تصاعدت عمليات القرصنة في خليج غينيا أحد أهم ممرات الملاحة الدولية في العالم بشكل لافت مؤخرا، نتيجة إنعدام الأمن في المنطقة، الأمر الذي يهدد حركة التجارة الدولية. ويأتي هذا التطور مع تصاعد إرهاب ميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن، عبر زرع الألغام البحرية في البحر الأحمر، بما يهدد حركة السفن التجارية. وقبل يومين، اختظفت مجموعة من القراصنة زورقا صينيا وناقلة نفط محملة بالوقود تعمل لصالح شركة "توتال" الفرنسية مع طاقميهما، حيث بات خليج غينيا بحسب مراقبين، مركزا عالميا لقرصنة السفن. وكتب موقع "درياد غلوبال" المتخصص في مجال الأمن البحري على موقعه الإلكتروني، أن قيام مسلحين عبر استخدام زوارق سريعة بالاستيلاء على سفينة الصيد الصينية "ليانبنغيو 809" التي ترفع علم الغابون، الأحد الماضي قبالة ميناء بور جانتي الغابوني. وكان أفراد الطاقم البالغ عددهم 14، من الصين وإندونيسيا والغابون، ما زالوا على متن السفينة التي تقف على مسافة 110 كيلومتر من جزيرة بوني النيجيرية. بعد ذلك، استخدم هؤلاء القراصنة سفينة الصيد الصينية المختطفة لتنفيذ عمليات قرصنة على السفن المارة هناك بالأيام الأخيرة. وطالت عمليات القرصنة ناقلات النفط المارة في خليج غينيا، كالناقلة "ماريا" التابعة لشركة "توتال" الفرنسية التي وقعت في أيديهم الثلاثاء الماضي قبالة سواحل ساو تومي إي برانسيب. وفي هذا السياق، أشار الخبير الموريتاني أحبيب ولد يحيى لزيادة، إلى أن تزايد عمليات القرصنة في خليج غينيا العام الماضي بمعدلات مخيفة، تجعل مصير الملاحة هناك مهدد بالخطر. وقال ولد يحيى في تصريحه إن عمليات قرصنة السفن عالميا زادت بنسبة 20 بالمئة العام الماضي، وجاءت الغالبية العظمى من عمليات القرصنة في خليج غينيا". وأضاف "من بين 135 بحارا اختطفوا العام الماضي فقط من حول العالم أجمع، اختطف 130 منهم في هذه المنطقة وحدها الواقعة قبالة غرب أفريقيا ووسطها، وهو ما يؤكد بوضوح أن خليج غينيا بات مركز القرصنة العالمي، وأخطر مياه موجودة على سطح الأرض". من ناحية أخرى، تواصل ميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن تهديد حركة الملاحة في سواحل البلاد، فضلا عن أعمالها العدائية بالقرب من باب المندب. ويقول الباحث اليمني مصطفى الجعدي: "في ظل تصاعد التوتر في أغلب موانئ ومرافئ أفريقيا بجانب تردي الوضع الأمني في القرن الأفريقي، نتيجة تمدد الإرهاب في الصومال، لم يختلف الوضع على الجهة المقابلة لها في اليمن مع استمرار تنظيم الحوثي في التوسع بعمليات إرهابية جديدة، وزرع الغام بحرية على طول سواحل اليمن التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي". وأضاف الجعدي "إيران تقف وراء هذه العمليات الإرهابية، إلى جانب أنشطتها الاستفزازية في الخليج العربي، وهو ما يهدد مصير حركة التجارة والملاحة بين دول المنطقة بعضها البعض، ومن ثم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين مختلف دول العالم مع دول الشرق الأوسط وأفريقيا في خطر." واستطرد: "إيران تقدم الدعم للإرهابيين في اليمن والصومال (ضفتي القرن الأفريقي) وهو ما ألقى بظلاله على أنشطة القرصنة في شرق وغرب إفريقيا، سواء بمنطقة القرن الأفريقي، أو منطقة خليج غينيا، لذلك صار الإرهاب والقرصنة وجهيّن لعملة واحدة، في ظل رغبة دول إقليمية لتصدير الفوضى والإرهاب لشتى بقاع المنطقة". ووفقًا للمكتب البحري الدولي IMB، فقد تم توثيق هجمات في أكثر من دولة مطلة على خليج غينيا على مدار السنوات الثلاث الماضية، كما سجل 82 علمية قرصنة ناجحة في عام 2018، بينما سجل 64 عملية قرصنة في 2019، ثم سجل 84 عملية قرصنة في 2020. وبات خليج غينيا موقعا لأكثر من 90 بالمئة من عمليات الاختطاف التي تمت في كل بقاع العالم. يذكر أن البحرية النيجيرية، أبلغت عن 339 حادثة قرصنة في العام الماضي، ولكن وفقا لتعريف الجريمة بموجب القانون الدولي، لن يتم اعتبار 214 من هذه الحوادث قرصنة، بل أعمال سطو مسلح، حيث وقعت في الأراضي النيجيرية وليس في أعالي البحار. وتقع مسؤولية حوادث السطو المسلح في البحر على عاتق الدولة الساحلية إذا حدثت على بعد أقل من 12 ميلًا بحريًا من الساحل، وبالتالي فإن موقع الهجمات مهم لحسم الامر أن كان سطو مسلح أم قرصنة بحق حركة الملاحة الدولية.