وجه محمد ماجد الخطيب قائد لواء الفرقان في سوريا رسالة إلى الثوار المجاهدين في سوريا , تلقت جازان نيوز نسخة منه , فحواها , يدعوهم لعدم التكالب على أمور الدنيا , والبحث بشؤون الاقتصاد والسياسة , قبل أن يعرفوا معني (لا اله إلا الله) فإن االبناء سيكون هشا , غير متين ..وفيما يلي نص الرسالة : الحمدُ للهِ نحمدُه، نستعينُ به ونسترشدُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يضللْ فلا هاديَ له، وبعد: وردَ في حديثِ الحبيبِ المصطفى عليهِ الصلاةُ والسّلامُ: ( تكونُ النُّبوةُ فيكم ما شاءَ اللهُ أنْ تكونَ .........) وذكر في آخره (ثمَّ تكونُ خلافةً على منهاجِ النّبوةِ) , قالَ ابنُ مسعود رضي الله عنه : «إنَّ الله نظرَ في قلوبِ العبادِ، فوجدَ قلبَ محمّدٍ خيرَ قلوبِ العبادِ،فاصطفاهُ لنفسِه، فابتعثَه برسالتِه، ثمَّ نظرَ في قلوبِ العبادِ بعدَ قلبِ محمّدٍ ، فوجدَ قلوبَ أصحابِه خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعلَهم وزراءَ نبيِّه، يقاتلونَ على دينِه، فما رأى المسلمونَ حسناً، فهوَ عندَ الله حسنٌ، وما رأَوْا سيئاً فهوَ عندَ الله سيئ» رواه أحمد .. أيَّها الإخوةُ... لا بدَّ أنَّكم تشاهدونَ هذهِ الأيّامَ العصيبةَ التي يمرُّ بها المسلمونَ بلْ تعيشونَها وترونَ من خلالها نوراً سوفَ يشعُّ من جديدٍ فيملأُ الآفاقَ بإذنِ اللهِ تعالى، بعدَ مرحلةِ مخاضٍ عسيرٍ , ألا وهوَ عودةُ الخلافةِ الرّاشدةِ التي بشّرَ بها حبيبُنا محمدٌ ؛ ولكنَّ السّؤالَ هنا: كيفَ ستقومُ هذه الخلافةُ؟. ومن الذين أقاموا أوَّل خلافةٍ؟. وهلْ إذا قامت هذه الخلافةِ ستستمرُّ أم سيُقضى عليها قبلَ أن تؤتي أُكُلَها !؟ إخوةَ الإسلامِ والعقيدةِ: إنَّ الصحابةَ كانوا طرازاً فذّاً في التاريخِ كلِّه لأنَّهم ترجموا ( القرآنَ ) إلى بشرٍ من لحمٍ ودمٍ، ونمتْ شجرةُ الصّحابةِ ونضجتْ على أصلِها الثّابتِ الضّاربِ في أعماقِ الأرضِ وفرعُها في السّماءِ تؤتي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذنِ ربِّها . وإنَّ من أهمِّ الأسسِ التي قامتْ عليها الخلافةُ الإسلاميَّةُ والتي ربَّى عليها نبيُّنا محمدٌ أصحابَه: قصرُ التّربيةِ على المنهجِ الرّبانيِّ وحدَه: فقد غضبَ الرسولُ عندما وجدَ صحيفةً من التوراةِ بيدِ عمرَ بنِ الخطابِ، وقال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي " تجريدُ الدّعوةِ من المنافعِ الدّنيويةِ والثّمارِ العاجلةِ: فقد جاءَ الرسلُ كلُّهم معلنينَ ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: 109] فالأنبياءُ والدّعاةُ والمجاهدون ينبغي أن يترفَّعوا عن دنيا الناسِ حتى يتقبلوا دعوتهم ولذلك لم يكنِ النبيُّ يُمَنِّي أصحابَه غرضاً دنيويَّاً لقاءَ دخولهم في الإسلامِ، ( صبراً آلَ ياسر فإنَّ موعدَكم الجنَّةَ )، إنه لم يعدْهم حكماً ولا رئاسةً ولا جاهاً ولا مالاً ولا عرضاً من متاعِ الدّنيا ، وعندما عرضَ دعوتَه على بني عامرِ بن صعصعةَ قامَ إليه رجلٌ وقالَ: أرأيتَ إذا نحنُ بايعناك على أمرِك ثمَّ أظهرَك الله على من خالفَك أيكونُ لنا الأمرُ من بعدِك!؟ فقال : ( الأمرُ لله يضعُه حيثُ يشاءُ ) فأَبَوا عليه، كان ذلك في الوقتِ الذي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه بأمسِّ الحاجةِ لنصرةِ رجلٍ واحدٍ، ولم يكنْ ربُّ العزَّةِ قد أنبأَ رسولَه صلى الله عليه وسلم أنَّ هذا الدِّينَ سينتصرُ على يديه لكنَّه كانَ على يقينٍ بأنَّ هذا الدِّينَ سينتصرُ مهما طالَ المدى، وقد قالَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم للأنصارِ يومَ العقبةِ الثّانيةِ: أبايعُكم على أنْ تمنعوني مما تمنعونَ منه نساءَكم وأبناءَكم. قالوا: فما لنا يا رسولَ الله إنْ نحنُ وفينا لذلك؟. قالَ: الجنَّة !! قالوا: ربحَ البيعُ لا نقيلُ ولا نستقيلُ . فعلى الذينَ يعملونَ لإقامةِ حكمِ الله في الأرضِ أن يدركوا هذهِ القضيَّةَ، وأنَّ الدعواتِ لا يصلحُ لها إلا المتجرِّدون وإلا فإنَّ الدّعوةَ ستتحوّلُ إلى سُلَّمٍ يتسلَّقُ عليه المنتفعونَ ويتاجرُ به المتاجرون. ولمَّا أنِ ابتلى الله عزَّ وجلَّ أصحابَ الرّسولِ صلى الله عليه وسلم فصبروا وعلمَ أنَّهم لا يريدُون جزاءً في هذه الأرضِ كائناً ما كان هذا الجزاءُ، علمَ أنَّهم أصبحوا أمناءَ على شرعِه فمكَّن لهم في الأرضِ ووضعَ بينَ أيديْهم تلكَ الأمانةَ الكبرى . الابتداءُ بالبناءِ العقديِّ للأمَّةِ قبلَ البناءِ التّشريعيِّ : فقدْ أنفقَ القرآنُ المكيُّ ثلاثةَ عشرَ عاماً على شرحِ كلمةِ التّوحيدِ والإخلاصِ : ( لا إلهَ إلا الله )، التي يرفعُ بها اليومَ مجاهدو الثّورةِ السّوريةِ السّبابةَ ويموتونَ عليها ويلقِّنُ بعضُهم بعضاً إياها , إنَّ كلَّ تشريعاتِ هذا الدِّينِ وأحكامَه قائمةٌ على قاعدةِ الألوهيّةِ الواحدةِ فهذا الدّينُ كالشّجرةِ جذورُها ضاربةٌ في أعماقِ الأرضِ وفروعُها باسقةٌ في السّماءِ فإذا كانَ المجموعُ الخضريُّ كبيراً فيجبُ أن تكونَ الجذور عميقةً كي تحتملَ هذه الضَّخامةَ لهذهِ الشّجرةِ , ويجب أن تكونَ جذورُ هذا الدّينِ ( لا إله إلا الله ) عميقةً في القلوبِ حتى تحتملَ شجرةَ الدّينِ كله والذين يظنّون اليومَ أنَّهم يدعونَ النّاس إلى دينِ الله عن طريقِ عرضِ النّظامِ الاقتصاديِّ أو الاجتماعيِّ أو السّياسيِّ أو الأخلاقيِّ على النّاسِ ليحبِّبوهم بدينِ الله ويدخلوهمْ فيه ، هؤلاءِ لا يدركونَ طبيعةَ هذا الدِّينِ ولا المبدأَ الذي يعملُ به .. أيَّها الإخوةُ... يجب أنْ نبدأَ بالنّاسِ كل النَّاسِ، لا