في بداية عرض هذه المسلسلات احتدم الخلاف حولها بين فريق العقلاء المتبصرين بأمورنا , وبين المتاجرين بأخلاقنا وجمهورهم العريض من المراهقين والمراهقات , وللأسف الشديد كانت الغلبة للأضعف , فقد توالت قصص الفسق على الشاشات , وكانت كل حلقة تمثل ضربة من معول الانحلال في جدار الفضيلة الذي يسيجنا , وتلك الضربات يختلف أثرها بحسب قوة المعول واليد الخائنة التي تمسك به , وفي الفترة الأخيرة عرض مسلسل لم يكن كسابقه , فقد كان ( بلدوزر ) يدك الأخلاق دكاً لا هوادة فيه , وأقصد بهذا الحديث ما أسموه ( العشق الممنوع ) والذي بثته ذات القناة التي سنت الشر في سماء عالمنا العربي , حيث رأوا بأن نشر الرذيلة في الشوارع والأسواق والميادين وخلف الحجب لم يعد يروي ظمأ الفساد الذي يسري في عروقهم , فهم يعلمون بأن هناك بيوت موصدة الأبواب تحافظ على رعيتها من الاختلاط مع المنحرفين , ورأوا بأنه لابد أن يتم إفسادها بيتاً بيتاً , وداراً داراً , وزنقةً زنقة , كل على حدة , وسينجحون إن استمر السكوت عنهم , والسماح لأبنائنا بمتابعة ما يعرض , إن لم يكونوا قد نجحوا نوعاً ما . ( العشق الممنوع ) هي قصة شاب - صاحب سوابق في التأثير على المراهقين بل والكبار - أحب زوجة عمه وأقام معها علاقة غرامية , أي أنها بالعربي الفصيح ( زنا محارم ) والذي جرمته وحرمته جميع الأديان وأغلب الثقافات إن لم تكن كلها , ولكن صورتها القصة على أنها عشق ممنوع لا أكثر , والممنوع كما نعلم مرغوب , وذلك ليسهل تمريرها إلى عقول الجيل القادم من أبناء المجتمع . قد يقول قائل بأن أبنائنا ليسوا بالسذاجة التي تجعلهم يتأثرون بهذه المشاهد , ولكل من يقول ذلك ندعوه بالدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي كمثال ، ليرى المصائب التي ولدت من رحم عشقهم الممنوع , حيث تعج تلك المواقع بمعرفات تفوح منها رائحة نتن العلاقات المحرمة بين المحارم , والكارثة كل الكارثة حين نرى اسم بلد صاحب المعرف , وما عاد دفن الرؤوس في الرمال يجدي نفعاً . إنهم يسعون بكل ما أوتوا من تقنية وقوة إلى إفسادنا , وإننا لا نقاومهم , بل إننا نرتضي عرض ما يرغبون عرضه في بيوتنا بلا ممانعة , وحتى الاستنكار والشجب الذي أصبح من شيم العرب لا نراه في هذا الوضع الخطير , فما كان عشقهم ممنوعاً , بل كان مشروعاً موجهاً إلى كل أسرة لجعل المحرم ممنوعاً , وبذلك يصبح الممنوع أمراً معتاداً ويتوالى الانحدار إلى أرذل الأخلاق . همسه قد يرى الناس الجرح الذي في رأسك لكنهم لا يشعرون بالألم الذي تعانيه حمد بن عثمان الشهراني