واصلت القوات النظامية السورية هجومها العنيف على مدينة حلب أمس، وسيطرت على مواقع مختلفة في ضواحيها الشمالية، ما زاد الضغط على عشرات آلاف المدنيين المحاصرين في ما وصفته الأممالمتحدة ب «الجحيم» في الأحياء الشرقية. واستغلت الحكومة السورية تقدم قواتها، المدعومة بميليشيات حليفة وبغطاء جوي روسي، لتعرض على عناصر المعارضة فتح «ممر آمن» لهم للخروج من الأحياء الشرقية، من دون تحديد الجهة الممكن أن يغادروا إليها. لكن ليس هناك ما يدل على أن فصائل المعارضة في وارد القبول في الوقت الحالي بإخلاء أحياء حلب الشرقية، لكن دمشق تحاول الضغط عليها بإظهارها بمظهر الطرف الذي يتسبب في معاناة المدنيين المحاصرين. واستهدفت الطائرات الروسية أمس مغارة كان يجتمع فيها قادة «جيش العزة» ودمرتها. ويأتي تقدم الجيش النظامي في حلب على وقع توتر متزايد بين واشنطن وموسكو في شأن الطرف الذي يتحمل مسؤولية التصعيد في سورية، فيما تأمل فرنسا بأن تقدم اليوم الإثنين مشروع قرار إلى مجلس الأمن حول الوضع في حلب، يدعو إلى إعادة العمل بوقف إطلاق النار وفقاً للاتفاق الأميركي - الروسي، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في شرق حلب ووقف الطلعات الجوية للطيران الحربي فوق المدينة. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي دعت أول من أمس مجلس الأمن إلى التحرك في شكل عاجل لوقف «الجرائم البشعة» التي يتم ارتكابها ضد المدنيين في حلب. وقال ناشطون أمس ، وفقًا ل"لرويترز "إن عشرات من عناصر فصيل «جيش العزة» المدعوم من الأميركيين وأطراف عربية بوصفه فصيلاً معتدلاً قُتلوا أو جُرحوا بغارات شنتها طائرات روسية بقنابل ارتجاجية على قاعدة محصّنة لهم في محافظة حماة وسط البلاد، في ضربة يمكن تفسيرها بوصفها «رسالة» إلى الجانب الأميركي الذي كان قد لوّح بأن تصعيد روسيا غاراتها دعماً للنظام في حلب وأماكن أخرى يمكن أن يؤدي إلى تقديم أسلحة نوعية إلى فصائل المعارضة، وسط حديث عن إمكان تقديم بعض الأطراف صواريخ أرض - جو للمعارضين. ويتواجد «جيش العزة» في شكل رئيسي في ريف حماة الشمالي، ويتلقى وفق المرصد دعماً أميركياً وعربياً. وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «خمسين قيادياً وعنصراً من «جيش العزة كانوا داخل المركز لحظة استهدافه ولا يعرف حتى اللحظة مصيرهم» لافتاً إلى أن المركز «عبارة عن مغارة كبيرة تضم مقرات ومستودعات أسلحة». وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، أمس، بأن «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة دعت جميع المسلحين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب إلى مغادرة هذه الأحياء وترك السكان المدنيين يعيشون حياتهم الطبيعية». ونقلت عن القيادة قولها في بيان إن «قيادتي الجيشين السوري والروسي تضمنان للمسلحين الخروج الآمن وتقديم المساعدات اللازمة». وجاء ذلك بعد إعلان «مصدر عسكري» أن الجيش السوري نفّذ، «بالتعاون مع القوات الرديفة» (في إشارة إلى فصيل «لواء القدس» الفلسطيني وميليشيات شيعية تعمل بإشراف الحرس الثوري الإيراني)، «عمليات مكثفة على تجمعات الإرهابيين في الريف الشمالي من مدينة حلب... واستعاد مستشفى الكندي بالكامل مع السفوح الغربية لمنطقة الشقيف وتلة الحمرا ومزارع ال 16 جنوب غربي مخيم حندرات». وأكد «المرصد» هذا التقدم، مشيراً إلى أن «القوات النظامية والمسلحين الموالين لها ووحدات حماية الشعب الكردية» تقدمت إلى منطقة دوار الجندول بعد سيطرتها على معامل الشقيف في شمال حلب. وأكدت مصادر معارضة أخرى مشاركة الأكراد في تقدم القوات النظامية في حلب، علماً أن الأكراد يسيطرون على حي الشيخ مقصود في المدينة، وهو حي يقع بين مناطق سيطرة الحكومة وتلك التي تسيطر عليها المعارضة. وفيما أشارت شبكة «الدرر الشامية» إلى أن القوات النظامية سيطرت على معامل الشقيف ومستشفى الكندي «بالتعاون مع الوحدات الكردية»، نقلت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة عن «مصدر قيادي في الجيش الحر» تأكيده «تورط الوحدات الكردية المتمركزة في حي الشيخ مقصود بمساندة قوات الأسد والميليشيات الشيعية في تضييق الحصار على مدينة حلب». في غضون ذلك، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبريان إنه يشعر «بقلق عميق من القصف العنيف لشرق حلب»، وأكد مجدداً دعوات الأممالمتحدة إلى وقف القتال موقتاً حتى يتسنى إجلاء من يحتاجون إلى رعاية طبية وإدخال المساعدات الإنسانية. وأضاف: «النظام الصحي على شفا الانهيار التام... يجري صرف المرضى ولا توجد أدوية لعلاج حتى أكثر الأمراض شيوعاً». ودعا إلى «العمل العاجل لإنهاء الجحيم الذي يعيش فيه» المدنيون في أحياء شرق حلب.