نشرت صحيفة "الغارديان " البريطانية يوم أمس " الأربعاء " القصة الكاملة لفضيحة تجسس أمريكا على حلفائها وأعدائها ، والتي كشفها إدوارد سنودن الذي سربها لصحيفة " الغارديان ". تبدأ القصة حيث تفاجأ المحلل السياسي البارز لجريدة "الغارديان" ، ":غلين غرينوالد" ، بعشرات الرسائل الإلكترونية تتوالى على بريده الإلكتروني بصورة متكررة دون أن يظهر المرسل اسم المرسل , وكان يكرر الجملة التالية " لدي بعض الأشياء المثيرة لفضولك واهتمامك " . يقول "غرينوالد" إلى أن الأمر كان غامضا عليه مما حمله الى أن يقوم بتحميل برامج تشفير على جهاز الكومبيوتر العائد إليه , كي يتمكن من حماية رقمية كي يتواصل بالدردشة مع المرسل المجهول , بالرغم من أن خبرته المعلوماتية ضئيلة في هذا الجانب إلا أنه كان شغوفا لاكتشاف أسرار محيرة تلقاها من هذا المجهول . وأوضح إلى أنه وبعد مضي شهر على محاولاته الفاشلة للتعرف على مراسله المجهول ، كان سنودن " يحاول تغيير مساره وجهته , فقام بإرسال رسائل إلى " غرينوالد" من صانعة الأفلام الوثائقية "لورا بوترس". جدير بالذكر أن لورا من أبرز منتقدي السياسات الأمنية للإدارة الأميركية , الى جانب أنها من أشهر ضحاياها , حيث كان تعرضت لعدد من المضايقات من عملاء وكالة الأمن القومي الأميركي , وكانت في كل رحلة لها لأميركا على مدى 6 أعوام , ومن 2006 و2012 , كانت تتعرض لاجراءات صارمة وتفتيش أغراضها الشخصية ، ويستجوبونها عن وجهتها , وفشلوا في العثور على ما يمكن أن يشفي غليلهم , وكانت واجهت متاعب قانونية بالرغم من ذكائها الشديد في المعلوماتية . وتمكنت أخيرا من إصدار فيلم وثائقي تناولت فيه سياسات اميركا الاستخبارية ،وآثرت الابتعاد لتنتقل إلى برلين وأقامت فيها بصفة مؤقتة . قام " سنودن " بإرسال رسالة هامة الى " لورا" قال فيها : أنا عضو مهم وبارز في منظومة مخابراتية , ولن أضيع الوقت ". وطالب منها أن تزوده برقمها السري الرقمي فلم تتردد في تلبية طلبه , بحسبانها أنه ربما يكون مجرد فخ . وفي أول محادثة لها " دردشة " : أن محتوى الرسائل الإلكترونية حقيقية وجادّة ، ودارت عبارات فكاهية على هامش المحادثة ،فيما كان سنودن كاتبا بارعا ورسائلة راقية جدا ، وكأنما كان يسرد أحداث فيلم سينمائي . وبعد لحظات فجر سنودن قنبلة وابلغ لورا أن لديه وثائق ومستندات حكومية سرية من 18 صفحة تعود إلى شهر أكتوب عام 2012 , وتتحدث الوثائق عن أن وكالة الأمن القومي الأميركي كانت تتجسس على الناس، وتعترض المكالمات الهاتفية عن طريق الكابلات و الألياف البصرية للنجسس على مختلف الأشخاص في العالم بنطاق واسع , اصيبت " لورا " بالذهول" بعد أن علمت أن "سنودن" اختص صديقها " غرينوالد" بأن يكون الصحفي الذي يقوم بنشر أخطر حدث تاريخي سيهز العالم . تقول الصحيفة , أن لورا غادرت إلى نيويورك في أواخر مارس عام 2012 وهي محتاطة جدا وحذرة كونها كانت مراقبة من سفارة أميركا في العاصمة الألمانية برلين , وتوجهت الى الفندق الذي يقيم به صديقها "غرينوالد" بمدينة " يونكُرز " بنيويورك , وتم الاتفاق بينهما على حتمية الحصول على الوثائق السرية الخاصة بوكالة الأمن القومي الأميركي , ولا قناع