بسم الله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وبعد مما لا شك فيه أن أولياء أمور الطلاب لهم دور كبير جداً مع المعلم في نجاح الحلقة ؛ لأن الله تعالى قال: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن شديد العقاب . وقال تعالى : يأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون وقال تعالى : والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين وقول رسول : « أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ »، وقال النبي : « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ». فينبغي على أولياء الأمور أن يتقوا الله في تربية أولادهم ، ويتعهدوهم بالنصيحة ، ويقوموا بتوجيههم الوجهة السليمة التي ترضي الله عنهم ويبارك لهم في ذريتهم . فمن العقوق أن يعق الوالدُ ولَدَه ، كما أجاب عمر بن الخطاب عندما سئل عن ذلك فقال : حق الولد على والده : أن يحسن اختيار أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلمه الكتاب (أي : القرآن . لذلك ينبغي على ولي الأمر أن يوجه ابنه منذ نعومة أظفاره ، وأن يعوده على الصلاة وعلى تعلم القرآن ، وليس ذلك فقط ، بل عليه أن يتابعه في البيت وفي الحلقة والمدرسة ، ويتفقد أصدقاءه وزملاءه وينصحه باجتناب السيئ منهم ، ويحثه على تقوية الصلة بالصالح منهم ؛ قال تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) قال الرسول عليه الصلاة والسلام: « الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ » ، وقال عليه الصلاة والسلام: « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ». قال الله تعالى : إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور إذا استشعر ولي الأمر هذه الآيات والأحاديث السابقة وربَّى ابنه وأولاده على هذه الغايات العالية لا بد أن يكونوا - بإذن الله - ذرية صالحة ، بجانب الدعاء الدائم لهم ، ولنا عبرة في القرآن الكريم وقدوة في إبراهيم عليه السلام حين سأل ربه فقال : رب هب لي من الصالحين ، وقول زكريا عليه السلام رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء )، ونرى أثر التربية الصالحة في امتثال إسماعيل لطلب أبيه عندما قال له : يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يآبت افعل ما تأمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين . ونرى حرص نوح حتى آخر لحظة وهو يقول لابنه : يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين . ويمكن لوَلِيّ الأمر أن : 1) يحرص على تنشئة ابنه تنشئة دينية قائمة على حب الله ورسوله وحب القرآن ؛ لأن فضل تعلم القرآن والعمل به عظيم فقد قال النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام « الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ ». 2) يعود أولاده على أداء الصلوات في المسجد مع الجماعة والتأدب بآداب المسجد وعدم اللعب واللهو في الصلاة . 3) يحببهم في القرآن ويكافئهم عند التقدم في الحفظ مما يشجعهم ، ويخبرهم أن جزاءهم أكبر عند الله . 4) يزور الحلقة ويسأل عن أولاده دائماً. 5) يقوي الصلة بمعلم الحلقة مما يشعر الطالب أن المعلم سيقوم بإبلاغه في حالة السلوك السيء . 6) أن يحرص على تقدم ابنه في الحفظ واجتيازه الاختبارات بنجاح ، وإظهار الرضا عنه ، وهذه غاية كل ابن بار . 7) يسأل ابنه يومياً عمّا قام بتسميعه من درس جديد ومراجعة والاطلاع على دفتر المتابعة والتوقيع فيه يومياً . 8) يسأل عن أحوال زملائه بالحلقة عن سلوكياتهم حتى يُحذر ابنه من السيئ منهم ، وتقوية الصلة مع الصالح منهم. فسيساعد كل هذا - بحول الله - على تنافس الطلاب والاقتداء بهذا الطالب المتميز مما يساعد على رفع مستوى الحلقة ، أَيْضاً سيساعد ذلك المعلم على بذل أقصى جهد من أجل الرقي بمستوى الحلقة إلى أعلى مستوى والمحافظة على هذا المستوى . أسأل الله التوفيق للجميع وأن يصلح لنا النية والذرية وأن يثبتنا على طاعته وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وصلى الله على نبينا محمد أخوكم / مطلق بن عقيل المضياني