عندما تزأر الحروب تأتي برحالها الاكفان مرغمة ، فحين بزغ نجم الحركات الجهادية والتي يطلق عليها الأصولية المتشددة أو المتطرفة ،وصارت اليوم تسمى الارهابية في زمنها لمحاربة المد الشيوعي من خلال الخطاب الديني لكن هذه الأحلام سرعان ما أنفضت تحت رذاذات جهادية طفحت من رحم التقليدية فاستغل الإخوان هذا الفراغ السياسي البحت وزجوا بأنفسهم فيه .لكنهم لم يحسنوا القيادة وكانت كل الأهداف من خلال الدين دوافع مادية مغلفة بالدين ...فعاثوا بسلطة جمع المال من خلال سلطة الكرسي و المنصب, واستغلت حركة داعش والنصرة المدعومة دولياً هذا السبات وخرجت للفضاء من باب هشاشة المعتقد وغياب العقل العربي. لقد بات معروفا للعالم أن الولاياتالمتحدة غزت العراق في وضح النهار بالمقابل أصبح هناك يقين تام أن إيران احتلته ولهذا الاحتلال أسباب عدة ؛ كما بات معلوما للجميع أن إيران تملك عدة أوراق إقليمية تلعب بها في الشرق والعالم وليست أي اوراق والورقة العراقية هي جوكر الشرق فالحلم السرمدي بالدولة الاسلامية العالمية مازال طافياً في سياستها وطموحها الآخر بأن تكون هي القوة العظمى حتى تقوم بتسليط سيف المساومة والمقايضة مع خصومها دون رادع. ايرانوامريكا خصمين كبار في الشرق كلهما يحارب الاخر في الميدان العراقي على حساب دم العراقي فقط كان إزاحة صدام حسين رغبة أمريكية وحلم أيراني بحت لأنه العراق هو الأصلح في سد عجز ايران السياسي والاقتصادي ناهيك عن أنه من الممكن السيطرة على خيراته وجعله ساحة معركة حامية الوطيس بعيدا عن قم ودون ان تخسر قطرة دم ايرانية واحدة, وعمدت لِأن تدحرج كرة الثلج وعلى نار حامية بالعنف فقرضت نقطة نظام على الامريكان ، تقوم على أن يكون بقاؤهم في العراق وخروجهم منه منهكين ، و في كلا الحالتين مثّل خسارة امريكية خصوصا أن اسقاط صدام كان غلطة كبيرة لأن صدام حسين كان درعَ العالم ضد إيران . والأهم من هذا ان بقاء الامريكان ولعبتهم في القواعد العسكرية في العراق جعلتهم في مرمى إيران قبل غيرها ...عمدت ايران على سياسة ملء الفراغ ، فقامت بتحليل المجتمع العراقي من خلال خلق منظمات ومؤسسات وقامت بمدها بالأموال لدرجة الاغراء والولاء المطلق لها ؛ فأصبحت إيران الام الحنون للعراقيين رغما عنهم. ولعبت ايران في العراق على المكشوف من خلال التطهير الطائفي والتغيير الديموغرافي ...والبنى التحتية المتهالكة ، ومن اكبر الأخطاء الاستراتيجية لأمريكا غزوها للعراق وما يعيشه العراق هو لعبة تبديل احتلال باحتلال إيراني ألعن منه وتدرك أن العرب الشيعة في العراق يرفضون ولاية الفقيه ويدركون حقيقة المشروع الايراني وقد بدأت باستخدام الدبلوماسية الشفافة مع الخليج في الآونة الأخيرة. من جهة اخرى لعبة ملء الفراغ الاستعماري بعد رحيل إنجلترا وفرنسا من مكانهما كقوى عظمى في الشرق سال لعاب امريكا لتعلب نفس اللعبة بخلق شرق اوسط جديد وحتى تحاول امريكا انقاذ نفسها من الافلاس الاقتصادي والسياسي ؛ لكن البيت الأبيض يقاوم إيران نووياً في حين يسمح لإيران بنفوذ مهول بالعراق ! ما معنى أن تتفق إيران وأميركا على ملء الفراغ وإيران من وجهة نظر أميركية هي عدو؟؟وبالنتيجة القطعية فإن من أمنيات طهران أن يفشل التحالف في إسقاط داعش ...حتى تتمكن من ملء الفراغ العسكري والأمني والسياسي ليس في العراق وسوريا بل في المنطقة برمتها وتسليح السنة لا يصب في طموح ايران ... استراتيجيا تعتبر طهران التنظيمات الإرهابية وسيلة فعالة لإضعاف السنة في العراق وسوريا فتلعب معهم لعبة شدَّ الحبل ، وسقوط داعش سيخسّر ايران الكثير من المطالب في العراق ويعيد برمجة العراق عسكريا وهذا ما لا تريده ولاية الفقيه ؛ وفي النهاية التي لن تكون قريبة للمشهد السياسي في العراق أن الصراع في الأساس هو صراع مطامع ونفط ودين وليس صراعا وطنيا فبات الكل يلف حبله حول رقبة العراق ، فالعراق الذي هابته دول الجوار قبل غيره ، وحتى تكتمل سرمدية الحلم الايراني في العراق وضعت قيادات عراقية لا تفعل شيئا غير أن تنفذ أجندات ايرانية ... في العراق ، وتلف حول حلبة نار ودم في العراق مفادها أن الدم العراقي أرخص من مزابل التاريخ ، وأن العراقي في كل الأحوال هو وبيته وماله وشرفه غنيمة حرب لا ذنب له فيها ...سوى أنه ولد وحمل جنسية وطن لا ناقة له فيه ولا جمل ...ربما يجد حجرا يتوسده أو لا يجد العراق هذا الوطن الذي بات مباحاً في الدين والحضارة والثقافة والعرف تحت مسميات تبقى حرب على ورق ؛ سؤال لابد منه ؛ من سيملأ ذلك الفراغ بعد داعش والنصرة من بلاد الشام والعراق ؟ نحن نسأل وهم من يجيب وقد يُسأل من هم؟ من المؤكد أنه من يتربع خلف الباب وعند بئر النفط وعمامة علي ابن ابي طالب رضي الله عنه . 1