من تحبيبِهم بالفروعِ إنَّما من غرسِ العقيدةِ في أعماقِهم، فمِنْ هنا نبدأُ وبعدَ أنْ نغرسَ العقيدةَ في قلوبِهم يمكنُ أن يطبِّقُوا كلَّ شيءٍ، أمّا إذا أشبعْناهم بالحكمةِ منَ الطَّهارةِ والصَّلاةِ وواجباتِ الحاكمِ وحقوقِ المرأةِ ونحوها، وقمْنا بتعريفِ النّاسِ بالنِّظامِ الاقتصاديِّ والسياسيِّ قبلَ ( لا إله الا الله ) فإنَّ البناءَ لنْ يكونَ متيناً وراسخاً لأنَّه بلا أساسٍ، ونكونُ كالذي يزرعُ بذوراً في الهواءِ ثمَّ ينتظرُ منها الثِّمارَ، فهلْ ستثمرُ؟!. وضوحُ الرَّايةِ وتميُّزُها دونَ اختلاطٍ ولا عمايةٍ: ولذلكَ عندما عرضَ المشركونَ على النبيِّ أنْ يعبدُوا إلهَهُ سنةً ويعبدَ آلهتَهم سنةً نزلتْ سورةُ الكافرونَ التي تفاصلُ المشركين، وعليه يجبْ أنْ نعلنَ هدفَنا واضحاً منْ أولِ يومٍ ولا يجوزُ أنْ نختبئَ تحتَ راياتٍ قوميّةٍ , أو إنسانيَّةٍ أو غيرِ ذلك، من أجلِ أنْ نبلّغَ دينَنا ؛ إنَّ اختلاطَ الهدفِ سيُضيعُ الناسَ فلا يعرفونَ ما يتّبعونَ ولا أينَ يسيرونَ، ولذلكَ فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وسائرَ إخوانِه من قبلُ، أعلنوها من أوّلِ يومٍ: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ واستمرُّوا يحثُّون على انفرادِ المسلمين بشعورِهم وعزلتِهم الشّعوريّةِ والنّفسيةِ منذ أوّلِ لحظةٍ حتّى لقُوا ربَّهم. بناءُ القاعدةِ الصّلبةِ: تلكَ القاعدةُ التي حرصَ عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، وقضى أغلبَ وقتِه معَ أصحابِه في دارِ الأرقمِ ليعلّمَهم ويزكّي نفوسَهم، فخرَّجَ هذه النَماذجَ من أمثالِ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ جميعاً , ويُضافُ لما سبقَ من الأسسِ: الاستفادةُ من جميعِ الطّاقاتِ، وربطُ النّاسِ بالمبدأِ لا بالأشخاصِ، وأنْ نستغلَّ الوقائعَ الجاريةَ فنغرسَ في النّاسِ الدّروسَ المستفادةَ منها، وأنْ نغرسَ الثّقةَ بنصرِ اللهِ في أعماقِ النّفوسِ، يحذونا في كلِّ ذلكَ الرِّفقُ والإشفاقُ بعيداً عنِ العنفِ. أيَّها الإخوةُ... إنَّ للمنهجِ النّبويِّ في التَّربيةِ فوائدُ جمَّةٌ، خاصةً لأولئكَ الذينَ يريدونَ أن يقيموا دينَ الله في الأرضِ وينْشئوا المجتمعَ المسلمَ في الحياةِ الواقعيّةِ بعدَ أن غابَ عن الشُّهودِ والوجودِ ولعلَّ من أهمِّ هذهِ الفوائدِ : معرفةُ منهجِ التّفكيرِ الإسلاميِّ في البناءِ: لأنَّ منهجَ التّفكيرِ والحركةِ لإقامةِ الإسلامِ لا يقلُّ أهميَّةً ولا ضرورةً عن المنهجِ الحيويِّ ولا ينفصلُ عنه، فكما أنَّ هذا الدّينَ ذاتَه هو من عندِ الله فكذلكَ الطريقُ التي قامَ بها أوّلَ مرّةٍ من عندِ الله أيضاً , اقتفاءُ هذا الطّريقِ الرّبانيِّ لنصرةِ دينِ الله وتحكيمِ شريعتِه في الحياةِ، من