منذ شهرين تقريباً أستيقظت مدينة الرياض على نظام الرصد الآلي للمخالفات المرورية - ساهر- وكانت الفاجعة لشريحة كبيرة من السائقين وبالأخص من أعتاد على مخالفة الأنظمة تتمثل في تطبيق النظام بهذا المستوى وبهذه السرعة. تمكن هذا النظام خلال فترة وجيزة من تحقيق نتائج إيجابية مذهلة، ومع ذلك لم يسلم من الأخطاء البسيطة ومن الانتقاد وكانت أكبر الإنتقادات تتمثل في عدم قيام إدارة المرور بتوعية السائقين بشكل كافي، بالإضافة إلى عدم تحديد السرعات ووضع اللوحات الإرشادية المحددة للسرعة باللغتين العربية والإنجليزية بشكل منطقي داخل الطرق الرئيسية والفرعية في المدينة، وهذا ما يجب أن تأخذه إدارة مرور الخرج بعين الإعتبار إذا تم تفعيل نظام ساهر في الخرج بعد عمر طويل إن شاء الله. الأرقام التي أعلنتها إدارة مرور الرياض بعد تطبيق النظام تؤكد إنخفاض نسب الحوادث والوفيات ولله الحمد، بالرغم من عدم إنتشار هذه الكاميرات في الرياض بأكملها، إلا أننا وللأسف نسعى إلى التفنن في أختراع وأكتشاف الأساليب التي تساعد على تخطي هذا النظام بأي شكل من الأشكال لا أن نتقيد به، ولو كان لكاميرات ساهر أنوف لقبلّناها من أجل أن تتغاضى عن مخالفاتنا!! ومايثير الغرابة هو ألتزمنا بتطبيق الأنظمة خارج حدود بلادنا ومطالبتنا بشدة تطبيق مثل هذه الأنظمة لدينا، ولكن ما أن يتم تطبيقها وتفعيلها نكون أول من ينتقدها ونبحث عن وسائل عديدة لتخطيها! فقد أبدعنا مع تطبيق النظام في اكتشاف اختراعات جديدة لم نكن نعرفها وذلك من أجل أن نتحدى هذا النظام ونثبت فشله، يأتي في مقدمتها سرقة لوحات السيارات المماثلة لسياراتنا أو تركيب لوحات أرقام لسيارات خليجية، وأكتشاف المادة الشفافة التي توضع على لوحة السيارة من أجل أن تخفي معالم الأرقام والحروف أمام الكاميرات، بالإضافة إلى ترصّد مواقع هذه الكاميرات والتشهير بها في المواقع الإلكترونية وغيرها من الإكتشافات الأخرى، لنؤكد وبما لايدع مجال للشك بأن الأمر لايتعلق بالنظام وإنما يتعلق بثقافتنا ووعينا في التعامل مع النظام، ومع كل هذه المحاولات الصريحة لتحدي النظام يثبت لنا نظام ساهر دقة كاميراته وجودتها وفشل جميع هذه المحاولات. ونظراً لأن وسائل التقنية في تطور مستمر فقد تسابق معظمنا مؤخراً بأقتناء أنواع جديدة من أجهزة الجوالات الحديثة تحتوي على برامج لديها القدرة على إكتشاف مواقع كاميرات ساهر الثابته والمتحركة وتحديدها بدقه متناهية مع رسم متكامل لمواقع هذه الكاميرات وعلى مسافات بعيدة تعطي السائق رؤيا كاملة يستطيع من خلالها تفادي هذه الكاميرات وتخفيف السرعة عند المرور بالقرب منها، لنعود مرة أخرى من جديد ونبصم بأصابع اليد العشرة بأن الخلل يكمن في ثقافتنا ووعينا! وليس في صديقنا العزيز ساهر الذي يسهر من أجل حماية أرواحنا وممتلكاتنا. علينا أن ندرك بأن ما تقوم به الإدارة العامة للمرور وما تطبقه من أنظمة يأتي بالمقام الأول في مصلحتنا وليس لمراقبتنا أومعاقبتنا، وإذا استمرت ثقافتنا في التعامل مع نظام ساهر وغيره من الأنظمة بهذه الطريقة مع تسخير وسائل التقنية للتعامل مع النظام بأسلوب خاطئ والتعمد بأقتناء أجهزة الجوال من أجل رصد كاميرات ساهر ومعرفة مواقعها، فأن ما قامت به إدارة المرور من جهد وما دفعته من مبالغ طائلة لتوعيتنا وضبط الحركة المرورية بشكل إلزامي ستذهب أدراج الرياح وسوف تستمر المخالفات المرورية لا محالة، وإذا لم تجد الإدارة العامة للمرور آلية مناسبة في التعامل مع هذه الجوالات فأن نظام ساهر بكافة كاميراته وتقنيته العالية سيتحول بكل تأكيد إلى نظام ساهر ماشفش حاجة!. دمتم بخير.