كم هم الغافلون عن الله! ، الذين لم يجعلوا الله في حساباتهم عند أعمالهم ، وكأن هذا الكون تدبره الصدفة ، أو ناموسه العبث تعالى الله عن من فهمهم هذا علوا كبيرا ... الله موجود ومطلع ورقيب على كل عمل تعمله فأحسن العمل واعلم أن الله سوف يجزيك على نوع عملك ولا يظلم ربك أحدا ، فاحذر من أن يزيغ بصرك أو لسانك ، أو يدك أو نيتك فعلى ذلك تجزى ... ألا نقرأ التأريخ ، ألا نأخذ العبر! ... يذكر الدكتور محمد راتب النابلسي .. أن موظفا من موظفي المطار في إحدى الدول العربية كان ذاهبا إلى عمله وهم في فصل الشتاء وبينما هو يقود سيارته إلى المطار ومعه صاحبنا الذي أخبر الشيخ بالقصة ، رأى جرو كلب رابض على حافة الطريق لأن الزفت أخف برودة من التراب حيث أنه يمتص حرارة الشمس ... فما أن رأى ذلك الجرو الضعيف حتى أمال سيارته قليلا نحو ،لجرو ليظهر براعته في القيادة وليطأ بسيارته يديه فقط دون سائر جسده.. وفعلاً وطئت عجلات السيارة يدي ذلك الجرو الصغير مما أدى إلى بترهما تحت عجلات السيارة ، ثم تجاوزنا الجرو وقد خلفناه وراءنا يعوي من شدة الألم ، فما كان من صاحب السيارة إلا أن رفع صوته بقهقهة عالية ثم أكمل مسيره إلى عمله ، يقول صاحبه الذي كان يرافقه : وأقسم بالله أنه في الأسبوع التالي تعطلت بصاحبي سيارته في المكان الذي قطع فيه يدي ذلك الجرو بسبب عطل في الإطار فنزلنا نصلحه ورفع صاحبي السيارة بالرافعة ثم قام ووضع العجلة فانكسرت الرافعة وسقطت السيارة بثقلها وضغطت على العجل والتي كانت تحتها يدي صاحبي وهو يصيح صياحاً عظيما ففزعت إليه وحاولت جهدي أن أرفع عجل السيارة وبالفعل رفعتها ولما وصلنا المستشفى إذا بصاحبي قد اسوددت يداه مما جعلها تتلف ويقرر الأطباء بترها . وبالفعل بترت كما بتر يدي ذلك الجرو .. ولا يظلم ربك أحدا . هذا عدل الله فيمن ظلم كلبا فكيف بمن يظلم بني آدم ، بل المصلين الصائيمن ؟!! ألا فليرتدع أولئك الشباب الذين يطاردون البهائم تندرا وضحكا . ، وليرتدع أولئك الأزواج عن ظلم زوجاتهم والإضرار بهن وأكل حقوقهن ، وأولئك المديرون والمديرات عن ظلم من تحتهم من الموظفين والعمال الضعفاء الذين ليس لهم حول ولا قوة ، وليرتدع أولئك الذين يهتكون أعراض المسلمين ليلاً ونهارا ... وأيم الله إن أغبى الناس من لا يجعل الله في حساباته ، وينسى أن على الباغي تدور الدوائر . وقفة من التأريخ : عندما سجن هارون الرشيد أبا العتاهية ، كتب أبو العتاهية قصيدة ألفها من مداد دمه المحترق وأرسلها إلى الخليفة فلما قرأها فإذا فيها : أما والله إن الظلم شؤم #### وما زال المسئ هو الظلوم إلى ديان يوم الدين نمضي #### وعند الله تجتمع الخصوم ستعلم في المعاد إذا التقينا#### غدا عند الإله من الظلوم فبكى هارون حتى ابتلت لحيته بالدموع، وأمر بإطلاقه في الحال وكساه ثياباً ومالا واعتذر منه . محمد الدوسري