أظهرت بيانات رسمية أن معدل التضخم السنوي في المملكة تراجع إلى 4.1 في المائة في آب (أغسطس) بعد أن بلغ 4.2 في المائة في تموز (يوليو) ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى تباطؤ وتيرة ارتفاع إيجارات المساكن. وقالت وكالة الأنباء السعودية نقلا عن بيانات رسمية «بلغ مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر آب (أغسطس) عام 2009 نحو 122.7 مقابل 122.2 لشهر تموز (يوليو) عام 2009». وبلغ معدل التضخم السنوي في تموز (يوليو) 4.2 في المائة وهو أقل معدل منذ تموز (يوليو) 2007. وقالت الوكالة إن نسبة الزيادة السنوية في المؤشر القياسي لمجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه تراجعت إلى 13.1 في المائة في آب (أغسطس) انخفاضا من 13.5 في المائة في تموز (يوليو). وبلغت نسبة الزيادة السنوية لمؤشر مجموعة الأطعمة والمشروبات 1 في المائة في آب (أغسطس) دون تغيير عن تموز (يوليو). ويمثل كل مؤشر من المؤشرين السابقين نحو خمس الوزن الإجمالي للرقم القياسي لتكلفة المعيشة. وتوقع محللون أن يتسبب شهر رمضان الذي بدأ يوم 22 آب (أغسطس) في ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلا أن عددا من تجار التجزئة نفوا ذلك. وقال جون اسفكياناكيس كبير الاقتصاديين لدى البنك السعودي الفرنسي الذي تمتلك فيه مجموعة كريدي أجريكول الفرنسية حصة كبيرة «المحرك الرئيسي للتضخم هو الأغذية والإيجارات. والطلب على هذين القطاعين منخفض والنشاط في تراجع خاصة من القطاع الخاص». وأضاف «حاليا قد يبلغ متوسط معدل التضخم لهذا العام 4 في المائة الأمر الذي يعني أن معدل التضخم السنوي قد ينخفض إلى نحو 3 في المائة في كانون الأول (ديسمبر)».وقالت السعودية العام الماضي إنها ستستثمر نحو 400 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة بصورة أساسية في مشاريع البنية الأساسية وذلك في إطار سعيها لمواجهة آثار الأزمة العالمية. وبدأت معدلات التضخم تتراجع في السعودية أكبر اقتصاد عربي إذ ساعد انخفاض أسعار السلع الأولية وارتفاع الدولار الأمريكي على الحد من تكلفة الواردات في البلاد التي تربط عملتها بالدولار. وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي قد قالت إنها تتوقع أن يستمر التراجع خلال الفترة المتبقية من العام. وقال سايمون ويليامز خبير الاقتصاد في بنك HSBC «النمو الاقتصادي لا يزال بطيئا ومعدل الإقراض المصرفي مستقر دون تغيير والضغوط التضخمية المستوردة متواضعة». وأمام ذلك أكد ل«الاقتصادية» الدكتور حبيب الله تركستاني، وكيل معهد البحوث والاستشارات والتسويق في جامعة الملك عبد العزيز، أن تراجع مستوى التضخم في المملكة يعود إلى تماسك الاقتصاد السعودي وقدرته على تخطي الأزمة المالية العالمية بسبب توفر السيولة النقدية من جراء الدخل في الاقتصاد السعودي بعد ارتفاع أسعار النفط قبل الأزمة المالية العالمية والتعامل مع الرساميل والأموال في تلك الفترة الذي أدى إلى قدرة الاقتصاد السعودي على التوازن وعدم تأثره بالأزمة المالية العالمية التي حصلت في العالم، وانعكس ذلك على الاقتصاد الجزئي والتعاملات التجارية والاقتصادية بسبب وجود احتياطي نقدي واستمرار التدفق المالي والإنفاق على المشاريع الحكومية الذي أدى إلى تماسك الاقتصاد وعدم انجرافه خلف ارتفاع معدلات التضخم، وبالإضافة إلى الوضع الاقتصادي العالمي نشاهد استقرارا لأسعار السلع والخدمات. وأوضح حبيب أن الأزمة المالية العالمية أثرت في الاقتصاد السعودي بحكم الارتباط بعمليات الاستيراد والتصدير مع الدول الصناعية التي تعرضت إلى عدم استقرار في اقتصادياتها. وقال يمكن المحافظة على معدلات التضخم المتراجعة التي تفرضه عدد من المؤشرات الاقتصادية الحالية والمستقبلية، مؤكدا أن الخطة الاقتصادية التي تسير عليها المملكة تسهم كثيرا في الاستقرار وتنفيذ المشاريع الحكومية العملاقة. وأرجع وكيل معهد البحوث والاستشارات والتسويق في جامعة الملك عبد العزيز تماسك الاقتصاد السعودي من خلال التحكم في عمليات استيراد السلع وكذلك مساهمة القطاع الخاص في هذا الإطار الذي له دور فاعل في تراجع التضخم من خلال عدم المبالغة في رفع الأسعار وتخفيض التكاليف الثابتة والمتغيرة وتحمل المسؤولية الاجتماعية وتحقيق الأسعار العادلة التي تتماشى مع مستوى الدخل.