لا بد من صنعاء وان طال السفر ، لسان حال النظام اليمني السابق الذي شرع في خلط الأوراق مستفيدا من التطورات التي شهدها اليمن والمنطقة مؤخرا, بعد تنازل جبري بفعل مناخات الربيع العربي الذي بات زمهريرا تئن من قسوته الدول التي مر بها . قد يكون استهلال مناقشة تطورات الوضع في اليمن بتلك الخلاصة صادما للبعض و مفاجئا لآخرين ,و لكنها مؤشرات الاحداث ومساراتها في ظل غياب الدولة , ورئيس لا يملك ايا من أدوات القوة سوى شرعيته الدولية التي تلقت مؤخرا دعما معنويا من قبل الرئيس الامريكي ( باراك اوباما ) ومجلس الامن الدولي ' فيما حقيقة الموقف الدولي من الازمة اليمنية تتجسد في سياسة الهروب إلى الامام , بغية الحفاظ على ملامح باهتة لموؤسات تشكل إطارا لدولة , وأضحى الكل يلوذون بالصمت إزاء اكتساح الحوثيين للمدن اليمنية . وبرأيي أن التذرع بانتظار تشكيل حكومة الوفاق التي عهد بها إلى ( خالد بحاح ) والمكلفة بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الذي وقعه الرئيس اليمني ( عبدربه منصور هادي ) مع ثلة من الاحزاب منها جماعة الحوثي ، والتي بات لها اليوم اليد الطولى ، مستفيدة من الانقلاب الذي يتزعمه الرئيس السابق ( علي عبد الله صالح ) الذي بات الرجل الاقوى في اليمن خاصة مع خلو الساحة اليمنية من منافسيه الاقوياء ( صادق الاحمر ) و ( علي محسن ) اللذين لعبا دورا كبيرا إبان الانتفاضة في عام 2011 . وقد ساهم هروب على محسن تحديدا في ترميم الشرخ العمودي الذي اصاب الجيش اليمني , فبات الجيش في قبضة على صالح بفعل وجود الكثير من القادة الذين يدينون بالولاء له , وبالإضافة للجيش يلعب صالح بورقة زعماء القبائل الذين سهلوا دخلوا الحوثيين الى صنعاء والحديدة , باستثناء ( اب ) المحسوبة على الاخوان المسلمين , والتي شهدت اشتباكات مسلحة ذات طابع طائفي , وقد فطن الجيش اليمني لخطورة هذه الاشتباكات وما قد تسببه من تعاطف شعبي مع اهل ( اب ) لهذا دخل قائد لواء المدينة على الخط متعهدا بحمايتها عبر تصريحات نارية لافتة . إذاً ؛ ما تشهده اليمن اليوم ، هو خلط للاوراق هدفه العودة الى ما قبل الانتفاضة التي أدت لازاحة صالح عن الحكم , وقد استغل الحوثيون هذا الخلط في اكتساح المدن اليمنية , وهنا يراهن الجيش على عامل الوقت قبل التدخل للامساك مجددا بمقاليد الحكم . تطور آخر يؤكد أن الجيش هو من يحرك الاوراق في المشهد اليمني تدخله القوي ضد اعتصامات الحراك الجنوبي الذي قادته القراءة السياسية لزعمائه للخروج الى الشارع على اعتبار ان الوقت بات مناسبا لفك الارتباط مع الشمال , ولعل المراقب يتوقف عند تأكيد الرئيس الامريكي على وحدة اليمن , وذلك خلال الاتصال الذي بادر بإجرائه ( اوباما ) مع نظيره اليمني . وفي ظل ما آلت اليه الأوضاع في اليمن من عودة قوية للجيش بات الرئيس اليمني هادي الحلقة الاضعف , وظهر على ضوء هذا السناريو منجرا وراء الحوثيين يقدم التنازل تلو الآخر , بل إن الامر لا يقتصر على هادي , فجمال بن عمر الموفد الدولي هو الاخر عاجز عن البوح بهذه الحقيقة , لهذا صرح قائلا بانه سيترك الأمر للتاريخ ليوضح حقيقة ما جرى في اليمن. وعلى ضوء هذا السيناريو الذي يسير عليه المشهد اليمني , فإن السؤال الذي يطرح نفسه : " ما هي الصيغة التي سيعود بها النظام إلى الحكم ؟ وهل سيكون صالح على سدته أم سيكتفي بدور المرشد الأعلى "؟ 1* محلل سياسي