العالم بصحة الوثائق لا بد من الحصول عليها . كانت لورا حريصة على اخفاء هوية " سنودن" , غير أنه أبلغها بأن تلقي بالمسؤولية عن كشفها عليه , وبأن يعلم العالم بأنه قام بهذا العمل بمفرده ولا علاقة لأحد سواه بالكشف عن تلك الوثائق . في نهاية ربيع عام 2012 فجر سنودن أكبر فضيحة استخباراتية في التاريخ المعاصر , حيث قرر سنودن تسريب أول وثيقة سرية , واحتوى الملف معلومات عن تعاون سريّ " عبر برنامج سري اطلق عليه اسم "بريزم" , وقعته وكالة المخابرات الأميركية مع كبرى شركات الانترنت " سافرت "لورا" مرة أخرى إلى نيويورك، متوقعة أن تلتقي بشخصية استحباراتية تتمتع بالدهاء والحنكة ،غير أن سنودن بعث اليها بوثيقتين مشفرتين كما المرات السابقة ؛ الأولى , كانت برنامج " البريزم" على برنامج " باور بوين" ، فيما الرسالة الثانية , التي اثارة دهشة " لورا " جاء فيها : إن وجهتك التالية إلى "هونغ كونغ" , وما لبثت في اليوم التالي أن كشفت له عن هويتها . استدركت لورا أنها ذات مر ة قامت باجراء بحث على موقع البحث العالمي " غوغل" للبحث عن " سنودن" للتحضير لعملية تبادل المعلومات بطريقة مشفّرة حول حيثيات لقائهما فأدركت أن وكالة الأمن الأميركي ستتنبه لذلك وستكتشف هويتها . منتصف أبريل استقبل الصحافي «غرينوالد» طردا بريدياّ يحتوي على أقراص وبرنامجيات مشفرة، , طالبا منه تثبّيتها على جهاز الكمبيوتر الشخصي كي يتمكن من الدخول إلى برنامج خاص للدردشة الرقمية، عندها تمكن " سنودن" من اجراء المحادثة مع " غرينوالد" , وطالبه بالحضور إلى " هونغ كونغ " الأمر الذي أثار استغراب "غرينوالد" . من جانبه "غرينوالد " استفسر من " سنودن" عن الفكرة الجوهرية للمهة بتقاصيلها , متابعا بسؤاله عن اسرار اخياره له , وبغضون ساعتين أوضح "سنودن " ل " غرينوالد" , عن إحدى أكثر برمجيات الاتصالات في العالم أمانا كي يتمكن من خلالها استخدام البرامج المشفرة الخاصة بدردشتهما عبر الأنترنيت، وأبلغه أنه بطريقه ليرسل له معلومات " سرية للغاية " . وتلقى " غرينوالد" طردا يحتوي على عشرين وثيقة سرية داخلية , تعتبر لدى وكالة الأمن القومي الأميركي " مقدسة " ختمت على "ظرف" كل منها (TOPSECRET ) سري للغاية , احتوت على معلومات تفيد أن وكالة الأمن القومي عمدت إلى تضليل الكونغرس عن طبيعة أنشطتها التجسسية الداخلية بصورة لا يمكن تصديقها. وبعد مضي يومين عقد اجتماع بين "غرينوالد " في مكتب رئيسة تحرير "الغارديان " بنيويورك "غانين غيبسون"، التي وجهته بضرورة السفر إلى "هونغ كونغ" للتوثق من المصدر الذي يبعث لصحيفة " الغارديان" بتلك المعلومات المهمة والخطيرة ، وما لبث ان اشترك في النقاش نائب رئيس التحرير "ستيوارت ميلر" . اسفر الاجتماع عن الإتفاق بأن تحيك الصحيفة قصة الوثائق الخطيرة , وبالفعل أبدى " غرينوالد" رغبته أن يسافر بغضون 16 ساعة القادمة إلى " هونغ كونغ" , بيد أن رئيسة التحرير "غيسبورت " أشارت بضرورة أن يصطحب معه المراسل المخضرم " الاسكتلندي " لوين ماك اسكين" (61) عاما ، المشهور بتغطياته المهنية في الشؤون السياسية , والذي يمتاز بالتعقل وثقة القراء . بذات السياق استاءت لورا من وجود طرف ثالث