أصبح للكوميديا الساخرة سوقاً رائجة في القنوات الفضائية واليوتيوب ، وذلك لأنها الأسرع انتشارا والأكثر متابعة ، والسبب يعود للهث كثير من الناس عن الضحك والتسلية ،فيجد فيها شيئا مما يقطع به وقته ، وقد تفنن الممثلون في سخريتهم بالواقع حتى لم يبقوا شيئا إلا نقدوه وضحكوا منه ، واستخدموا جميع مهارات التمثيل والتشويق ، لجذب أكبر عدد من المتابعين ، لأن المنافسة قوية ، والمنافسون أقوياء ، وتحت هذا المبرر ، بالإضافة لما يحتج به الساخر أنه ينقد الواقع للتصحيح والتعديل , فقد وقعوا في تجاوزات كثيرة وخطيرة على الدين والأخلاق ، ووقعوا في بعض المحرمات حتى وصل ببعضهم للكبائر وبعضهم وصل إلى مرحلة الخطر مما يقال أنه كفر مخرج من الملة . ومما يزداد الأمر خطورة مشاركة الجالس لهم في الإثم والخطيئة بالاستماع والإعجاب بهم ، وتلميع التافهين ، ولو كان المبرر التسلية والضحك . ومما لا شك فيه أن : الغاية الحسنة لا تبرر استخدام الوسيلة المحرمة ، ومن تلك التجاوزات : 1-السخرية بشيء من مظاهر وشعائر الدين وآياته مثل الجهاد ، والجنة أو الحور العين ، واللحية أو الثوب القصير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومما لا شك فيه أن ذلك كفر بالله سواء كان جاداُ أو مازحاً ، ولا مجاملة في ذلك , قال تعالى ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .. ) وقد يحتج الساخر أنه ينقد التصرفات ولا ينتقد المظاهر ، فما الحاجة إذاً أن تظهر بمظهر الملتحي أو بقصير الثوب بهيئة تدعوا للضحك . أو تتندر من الدعاة ودعوتهم ومحاربتهم للشر وحرصهم على إصلاح الشباب وتخفيف المنكرات المنتشرة . مع إقرارنا بوجود الخطأ وليس أحد معصوم لكل من يعمل ، ولكن طرق التصحيح لا تكون بالسخرية بل بالنقد الهادف البناء الواعي المتعقل . 2-تمييع الخلط الآثم بين الرجال والنساء ، وتظهر المرأة متبرجة سافرة ، واضعة جميع مساحيق التجميل وملابس الإغراء ، وتمازح الرجل وربما تنام معه على سرير واحد ، وربما زاد على ذلك ببعض الحركات الحانية ( الرومنسية ) وذلك بحجة حكاية واقع المجتمع والأسرة ونقدها ، فينغمس المشاهد مع القصة وينسى المنكر . 3- الغيبة الظاهرة او باللمز بأحد الناس أو قبيلة أو جماعة , مع ما يكون فيها من مبالغات وكذب ، فمهما كان المبرر فالغيبة غيبة سواء سميت نقداً أو مزحاً . وهي من الكبائر وقد صورها ربنا تبارك وتعالى بأقبح الصور . وهذه الثلاثة كافية لأن يصبح الناقد متعدياُ للحق ، ظالماً ، متطاولاً ، وقد وقع في خطأ أكبر من الخطأ الذي يريد أن يصححه ، والمشاهد الذي قضى جزء من وقته يتابع أمثال هؤلاء التافهين ويضحك بمليء فيه ، قد ناله أثم الممثل مثلاً بمثل . قال تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ. ) وهنا نقول لكل العقلاء لسنا بحاجة أن نجلس مع من يسخر منا لنصحح أخطاءنا ، الكل يعلم أين الخلل ، والكل يعلم أين يجد من يبين له الخطأ ولكننا نغمض أعيننا عن واقعنا حتى لا نعترف بالخطأ . استفيقوا فالواقع أكبر من نضيع الوقت بالجلوس مع التافهين . محمد المضياني - الخرج m_f_al3enzi@