عقب جلسة استمرت لأكثر من ساعتين ناقش فيها مجلس الأمة الكويتي تصريحات النائب عبدالحميد دشتي المسيئة للمملكة العربية السعودية عبر فضائية سورية مؤيدة لنظام الأسد، استهجن نحو 30 نائب تلك الإساءات المتكررة والتي تعكر صفو العلاقات بين الكويتوالرياض في غمرة الاحتفالات الوطنية، وفق ما قاله النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الصباح. واشتعلت بعدها مواقع التواصل الاجتماعي بالمطالبة بمحاسبة دشتي واتخاذ موقف جاد تجاهه بعد تكرار تعرضه لدول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. ونشر رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم على حسابة على "انستغرام" أن مجلس الأمة الكويتي قد رفع بالفعل الحصانة عن النائب دشتي، مضيفاً أن أمير الكويت كلّفه بنقل رسالة إلى عبدالحميد دشتي، ومفاد الرسالة أن "أي إساءة إلى السعودية أو دول الخليج هي إساءة لي، وأي جرح يجرح الدول الشقيقة في الخليج هو جرح للكويت ولي". وشدد الغانم على أن دشتي لا يمثل المجلس، ولا غطاء له من الجهات العليا كما أشيع في مواقع التواصل الاجتماعي. رُفِعت الحصانة أم لم ترفع؟ وفي وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء، تداول مغردون سعوديون خبر أن الحصانة قد رفعت عن عبدالحميد دشتي بسبب تصريحاته الأخيرة ضد الرياض. وأشارت مصادر نيابية لقناة "العربية" إلى أن تصريح رئيس مجلس الأمة برفع الحصانة عن دشتي كان بخصوص القضية رقم "10/2014 أمن الدولة" المرفوعة من السفارة البحرينية والتي رفعت الحصانة فيها بأغلبية نواب البرلمان عقب قرار صادر من محكمة الجنايات بجلستها في 17/11/2014 وبكتاب مرسل من وزير العدل يطلب فيه من رئيس مجلس الأمة رفع الحصانة عن النائب. وفي 13 يناير 2015 رد رئيس البرلمان بكتاب لوزير العدل يبلغه موافقة المجلس على رفع الحصانة في القضية المنظورة أمام القضاء. المصادر ذاتها نفت وفقا ل"العربية" أن يكون مجلس الأمة الكويتي قد ورده أي كتاب آخر من وزير العدل طلب فيه رفع الحصانة عن النائب عبدالحميد دشتي بخصوص قضية التعرض للمملكة العربية السعودية على خلفية تصريحاته الأخيرة في 24/2/2016 أو حتى القضية الأولى التي تطاول فيها النائب دشتي على المملكة عقب "عاصفة الحزم"، وتحديدا في ابريل من العام الماضي، حيث تقدمت السفارة السعودية آنذاك بمذكرة لوزارة الخارجية الكويتية تطالب فيها بالتحقيق بالإساءات المتكررة من قبل عضو مجلس الأمة الكويتي، كما طالبت بتحويله إلى القضاء. ورجحت المصادر أن تكون السفارة السعودية قد تقدمت بمذكرة احتجاج فقط أو أن وزارة الخارجية لم تتابع الموضوع في ساحة القضاء وبالتالي ضلت الشكوى طريقها لتتوه بين أروقة الدبلوماسية. اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي يذكر ان المادة 19 من "اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي" تنص على أن "عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال". أما المادة 20 فتنص على أنه "لا يجوز أثناء دور الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود أن تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي آخر إلا بإذن المجلس ويتعين إخطار المجلس بما قد يتخذ من إجراءات جزائية أثناء انعقاده على النحو السابق كما يجب إخطاره دوماً في أول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد أي عضو من أعضائه، ويجب لاستمرار هذا الإجراء أن يأذن المجلس بذلك. وفي جميع الأحوال إذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله إليه اعتبر ذلك بمثابة إذن". والمادة 21: "يقدم طلب الإذن برفع الحصانة عن العضو إلى رئيس المجلس من الوزير المختص أو ممن يريد رفع دعواه إلى المحاكم