لخشيتها أن يثير ذلك ارتياب " سنودن" , وصممت أن تصطحب معها " غرينوالد" فقط , بيد أن "غيسبورت لديها وجهة نظر محتلفة , انطلق الفريق المؤلف من ثلاثة , لورا . غرينوالد " وماك اسكين " من مطار جون كينيدي , لورا كانت بمؤخرة الطائرة , وكانت تتولى الصرف على رحلتها من جيبها الخاص , اما "ماك اسكين ", و"غينوالد" كان على حساب الصحيفة , فكانا بالدرجة الاولى . وما أن أعلن قائد الطائرة لمن يريد أن يفك حزام الأمان شعرت لورا بالتحرر , لم يكونوا يحملون هواتف نقالة أو انترنت , فقامت واتجهت صوب " غرينوالد" وسلمته هديتها التي كان ينتظرهها بشغف وهي عبارة عن "فلاش رقمي " يوز بي , يحتوي على بيانات سرية تلقتها من " سنودن" وبها عدد كبير من الوثائق أكثر مما كان يرسله سابقا , إذ بلغت ما يقارب 3000 - 4000 بند استخباراتي . يقول " غرينوالد " وفقا ل " الغارديان " انشغلت طوال الرحلة بفحص الوثائق ، ولم أرفع بصري عن شاشة حاسوبي ولو لثانية واحدة , مع تدفق الادرينالين من جدسي". لورا كانت تتردد على مقعد " غرينوالد" والابتسامة ترتسم على محياها , وكانا يتبادلان النكات والمزاحو الضحكات بنشوة غامرة على مسمع من ركاب الطائرة . وعند وصل الفريق ، تحدد اللقاء بفندق " ميرا كولون" وهو فندق حديث ويوجد في منطقة سياحية ، قرر " غرينوالد " و" لورا" لقاء " سنودن " في ركن هادئ ,، فجل ما يعرفه " غرينوالد" عن " سنودن" انه مجرد عميل مخابراتي متمرس ، ظانا أنه سيجده يلبس ربطة عنق زرقاء ونظارة سوداء ، واحتمل ان يكون هو مدير الوكالة في "هونغ كونغ " وكان أخبرهما أنه سيلتقيهما وهو يحمل بيده مكعب الروبيك , وانتظراه إلا أن شيئا لم يحدث , فهمسا لبعضهما : " المصدر لم يحضر ". ابتدعا خطة المغادرة والرجوع لاحقا بنفس ساعات الصباح ، وهو بالفعل ما نفذاه ، وعادا الى نفس الركن للقاء "سنودن ". وماهي الا برهة من الزمن الا وقد ظهر " سنودن" كان شاباّ ضئيل الجسم ، يرتدي قميصا أبيض ,وبنطلون جينز ,و يبدو عليه التوتر , حاملا مكعب روبيك بيمينه ، قائلين ان كان بالأمر خطأ ، لكن لو كان هو مصدرنا فقد ارسل كلمة سرية لنتعرف عليه . وقطع " سنودن " الشك باليقين , وقص عليهم طوال اليوم عن تمكنه من الولوج إلى عشرات الآلاف من المستندات السرية التي تحصل عليها من وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) و جهاز الإستخبارات البريطاني (GCHQ)، وكانت بغالبيتها مختومة ب (TOPSECRET) ،وأبلغعهم أنه أكبر تسريب بتاريخ المخابرات الأميركية . وعلى الفور وجه" غرينوالد" إلى "سنودن " أسئلة سريعة ومتلاحقة ، للتثبت من مصداقيته ، فلو كان بالفعل سنودن يصدقنا القول لربما تداههمنا فرقة من فرق التدخل السريع , لكن سنودن أجاب عن جميع اسئلته بهدوء , وعندها تيقن الاثنان أنه بالفعل محق وأن الأمر بات واقعيا ؛ وأن ما حدا به أن يكون مسربا لتلك المعلومات الخطيرة ه مقنعة جدا . وكان سنودن أخبرهما بأن وكالة الأمن القومي تسنتطيع وبساطة أن تؤذي اي شخص تريد انطلاقا من الرئيس أوباما نفسه , وغيره ، مشيرا إلى أن بإمكانها أن تتجسس على أهداف أجنبية، لكن الواقع الفعلي فقد كان الأمر مزحة،فالوكالة تتجسس على ملايين