أجلِ الثّباتِ على هذا الطّريقِ : ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود: 120] ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: 90] فهذا الطرَّيقُ هو الذي سلكَه رسولُ الله أوَّلَ مرّةٍ حتى انتصرَ هذا الدِّينُ ولن يقومَ هذا الدِّينُ مرّةً أخرى إلا بهذا الطّريقِ ؛ يجبُ أنْ يعرفَ أصحابُ هذا الدِّينِ جيّداً أنّه كما أنّ هذا الدّينَ ربانيٌّ في ذاتِه فهوَ كذلكَ ربانيٌّ في منهجِه، وإنّه لا يمكنُ فصلُ حقيقةِ هذا الدّينِ عن منهجِه في العملِ، وإذا نحنُ عرفنا منهجَه في العملِ فلنعرفْ أنّ هذا المنهجَ أصيلٌ، وليسَ منهجَ مرحلةٍ ولا بيئةٍ ولا ظروفٍ خاصةٍ، إنّما هو المنهجُ الذي لا يتمُّ بناءُ هذا الدِّينِ في أيِّ وقتٍ إلا بهِ . معرفةُ عظمةِ القائدِ المربِّي الذي طبَّق هذا المنهاجَ، وعظمةُ الجنودِ الذين ترجموه: فالرّسولُ خرَّجَ في وقتٍ قصيرٍ صحابةً فيهم القادةُ والدّعاةُ والسّياسيّون والإداريّون والمربّون والمعلِّمونَ والقضاةُ والحكّامُ، وإنّي أتكلّمُ عن السّياسةِ إذْ لا يمكنُ فصلُ الدّينِ عن السّياسةِ، ولا سياسةَ إلا ما وافقَ الشَّرع، قال ابنُ عقيل: ( السّياسةُ ما كانَ من الأفعالِ بحيثُ يكونُ النّاسُ معه أقربَ إلى الصّلاحِ وأبعدَ عن الفسادِ، وإنْ لم يشرعْه الرّسولُ ولا نزلَ به وحيٌ ... السّياسةُ العادلةُ جزءٌ من أجزاءِ الشّريعةِ وبابٌ من أبوابِه وتسميتُها سياسةً. (أمرٌ اصطلاحيٌّ) لكنْ يجبُ أنْ تكونَ السّياسةُ موافقةً للشرعِ لا لصالحِ حكمٍ أو حزبٍ أو هوى حاكمٍ يختلقُ الأعذارَ والمبرِّراتِ،ولقدْ سُرِرنا كثيراً يومَ وصلَ الإسلاميّون إلى الحكمِ في مصرَ، لكنّنا صُدِمنا بسياستِهم _التي لا نجدُ لها, مبرراً_ معَ إيرانَ قاتلةِ المسلمينَ في بلادِ الشّامِ!! أيَّها الإخوةُ... نعيشُ في هذهِ المرحلةِ الحسّاسةِ من تاريخِ أمّتنا حيثُ ثورتُنا المباركةُ التي ستُهيّئُ –بإذنِ الله- لظهورِ جيلٍ يحملُ على كاهلِه أعباءَ النّهوضِ بالأمّةِ لتصلَ إلى الخلافةِ الموعودةِ، حريٌّ بنا في هذهِ المرحلةِ أنْ نتكاتفَ جميعاً وأنْ نعملَ في المتَّفقِ عليهِ لنصلَ بالأمّةِ إلى مناخٍ مشابهٍ لما كانتْ عليهِ دولةُ الخلافةِ الرّاشدةِ، وأنْ نضحيَ في سبيلِ تكوينِه بالغالي والنَّفيسِ وأنْ نكثرَ من التأمُّلِ في الرَّعيلِ الأوَّلِ صحابةِ الرَّسولِ ونشدَّ منْ أزرِ المسلمينَ ونعملَ على تثبيتِهم ورفعِ معنويَّاتِهم وتعبيدِهم لله سبحانَه . اللهمَّ ارفعْ بنَا رايةَ الإسلامِ وأقمْ بنا دولةَ القرآنِ وأحيِنا بها سعداءَ أوْ أمِتْنا دونَها شهداءَ إلى وعدِ حبيبِنا محمد فلْنحثّ الخطا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم: محمد بن ماجد الخطيب قائد ألوية الفرقان في سوريا 1 ..