الجزائية. ويجب أن يرفق الوزير بالطلب أوراق القضية المطلوب اتخاذ إجراءات جزائية فيها وأن يرفق الفرد صورة من عريضة الدعوى التي يزمع رفعها مع المستندات المؤيدة لها. ويحيل رئيس المجلس الطلبات المذكورة إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، ويكون نظرها في اللجنة وأمام المجلس بطريق الاستعجال". البرلمان يطالب الحكومة باتخاذ إجراءات قانونية بحق دشتي وقد أصدر مجلس الأمة بيانا رسميا في شأن إساءة النائب دشتي للسعودية والبحرين، تضمن تأكيدا على رفض وإدانة أي تصريحات أو ممارسات أو سياسات تهدد سيادة واستقرار دول مجلس التعاون وخاصة تلك الموجهة إلى المملكة العربية السعودية. وجاء في البيان ما يلي: إيمانا منا بواجباتنا الوطنية ومسؤولياتنا الدستورية، نؤكد على أن مجلس الامة يرفض ويدين بشكل تام وشديد أي تصريحات أو ممارسات أو سياسات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة تمس أو تسيء أو تهدد سيادة واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة تلك الموجهة للمملكة العربية السعودية الشقيقة. ويؤكد المجلس رفضه للتصريحات التي أطلقها النائب عبد الحميد دشتي في اكثر من موقف والتي تتقاطع مع مصلحة الكويت العليا وتوجهاتها، الرسمية والشعبية فالمملكة العربية السعودية هي الشقيقة الكبرى للكويت وعمقنا الاستراتيجي والحصن الحصين للكويت من بعد الله ضد الاخطار التي تتربص بالكويت من اعدائها، كما يشترك البلدان بأواصر من المودة والمحبة، والمصير المشترك، والعلاقات المتجذرة منذ القدم حيث نرتبط معهم بأكثر من رابط متين أخوي وقوي، كما ترتبط القيادتان بروابط وثيقة أخوية، لذلك نؤكد رفضنا للتعرض للمملكة العربية السعودية الشقيقة وأمنها وسيادتها خاصة في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها السعودية في الداخل والخارج، وتعرضها لموجة من الهجمات الارهابية وجماعات الفكر الضال المتكررة، حيث إن حتى بلده الكويت التي ينتمي لها ويفترض أن يدين لها بالولاء لم تسلم منه ومن اساءاته. ويشدد مجلس الامة في هذا السياق على ضرورة صون الوحدة الوطنية كصمام أمان لوطننا الكويت في ظل المتغيرات والتحولات الجارية، كما يشدد على أن حفظ النسيج الاجتماعي ورص الصفوف هو استحقاق مقدس وواجب وطني، وان العبث بالامن الوطني هو خط احمر لن يسمح لأي كان بتجاوزه وتخطيه. وباعتزاز نستذكر ما قام به الاخ رئيس مجلس الامة من موقف تلقائي ومبدئي شجاع منسجم مع التوجه الرسمي والشعبي للدولة، واعتراضه على ما جاء في كلمة رئيس مجلس الشورى الايراني، فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية اثناء مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي في بغداد، موضحاً انه اذا كان الوفد السعودي غير موجود في المؤتمر وانه شخصيا والوفد الكويتي يمثلون السعودية. وعليه يطالب المجلس الحكومة باتخاذ الاجراءات القانونية العاجلة كافة تجاه مثل هذه الاساءات ووضع حد نهائي لضمان عدم تكرارها مستقبلاً، مع موافاة المجلس بجميع الخطوات والاجراءات والتطورات في هذا الشأن، والتي من شأنها تعزيز العلاقات الوثيقة بين دول المنظومة الخليجية، كما ستحافظ على هذا الكيان الخليجي وتعمل على صيانة اهدافه المرجوة نحو مزيد من الحماية والأمن والاستقرار، لمزيد من النماء والازدهار لدول المنظومة ورخاء شعوبها،وتأكيدا من المجلس على تأصيل المواثيق التي تربط الكويت بدول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة وهو ما حرص واكد عليه سمو الامير حفظه الله في اكثر من مناسبة ومحفل مؤكدا أن الكويت جزء لا يتجزأ من الجسد الخليجي، هذا وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي عهده الامين حفظهما الله ورعاهما.