الأمور في نهاية الموسم القادم، مختتماً "رغم إيجابية هذا القرار، يجب على لجنة الاحتراف دراسة جانب مهم فيه أرى أنه سيؤثر قليلا، وهو أنه يخص اللاعبين السعوديين فقط ، فيما نظرائهم من المحترفين الأجانب لن يخضعوا لهذا المعيار وبالتالي عقد بعضهم كمثال، سيساوي عشرة ملايين في مقابل لاعب سعودي عقده مليونان وأربعمئة ألف".