الأميركيين و تستولي على العديد من الرسائل الإلكترونية بطرق غير شرعية وبدون موافقة أصحابها، ويطلعون على حياة الأشخاص الخاصة لافرق لديهم بين اصدقاء أو مقربين . واضاف سندن أن لوكالة االأمن القومي آليات رقمية على كل "الكابلات" التي تمتد لكل العالم من تحت البحار،وهو ما مكنهم من اعتراض سائر المكالمات الهاتفية والإتصالات على مستوى العالم، والمحاكم السرية منحت شركات الاتصالات بإمداد الوكالة بكل البيانات التي تحتاجها،لا فتا إلى تورط كل شركات الانترنت العملاقة متورطة بما فيها "غوغل" و "مايكروسفت" و " فيس بوك" وأبل" ، ولدى الوكالة من الوسائل ما يمكنها من ولوج الخوادم الرقمية للشركات العملاقة بكل وقت . وأبلغ سنودن غرينوالد : "إنهم يسجلون كل شيء أقوله، وكل شيء أفعله، وأي أحد أتحدّث معه، حتى تعابير الصداقة والحب فهي تسجّل". وافق سنودن على لقاء الصحفي المخضرم بمكتب واشنطن التابع ل "غارديان " ماك إسكيل" في صباح اليوم التالي , وعلى الفور أخرج "سكيل" هاتفه الآيفون" وسأل «سنودن» إن كان بإمكانه تسجيل محاورتهما، أو ربما التقاط بعض الصور، لكن سنودن أجابه برفع يده لا يمكن . و قال "إسكيل" عن تلك اللحظة: «خيل اليه انني كنت أبلغت الوكالة للقبض عليه " لكن " سنودن " قال له أن وكالة الأمن القومي تستطيع أن تحول الهاتف إلى جهاز تسجيل كما أخبره أن احضاره " الأيفون "غلطة " بحدّ ذاتها، مما دفع ب " إسكيل" إلى إبعاد هاتفه جانبا . وكان " سنودن " أخذ احتياطاته فوضع وسائد اسفل الباب لمنع التنصت بالخارج عبر الممر، لدرجة انه حين كان يريد ادخال رقمه السري لحاسوبه كان يغطي راسة بقطعة قماش حمراء ليمنع أي عين أو اي كاميرا سرية من التقاط شفرته، وعندما اراد سنودن الخروج من الغرفة كان يضع خلف الباب ورق شفاف وكوب ماء حتى يعلم ان احدا ما يزمع الدخول إلى الغرفة . سأل " اسكيل " سنودن عن المخابرات البريطانية تقوم ايضا بتجميع البياتنات فابلغه أن (جهاز ال «GCHQ) اسواء من وكالة الأمن القومي الأميركي واكثر تطفلا . . و في اليوم التالي الذي صادف الأربعاء 5 يونيو، مكث "سنود"» بمكانه في فندق "ميرا" ب "هونغ كونغ" ،فيما رصدت وكالة الأمن الأميركي غياب سنودن , فقامت بزيارة " صديقته " ليندسي ميلر " في بيتها بهاواي ، كاجراء يتخذونه عادة في حال غياب أحد عملائها , ويقول " ويندسون" : إن ما يؤرقه أن والداه لا يعلمان عني شيئا وبماذ اقوم , وأخشى أن يتابعون أقاربي واصدقائي " . وتضيف " الغرديان " أن وكالة الأمن والمخابرات الأمريكية لم تمكن من العثور على سنودن حتّى الآن، وهذا من اكثر الأمور جلبا للحيرة , أنها لم تتمكن من القبض عليه مبكرا وايقافه وكان بإمكان معرة أنه سيسافر إلى " هونغ كونغ" وأنه يقيم بفندق " ميرا" على حسابه الخاص اذ كان يدفع من بطاقته الائتمانية عن الليلة الواحدة 330 دولارا . في المساء قام «غرينوالد» بتحرير قصة مثيرة عن الوكالة الأميركية للأمن القومي وجمعها للمعلومات والبيانات الخاصة في الولاياتالمتحدة على نطاق واسع وتفويضها من شركات الأنترنيت العملاقة. شرع " غرنوالد" بالعمل على حاسوبه الخاص، وينقل مادّته عبر فلاش " يوز بي " إلى جهاز الكومبيوتر