يبدو أن المجتمع العربي كما يقول المصريون (يغرق في شبر مية ) ، فمنذ فُتحت حنفية المسلسلات المُدبلجة من خلال القنوات الفضائية ونحن نمشي على أرض يبللها ماء آسن نخشى سقوطنا عليه في أي لحظة ! ليس فقط خوفا من السقوط والشعور بالألم بل لأن السقوط على النجاسة يعني أنها ستنال منك حتى تكاد تشعر بالقيء لمجرد ملامستها ثيابك دون أن تصل جسدك . فمن صنبور المسلسلات المكسيكية التي كاد مجتمعنا أن يتعفن من روائحه إلى صنبور المسلسلات التركية التي انطلق وبقوة رهيبة لتصور قيم وسلوكيات ترفضها جميع الديانات السماوية وليس الإسلام فقط ، ولنأخذ أحدها كنموذج : مثلا لو تأملنا المسلسل الذي عُرض و لازال يعرض على احدى القنوات العربية الفضائية (العشق الممنوع ) وما هو إلا عينة ، لأن ما يجري في هذا المسلسل يجري في غيره من هذا النوع من المسلسلات. ما الذي يناقشه هذا المسلسل ؟؟؟ الحصيلة لاشيء سوى الخيانة الزوجية ، والتعدي على محارم الغير ، وتبرير العلاقات غير الشرعية باسم الحب المزعوم ......وكأنهم بذلك يقولون (افعلوا أي شيء من أجل الحب فهو يستحق أن نسحق جميع القيم من أجله !!!) هكذا صوروا الحب غرائزي.ولأنهم يدركون تماماً أن الشعوب العربية شعوب تستهويها المظاهر، فقد حرصت شركات الدبلجة على تقديم المسلسلات التركية التي تعرض في إطار مظاهر الأزياء الراقية ،والبيوت الثرية ذات الذوق الرفيع، إضافة إلى السيارات الفخمة و مرورا بالفتيات والشباب ممن يملكون قدراً عالياً من الجمال . وحتى لو أنكروا واستنكروا جميع القيم والسلوكيات المقدمة في هذا المسلسل، فسيبقون متابعين لهذا المسلسل ليس لشيء ولكن للاستمتاع بالمظاهر التي ترافق هذا المسلسل . ولو تخيلنا معاً نتائج مشاهدة أطفالنا وشبابنا لهذا المسلسل وهي الخطوة الأولى : تعاطف الفتيات ممن يتابعن المسلسل بشغف مع البطلة التي خانت زوجها لتهرب مع عشيقها او تلك التي استغفلت أهلها وخانت ثقتهم بسبب وهم الحب !!! لا تستغربوا ذلك أبدا فما هذه إلا البداية (الإنزلاق) أما النهاية فستكون (الغرق ) عندما يكون الجيل القادم قد نشأ على هذا النوع من المسلسلات ليصبح ممسوخاً من جميع القيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية . هل تعلمون أن هذه المسلسلات لا يتابعها المجتمع المسلم المحافظ في تركيا ؟نعم هكذا اخبرني أخي عندما ذهب إلى الحلاق الذي يتعامل معه وهو تركي مسلم ومحافظ قال له:( هذه المسلسلات لا تعني لنا شيئاً ولا نشاهدها لأنها لا تمثل المجتمع التركي المسلم و المحافظ ؟ وضع تحت كلمة المحافظ ما شئت من الخطوط!!) أضف إلى ذلك لا يوجد هناك أي خلاصة للمسلسل باختصار لا توجد حكمة أو قضية يطرحها المسلسل غير تدمير القيم والقبول بمجتمع ينجب أبناءه سفاحاً ،أو التخلي عن الأهل والزوج و الانجراف نحو العاطفة مهيئين للمشاهد أن النهاية ستكون سعيدة جداً فلا داعي للقلق !! أما نحن فعلى استعداد لتقبل أي نوع من البرامج والمسلسلات حتى ولو كانت لا تناسبنا ولا تناسب قيمنا بل على العكس نحن على استعداد دائما لتقبل كل ماهو سلبي ومهمش !!! فنحن إذن من شجع القنوات الفضائية للإستمرار في عرض هذا النوع من المسلسلات . أصبحنا أمام سيل جارف يجري في كل مكان و يغرق كل من يقف أمامه ، لكننا في الوقت نفسه لدينا خيار مهم جداً فنحن باستطاعتنا إيجاد البدائل وإبعاد ابنائنا عن مجرى هذا السيل وإلا فسيكونون أول من سيغرق في هذا السيل إذا لم يتم مراقبة ما يشاهدونه ، ومساعدتهم في اختيار البرامج والمسلسلات التي تغذي أفكارهم وتصحح وتقوم سلوكياتهم حتى نحميهم من الانزلاق قبل الغرق. هبة العبّادي - جدة