للمرة الاولى منذ ا، استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء وما تلا ذلك من تمدد وسيطرة على كبريات المدن اليمنية , يستهدف الحوثيون الرئيس عبدربه منصور هادي باعطائه مهلة عشرة ايام لتشكيل حكومة تكنوقراط والا فإنهم سيشكلون مجلسا لقيادة البلد . واللافت في الأمر أن اعلان الحوثيين " والذين تنصلوا منه سريعا " يأتي بعد ايام من الغضبة المضرية لهادي , التي لم تتجاوز اسوار القصر الرئاسي , وفيها حمّل الحوثي ومليشياته تعثر العملية السياسية . وقد بدا مشهد الصراخ ورد الصراخ في وجه من وجوهه بمثابة تفريغ الجعبة من بعض ما فيها من احتقان , وذلك استباقا للاتفاق الخاص بتحويل المشاورات السياسية المتعلقة بالحكومة عن مسار المحاصصة الى حكومة تكنوقراط والذي تم بشكل مفاجئ يوحي بأن هادي يسعى الى الالتفاف على مماطلات الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس السابق على عبد الله صالح الذي يعد المحرك الحقيقي لمجريات الاحداث في اليمن بعد أن بات صاحب النفوذ الاكبر داخل الجيش اليمني الذي تجاوز مرحلة الانقسام العمودي برحيل علي محسن الاحمر. وفي مقال سابق اشرت إلى أن الحوثيين لا يرغبون في تطبيق اتفاق السلم والشراكة تهربا من استحقاقات الاتفاق ومن اهمها سحب مسلحين والعودة إلى النطاق الجغرافي , اذا كانت البداية برفض تكليف ابن مبارك بتشكيل الحكومة بحجة انه رجل امريكا في اليمن . ، وفي اطار ذات المواقف المتهربة فإن مسارات الاحداث تعكس أن هناك تفاهمات تقضي بتبادل الادوار بين الحوثيين وصالح الذي اجهض جهود المهندس خالد بحاح في تشكيل حكومة وفاق وطني تضم كافة مكونات الطيف السياسي اليمني . وكما اشرت ببداية هذا المقال فإن هادي ؛ "الرئيس اليمني " المجرد من ادوات القوة سوى من شرعيته المستمدة من المبادرة الخليجية والمجتمع الدولي الذي باركها " لجأ إلى ورقة حكومة الكفاءات في محاولة منه لتجاوز العقبات كي ترى حكومة بحاح النور قريبا , لكن هذه الورقة لا تجد لها ضمانات داعمة , الامر الذي يبقي المشهد السياسي اليمني امام احتمالات مفتوحة , وفي مقدمة تلك الاحتمالات تعثر تشكل الحكومة , وبالتالي استمرار غياب الدولة , وهي الحالة التي يسعى الحوثيون وصالح الى الابقاء عليها حتى تحين الفرصة المناسبة لاسقاط شرعية هادي تحت مسميات شتى . ولهذا فإن استهداف هادي من قبل الحوثيين يمكن اعتباره من جهة آخرى بالون اختبار يقاس به ردة فعل المجتمع الدولي في حال تم اسقاط الرئيس اليمني , وفي هذا الاطار ظهرت دعوات شبابية تطالب بقيام مجلس عسكري يقود اليمن خلال المرحلة القادمة ,الامر الذي سيمهد الطريق الى عودة الجيش لقيادة اليمن من جديد .