الهداية بيد الله عز وجل ، والإنسان بطبعه لا يحب أن يذهب جهده هباء منثورا ، وهنالك أسباب كثيرة من أجل الحفاظ على الجهود المبذولة ، من عمل بها فقد عمل بأسباب التوكل ، ومن فرط فيها فقد عرّض هذا الجهد للضياع ، والله تبارك وتعالى نبهنا في كتابه العزيز إلى دعاء جميل في حق الأهل والأبناء بأن يكونوا قرة عين وأهل طاعة لله ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ...) الآية ( 74 ) من سورة الفرقان ، أي ما تقر به أعيننا في الدنيا والآخرة ،ويجب الدعاء بهذا التوجيه في كل حين لأن الدعاء سلاح عظيم يحبه الله عز وجل ، ومع الدعاء التوجيه الصحيح في اليوم والليلة للأهل والأبناء بالكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة ، ومتابعة سلوك الأبناء والبنات وخصوصا في مثل هذا الزمن الذي عمت فيه البلوى واستحكمت حلقاتها حول الأسرة - فاللهم سلم سلم – وللأب أو الأم لهما أن يعرفا سلوك أبنائهم من وجوه عديدة هم أدرى وأحرى بها ، فمتى رأى أحد الأبوين من أبنائه اعوجاجاً سارع في تقويمه منذ البداية حتى لا يصعب عليه إذا تمكن من ابنه هذا السلوك المشين ، لماذا ؟ لأنه هو المسئول عن أبنائه في الدنيا والآخرة ، وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري رحمه الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ، فمتى شعر الرجل بالمسؤولية نحو بيته وأهله جنى الثمرة الصالحة الناضجة ، وهكذا يحقق الرجل معنى الرقابة على فلذات كبده ليكونوا له ذخرا في حياته وبعد مماته ، ولكن – وللأسف الشديد – عندما تغيب الرقابة الأبوية لا تجد أبا يسأل أبناءه سواء في المنزل أو المدرسة أو في الشارع من جليسهم ؟ وما هو لبسهم ؟ وكيف هي قصات شعورهم ؟ وأين هم إلى ساعات متأخرة من الليل ؟ وقبل ذلك كله : هل يصلون أم لا ؟ عندما يضيع الأب هذه المسؤولية فلن يجني من الشوك العنب ، وكل يوم هو في دائرة حكومية إما في قسم شرطة ، أو مركز هيئة ، أو محكمة .... عندما تغيب الرقابة الأسرية لا يجد الهدوء له في البيت مكانا ، فالكل في معارك طاحنة وويلات وصرخات ....عندما تغيب الرقابة الذاتية يدب التسويف في القلوب ويطبع عليها الران فيصبح القلب كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا .... عندما تغيب الرقابة يدب الضعف في المجتمع وينجح أعداء الإسلام في اختراق الصف – وهذا هو المشاهد بعينه – كما فعلت المسلسلات الهدامة بكثير من الأسر المسلمة لم تجعل في حياتهم نورا ، وجعلت سنوات حياتهم ضياعا في ضياع !!فإلى الله المشتكى.وهو حسبنا... إمام وخطيب جامع الكعكي بمكة المكرمة للتواصل : [email protected]