في أوقات الأزمات تصنع الثروات.. هكذا يرسم صندوق الاستثمارات العامة السعودي سياسته خلال الفترة الحالية مع تأهب الصندوق لقنص فرص استثمارية بأسعار زهيدة في خضم موجة من تراجع أسعار الأصول حول العالم وسط موجات بيع عنيفة من قبل المستثمرين وحالة من عدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي. ويشير تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى أن صندوق الثروة السعودي، بدأ بالفعل على مدار الأسابيع الماضية في اقتناص الفرص، وهي السياسة التي ينتهجها الصندوق بالأساس في إطار الخطة الطموحة للمملكة، في إطار رؤية 2030، لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط والغاز وخلق اقتصاد متنوع يتمتع بالنمو المستدام. وقال مصرفيون للصحيفة البريطانية، إن الصندوق يضع نصب عينيه مجموعة من الأصول ذات الأسعار الزهيدة والعائد الاستثماري المرتفع في قطاعات عدة ستكون بمثابة مصادر دخل هامة حينما تنقشع غيوم كورونا من سماء الاقتصاد العالمي ويعود الاقتصاد لطبيعته مرة أخرى. ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي قوله، إن المملكة أعدت بالفعل فريقا مختصا للبحث بعناية في الأزمة الاقتصادية التي تضرب العالم والبحث عن "خليط من الاستثمارات الاستراتيجية وقنص الفرص الاستثمارية". سيولة جديدة في الطريق ويقول مصرفيون لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن تدفقات متوقعة إلى الصندوق خلال الفترة المقبلة ستمكنه من توفير السيولة اللازمة لاقتناص الفرص الاستثمارية التي ستطفو على السطح في خضم أزمة كورونا. وقالت الصحيفة إن هناك سيولة جديدة في الطريق من متحصلات صفقة طرح أرامكو البالغة نحو 29 مليار دولار، بالإضافة إلى متحصلات صفقة استحواذ أرامكو على حصة الصندوق في عملاق صناعة البتروكيماويات سابك والبالغة نحو 69 مليار دولار والمنتظر إتمامها خلال العام الجاري. وقال أحد المصادر للصحيفة: "إنها استراتيجية توسعية للصندوق يبحثون عن انتهاز الفرص الاستثمارية التي ستسمح بتنويع الاقتصاد مستقبلا". شراكات استراتيجية ويشارك صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية في مجموعة من الشركات الاستراتيجية، منها شراكة مع صندوق أسسته "بلاكستون" للاستثمار بالبنية التحتية في الولاياتالمتحدة، إذ تعهدت السعودية في وقت سابق بضخ نحو 20 مليار دولار في الصندوق، فيما يبلغ إجمالي التزامات المساهمين في الصندوق نحو 40 مليار دولار. وقطاع البنية التحتية بالولاياتالمتحدة أحد القطاعات الواعدة مع حجم فجوة تمويلية تبلغ بحسب تقديرات مستقلة نحو تريليوني دولار ما يمثل فرصا كبيرة ذات عوائد مجزية للمستثمرين. ومن بين الاستثمارات القائمة للصندوق في أوروبا صندوق الاستثمار في الملكية الخاصة الفرنسية والذي يركز على فرنسا بوجه خاص وأوروبا بوجه عام من خلال مديري صناديق الملكية الخاصة الفرنسي والذي يشمل صناديق مزيجا من صناديق النمو وصناديق الاستحواذ بالدين وصناديق الدين الخاص. وفي مايو/أيار 2018، اشترك صندوق الاستثمارات العامة مع مستثمرين آخرين للاستحواذ على 57.8% في أكور إنفست، شركة العقارات الفندقية الفرنسية مقابل 5.33 مليار دولار. ولدى صندوق الاستثمارات العامة السعودي اتفاقية شراكة مع صندوق الثروة السيادي الروسي لاستثمار ما يصل إلى نحو 10 مليارات دولار في مشاريع سعودية روسية مشتركة. النشأة وأنشأت المملكة صندوق الاستثمارات العامة في عام 1971، وكان الغرض منذ اللحظات الأولى لنشأته البحث عن الفرص الاستثمارية المناسبة التي تضمن استثمار عوائد النفط بما يخدم المصالح الاقتصادية لأكبر مصدر للنفط بالعالم وأكبر اقتصاد بالشرق الأوسط. وبحسب الموقع الإلكتروني للصندوق، فإن المحفظة الاستثمارية للصندوق تتنوع ما بين الاستثمارات في الشركات السعودية الكبرى والمشروعات المحلية العملاقة، بالإضافة إلى استثمارات استراتيجية في الخارج. وتقدر بيانات معهد صناديق الثروة السيادية حجم الأصول المدارة لدى الصندوق بنحو 320 مليار دولار، في وقت تتوزع به تلك الاستثمارات بين الشركات الناشئة أو الشركات الاستثمارية الكبرى. ومنذ العام 2017 ينتهج الصندوق سياسة توسعية تتركز على اقتناص الفرص الاستثمارية في الشركات التي يمكنها أن تدر عوائد مستقبلية كبيرة على غرار شركة أوبر الأميركية. وبحسب ورقة بحثية لرؤية السعودية 2030، اطلعت "العربية.نت" على نسخة منها، فإن الحكومة السعودية تستهدف عوائد سنوية تبلغ نحو 8% من الاستثمارات الخارجية الاستراتيجية، ونحو 6.5% من محفظة الاستثمارات الخارجية الأخرى. وتشير البيانات إلى بلوغ أصول الصندوق نحو 840 مليار ريال بنهاية 2017 ما يوازي نحو 223 مليار دولار، في وقت تستهدف به رؤية المملكة 2030 زيادة تلك الأصول إلى نحو 1.5 تريليون ريال أو ما يوازي 399 مليار دولار بنهاية العام الجاري. وتهدف الرؤية أيضا إلى زيادة نسبة الأصول في الأسواق العالمية لنحو 25% بنهاية العام الجاري مقارنة مع نحو 5% فقط قبل 3 أعوام من الآن. ولدى الصندوق حزمة من الاستثمارات بالسوق المحلي تتركز في قطاع البتروكيماويات بنسبة تبلغ نحو 39% وقطاع الخدمات المالية بنسبة تبلغ نحو 15%.