احتل الحديث عن خدمة "البلاك بيري" الساحة في الفترة الأخير، بعد شائعات ترددت عن النية بإيقاف الخدمة بالمملكة، وسيطر الحديث عن الخدمة التي لا يكاد منزل يخلو من وجودها على جلسات الشباب والشابات، وحتى العائلات في المنازل، ولسان حال الجميع يطلق تساؤلات عن مصير الأجهزة، والمبالغ التي دفعت فيها والبديل عن الخدمة التي باتت ضرورة عند أغلب مستخدميها. وأرجع عدد من مستخدمي الخدمة، قرارات إيقاف وتعليق الخدمة إلى انتشار الشائعات وإزعاجها للجهات الأمنية، في الوقت الذي أكد فيه المتحدث الرسمي بشرطة جدة الملازم أول نواف البوق، أن هناك عددا من الشائعات التي يتم تناقلها عبر الوسائل الإلكترونية، ومنها البريد الإلكتروني والمواقع التفاعلية والوسائط المتعددة وماسنجر البلاك بيري، ويتم التعامل معها عبر أجهزة مختصة ولا يتم إهمال أي منها. وعندما يتم التوصل لصاحبها يتم التعامل معه حسب نظام الجرائم الإلكترونية. ونفى البوق ما أشيع خلال الأسبوع الماضي عن اختطاف فتاة في سيارة جيمس يوكون من كورنيش جدة وهي برفقة أهلها، مؤكدا أنه في حالة وجود أي حالة مشابهة لذلك فإنه يتم التعامل مع الإعلام، وهو الشريك الاستراتيجي، للبحث عن أي معلومات تفيد بالوصول للجناة بعد نشر أوصافهم ليتمكن المواطن والمقيم من إفادة الجهات الأمنية ومساعدتها في القبض على الجناة. وبين البوق أن هناك جهات مختصة بكافة قطاعات الأمن العام تعمل في المجالات التقنية ولا تهمل أي إشاعة ويتم التعامل معها حتى يثبت عدم صحتها، مشيرا إلى أن الدولة كرست كافة الإمكانات والكوادر المؤهلة للتعامل مع أعداء التقنية. وحمّل البوق أولياء الأمور المسؤولية، مشيرا إلى أنها مسؤولية اجتماعية بالدرجة الأولى، متسائلا: ما المانع من أن يقوم أحد الوالدين أو الإخوة الكبار بتفقد جهاز البلاك بيري الخاص بالمراهقين، والتأكد من كونه يستخدم من قبل أحدهم بطريقة صحيحة أو لا، وذلك قبل أن يعرض نفسه للمشاكل وينجرف في تصرفات خاطئة في حال لم تتم مراقبته؟ وأكد البوق أن نظام الجرائم الإلكترونية يشمل جميع وسائل التقنية بما فيها البلاك بيري وغيره من وسائل التقنية الحديثة، مشيرا إلى أن هناك أقساما للتقنية في جميع إدارات الأمن العام وليس في شرطة جدة فقط وجميعها لديها كافة التقنيات والكوادر التي تسهم ليس فقط في تتبع الجرائم بعد حدوثها إنما باستباقها ومنع حصولها. التواصل وليس نقل الشائعات ويقول محمد أيمن العتيق، وهو طالب منتقل إلى المرحلة الثانوية، إن جهاز البلاك بيري بات منتشرا بين أفراد المجتمع بمختلف أعمارهم بعد أن كان مخصصا لرجال الأعمال، مشيرا إلى أن استخدامه لهذه التقنية كان لأيام معدودة قبل أن يتوقف عن استخدامها، نظرا لتفاهة الرسائل التي تنقل عبرها والتي تعتمد على ترويج شائعات التي لا يمكن التأكد من صحتها، بالإضافة إلى النكت والتي تأتي من عدة أشخاص، معقبا: أعتقد أنني في الأيام المقبلة سأعود لاستخدام هذه التقنية في حال تم التأكد من استمرارها بالمملكة، نظرا لأن جميع أصدقائي أصبحوا يستخدمون هذه التقنية، ولكن سأختار جهات الاتصال جيدا، ولن أمرر أي رسالة إلا إن كنت متأكدا منها، فهذه التقنية باتت في مجتمعنا السعودي للتواصل بين الأصدقاء والأقارب، داعيا الجميع لاستخدامها بتلك الطريقة وعدم الانجراف لتوصيل الشائعات. وأضاف: مع انتشار الخدمة بين أبناء المجتمع السعودي سواء كانوا مواطنين أومقيمين من الجنسين بات ترويج الشائعات كالعدوى، حتى إن بعض المستخدمين يروجون لها دون قصد وإنما لتعزيز التواصل مع أصدقائهم أو لإفادة أشخاص آخرين كما يخدعهم مروجو هذه الشائعات. رسائل مزعجة وأبدى محمد سالم بقشان، وهو شاب متخرج من الثانوية العامة، انزعاجه من الرسائل التي تنقل عبر البلاك بيري، مشيرا إلى أنه أصيب بإحباط كبير وخيبة أمل، نظرا لاتصاله بأرقام تأتيه عبر الخدمة في رسائل تؤكد وجود عمل لدى صاحب رقم الهاتف المذكور في الرسالة، إلا أنه حين الاتصال يفاجأ بصوت شخص من الجالية الآسيوية يؤكد له أن الرقم خطأ وأنه ليس الوحيد الذي يتصل عليه بخصوص البحث عن عمل، متسائلا: عن سبب اللعب بأعصاب الناس! إلا أن المحلل النفسي ومستشار علاقات الشؤون الأسرية والمجتمعية هاني الغامدي، حذر من المراقبة اللصيقة للمراهقين من الجنسين وتفتيش أجهزتهم الخاصة سواء الكمبيوتر أو حتى جهاز البلاك بيري. مشيرا إلى أن زرع أسس التربية الصحيحة في نفوسهم والآداب الإسلامية أفضل من ذلك مع المراقبة غير اللصيقة لهم. وبيّن أن أفراد المجتمع هم الذين يسيئون استخدام الخدمة، فيجب توعية الفئة المسيئة للاستخدام وتوعيتهم ونصحهم، حيث إنه لا توجد تقنية سيئة إلا ما اتفق الجميع على سوئها، مشيرا إلى أنه يجب أن تكون هناك رقابة على الخدمة من الجهات الرقابية كما هو الحال في مراقبة المواقع الإلكترونية التي تسيء إلى المستخدمين من عدة نواح. وحذر بنفس الوقت من إيقاف الخدمة، مشيرا إلى أن ذلك سيجعل مستخدميها يبحثون عن البديل، وتلك مشكلة بحد ذاتها، حيث لا يمكن أن يتم التحكم في السلوك المجتمعي إلا في حال إصدار قرارات من قبل الدولة وتحديد عقوبات على من يستخدم ما تمنعه قوانين الدولة. وأضاف غالبا ما يكون هناك استخدام سيئ للتقنية في بداية وصولها، ولكن ذلك لا يمنع أن هناك من يستخدمها استخداما جيدا لا يتوقف على عدم أذى المستخدم لنفسه بالمقام الأول بل يتعدى ذلك إلى عدم فعل مما يؤذي الناس من حوله