الخاص ب " اسكيل" ولذي بدوره يقوم بتحرير المقالات إلى "بطاقة حفظ المعلومات" ، لتجنب نقل أي شيء عن طريق الانترنت . من جانبها قامت رئيس تحرير " الغارديان " بنيوورك " بصياغة المادة الاعلاية لنشر القصّة الأولى، وقد اتخذت ثلاثة عناصر أساسية: طلب المشورة القانونية، وضع استراتيجية حول مدى إمكانية الإقتراب من البيت الأبيض، والحصول على نسخة معتمدة من ملخص تقارير هونغ كونغ. تسارعت الأحداث بسرعة وأطلقت الغارديان قصّة مفادها بأن العميل إدوارد سنودن هو حقيقة أكيدة، فيما قرّرت رئيسة تحرير الغارديا بنيويورك فتح نافذة لوكالة الأمن القومي الأميركي اربع ساعات للرد لأربع ساعات وفقا للمعايير البريطانية ، لتتمكن من نفي القصة أما بالنسبة للولايات المتحدة التي تعرف تجمع حشود من الصحفيين، حيث سافر رئيس تحرير الغارديان- لندن «آلان روس برايدج» ضمن الرحلة المقبلة إلى نحو نيويورك لحضور المؤتمر الكبير الذي عقدته الغارديان الأميريكية مع أعضاء من الحكومة الأمريكية. أرسل البيت الأبيض نخبة من مسؤوليه الكبار من وزارة الدفاع ومكتب التحقيقات الفيدرالية ومركزالإستخبارات وعدّة شخصيات سياسية وقانونية لحضور المؤتمر الصحفي الذي تم عقده مع صحيفة الغارديان، والذي مثله كلّ من "ميلر" و "غبسن" . حاول البيت الأبيض من جانبه إحباط انطلاق المؤتمر الصحفي بدعوى غياب "برايدج"، إلاّ أن "غبسن" قالت بأن رئيس التحرير هو في منتصف طريقه جواّ عبر المحيط الأطلسي، ثم أكدّت بأنها المسؤولة عن الأمور، وبعد 20 دقيقة من المحادثات لم يتوصّل الطرفان إلى أي تسوية، حيث اتضح تنافرهما، وعلا صخب صوت الغضب في أرجاء القاعة، إلى أن صرخ أحد أعضاء الحكومة بصوت قوي: " لا يجب عليكم أن تنشروا هذا، ما من وكالة أخبار جادّة ستقوم بنشره"، لتجيبه "غبسن": مع احترامي نحن من نتخذ قرارات ما ننشر. وبعد تمام السابعة مساء بدقائق، تقدّمت الغارديان الأميركية وأطلقت الخبر ؛ في تلك الليلة شهد محيط مقر الجريدة أجواء غامضة ومجموعة من الأحداث المحبوكة بكفاءة. تقدمت الجرافات لتمزّق الرصيف من أمام المبنى مباشرة، كما أتوا بها إلى جوار بيت "غبسن". قرّر سنودن في تلك المرحلة أن يظهر للرأي العام، وقد صوّرت "لورا" محاورة ل "غرينوالد» مع "سنودن" مدّتها 12 دقيقة. توصل مكتب الجريدة بنيويورك بالشريط للتو، وقد كان ذلك يوم الأحد من 9 يونيو , وفي الثالثة أطلقت الغارديان" مقطع الفيديو لسنودن , وكانما كانت قنبلة فجّرتها ونقلتها وكالات الأنباء العالمية. وانتشرت صورة" سنودن " على شاشات المعمورة , وصل الخبر إلى "هونغ كونغ" عبر الأنترنيت في الساعة الثالثة .وكانت القصة اكثر متابعة بتاريخ الغارديان. وأمسى " سنودن" أشهر المطلوبين في العالم . وبدأت مطاردته ميدانيا , وقد كان الدليل أنه بهونغ كونغ أن "غرينوالد" صرح بحوارات تليفزيونية ل " سي إن إن " معلقا على رحلته إلى " هونغ كونغ" مما أعطى دلالة عن المكان الذي يقيم فيه , وقد درس الكثير من الصحفيين الصينيين والمحللين بعض العلامات التي تضمنها الفيديو، وتوصلوا الى أن المكان الذي يقيم فيه هو فندق "الميرا" في هونغ كونغ , بعد ذلك اختفى سنودن عن الأنظار. فيديو مترجم