منذ ثلاثين عاما أو تزيد قليلا وأنا أتابع معظم المناشط الدعوية والمحاضرات في سوق أشرطة ( الكاسيت) قديما ومواقع التواصل حديثا والمساجد ومنابرها قديما وحديثا ومع ذلك لم أسمع محاضرة (توعوية) أو خطبة تكون موجهة للتجار .نعم لم يكن الخطاب الديني موجه يوما من الأيام إلى ( التجار) لتحذيرهم من عقوبة الطمع وظلم الناس بالمغالاة في الأسعار رغم إن الأمر يهم الناس جميعهم .بل اقتصر الخطاب الديني على (التحريض ) و ( الجهاد) المزعوم في بلاد أفغانستان والشيشان والبوسنة حتى وصل إلى العراق وسوريا عبر الزمن . وبموازاة ذلك نجد خطابا آخر مماثل في القوة والمقدار هو خطاب موجه للتحذير من المرأة وكل ما يخصها من زينة وملابس وأثر ذلك على الدين وقوة الإيمان !!بينما التجّار يمتصون جيوب المواطنين والأسعار تتضاعف وكل ذلك الارتفاع ومع ذلك لم يلفت نظر شيخ أو داعية أو مفكّر ليخرج بكلمة أو محاضرة تهتم لأمر (العامّة) وكأن كل الذي يهم أولئك المشايخ والدعاة والوعاظ توريط الإنسان البسيط وتوجيهه نحو الفقر والتنظيمات (الإرهابية) بحجة الجهاد .وياهيئة كبار العلماء وصغارهم يا معشر الدعاة والوعاظ عليكم بالتوجه نحو (التجّار) إن لم تكونوا منهم فانصحوا لهم وذكروهم إنهم محاسبون أمام رب العالمين حذروهم من الاحتكار وبيع الغبن حذروهم من الظلم في المعاملات التجارية . حذّروهم من الغش فقد نسوا أو تناسوا إنهم سيبعثون أمام الله للحساب على تعاملهم مع الناس ولكم في كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه أدلة وافية وكافية فقد عذّب الله أمما أكثر منا قوة وأشد باسا بسبب التعاملات التجارية والغش فيها والمغالاة بأسعارها فهذه قصة قوم شعيب عليه السلام واضحة في كتاب الله تعالى:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ}[سورة هود: آية 84] يامشايخنا الكرام إن صمتكم وتغافلكم عما يعمل التجار يجعلكم من المشمولين بقوله تعالى (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6( حتى لو لم تكونوا من أولي التجارة لأن الله تعالى قال :إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77( 1