نشرت بوابة الأهرام البيانات التي صدرت عن الجيش المصري منذ ثورة يوليو التي قام بها الضباط الحرار ضد الملك فاروق الأول , بيقادة اللواء محمد نجيب الذي كان اكبر الضباط رتبة , وقد أعلن البيان الأول الضابط في سلاح الإشارة محمد أنور السادات الذي , كان الرئيس الثاني , لمصر , بعد أن اقصي محمد نجيب , وتسلم رئاسة الوزراء ثم رئاسة الجمهورية جمال عبدالناصر , الذي يعتبر القائد الفعلي لثورةت يوليو , واستقر الأمر بتعيينه أنور السادات نائبا له . تقول بوابة الأهرام : كان الجيش حاضرا في معظم الثورات المصرية في التاريخ الحديث، فمن ثورة عرابي ورفاقه سنة 1881 إلى ثورة 1952 التي فجرها الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر، وصولا لثورة يناير 2011 التي فجرتها طوائف الشعب المصري، لكن الجيش الذي لم تكن له الكلمة الأولى في انطلاق الثورة، كانت له الكلمة الأخيرة في نجاحها. وبين البيانات التي أصدرها الجيش المصري عبر تاريخه، وهي قليلة، فإن ثلاثة بيانات يمكن وصفها بالتاريخية، حيث شكلت علامات فارقة في تاريخ مصر. وقد أعاد بيان القيادة العامة للقوات المسلحة الذي صدر في 1 يوليو الجاري للأذهان بيان ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 وكذلك بيان ثورة يوليو 1952 بخلاف المرات التي اضطر فيها الجيش لمغادرة ثكناته والنزول إلى الشارع. ففي الثالث والعشرين من يوليو عام 1952 كانت البلاد قد بلغت مرحلة من الغليان لا يمكن السكوت عليها، تتمثل في تصرفات الملك فاروق بحل عدد من الحكومات المنتخبة ثم معركة الإسماعيلية يوم 25 يناير بين قوات الشرطة والاحتلال الإنجليزي الذي تلاه حريق القاهرة في 26 يناير 1952 دون علم الفاعل أو الأسباب. وبالتالي استشعر تنظيم الضباط الأحرار في هذا الوقت الخطورة بحيث لا يمكن السكوت على هذه الأوضاع خاصة وقد نما إلى علمهم أن التنظيم قد انكشف أمره بالفعل لدى كل من الملك ووزير الدفاع. وبدأت حركة الضباط الأحرار في التحرك بقيادة اللواء محمد نجيب وتمت السيطرة على مبنى الإذاعة وقتها وعدد من المنشآت العسكرية والحيوية مثل مبنى قناة السويس وخرج بيان الثورة الأول الذي تلاه الرئيس الراحل أنور السادات أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة فيما بعد وجاء نصه كالتالي: من اللواء أركان الحرب محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة إلى الشعب المصري "اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم.. وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم، ولابد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب. أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب وإني أؤكد للشعب المصري، أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية وأنتهز هذه الفرصة، فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر وأن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم والله ولي التوفيق". ونلاحظ هنا أن هذا البيان الذي خرج عن القوات المسلحة كان محددا فيه اسم شخص بعينه حتى يعرف الجمهور من هو قائد تلك الحركة ولأي فصيل ينتمي. وقد كان ذكر اسم اللواء محمد نجيب واختيار الضابط أنور السادات لإلقاء البيان مقصودا، فقد كانا هما الاسمين المعروفين من بين كل أعضاء مجلس قيادة الثورة. محمد نجيب كان قد فاز برئاسة نادي الضباط قبل الثورة متحديا مرشحا مدعوما من الملك فاروق ومن وزير الحربية وقتها، وهو ما جعله اسما معروفا أما أنور السادات فقد كان متهما في قضية اغتيال وزير المالية أمين عثمان واعتقل عدة مرات ومعروف بنشاطه المعادي للاحتلال. وقد اهتم البيان بشرح الدوافع الأصلية وراء خروج هذه الحركة والقيام بتلك الثورة فضلا عن التأكيد على ضرورة منع التخريب وطمأنة الأجانب والتضافر مع الشعب كله بالتأكيد على أن كل مصر سوف تتلقى هذا البيان بحالة من الابتهاج. اليبان الثاني كان في الثامن والعشرين من يناير عام 2011 عندما عمت البلاد مظاهرات احتجاجية عارمة في كل أنحاء الجمهورية قوبلت بعنف شديد من قبل قوات الشرطة التي انهارت تماما، مما اضطر الرئيس حسني مبارك بإصدار قراره للقائد العام للقوات المسلحة في هذا الوقت المشير محمد حسين طنطاوي بالنزول للسيطرة على الأوضاع. وبالفعل كان للرئيس ما أراد ونزل الجيش ولكن بدون التعرض للمتظاهرين أو إجبارهم على الرحيل وفض تظاهراتهم، فقط قامو بتأمين المنشآت الحيوية دون إطلاق النار على المتظاهرين. وفي الأول من فبراير انعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة وخرج ببيانه الأول الذي قال فيه: البيان رقم 1 للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية. "انطلاقا من مسئولية القوات المسلحة والتزاما بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه، وحرصا على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر العظيم وممتلكاته، وتأكيدا وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة.. انعقد اليوم الخميس الموافق العاشر من فبراير 2011 المجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث تطورات الموقف حتى تاريخه وقرر المجلس الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم". وقد اعتبر هذا البيان بمثابة إنذار للرئيس حسني مبارك كي يحقق مطالب الجماهير الغفيرة في أسرع وقت ممكن. أما البيان الثالث، فقد صدر في 2013 عقب مظاهرات الثلاثين من يونيو الماضي ضد حكم الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمون والذي أمهل فيه جميع القوى السياسية 48 ساعة لإنهاء تلك الأزمة أو ستفرض القوات المسلحة خارطة الطريق الخاصة بها. ويؤكد علاء عز الدين رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للقوات المسلحة سابقا، أن خروج القوات المسلحة ببيانات لا يعني خروجا عن الشرعية، بل حفاظا على الشرعية فالشرعية تتمثل في الشعب ولا شئ غيره، وبالتالي ما يريده الشعب هو الشرعية، التي يقف معها الجيش دائما. ونفى تماما عز الدين فكرة أن يكون الفريق أول عبد الفتاح السيسي قد انقلب على الرئيس مرسي وإنما ما أكد أن بيان القيادة العامة الأخير، إنما هو تصحيح لمسار ثورة 25 يناير "لأنه كان مفترضا أن نتخذ طريقا معينا، ولكن استأثر بالسلطة تيار متأسلم انقلب على آليات الديمقراطية التي أتت به إلى سُدّة الحكم". وأضاف عز الدين أن السيسي قام بدوره في حماية الأمن القومي بموجب الدستور الذي كتبه هذا التيار دون أن يشعرون بفحواه فمفهوم الأمن القومي هو توفير قدرة الدولة على حفظ كيانها وحق البقاء ضد أي تهديد داحخلي أو خارجي في ظل منظومة قيم وقاعدة علمية وتكنولوجية تمكنها من تحقيق الرفاهية والتقدم.