صورتان جميلتان ومشرقتان لطفلين من منطقة جازان, سأذكرهما في مقالي على سبيل المثال لا الحصر, تبعثان الأمل في القلوب, لحياة مستقبلية مشرقة لأطفالنا ( أطفال التوحد), ولأسرهم المكلومة. هذين الطفلين هما "فاطمة ومهند", كانا في السنوات الأولى- وبعد اكتشاف الاضطراب- ذوا سمات توحديّة شديدة, تشتت في الانتباه, انعدام في التواصل البصري, سلوكيات غير مرغوب فيها, نمط حركي مزعج, بكاء شديد, ضحك هستيري, رفرفة بالأيدي, صراخ دائم, كلمات غير مفهومة, نشاط حركي زائد, صعوبة في النوم والأكل, عدوانيّة وانطوائيّة. عانت أسرتيهما كما تعاني جميع الأسر الآن, من ضعف الإمكانات وندرة الخدمات, وانعدام المراكز المختصة, وجهل المجتمع, وإهمال المسئول, وندرة الكادر الصحي البشري والتقني, وكثرة الذئاب المفترسة من المستغلين والمتسلقين, بل وقلّة المعلومات عن التوحد آنذاك. عاشت أسرتا -فاطمة ومهند- الحزن لأيام لا تعد ولا تحصى, بكت وتألمت كثيرا, ولكنها استيقظت بعد غفلة- قضتاها بالبحث عن العلاج المزعوم, عند عطار يدعي العلاج, أو شيخ يدعي القدرة على الشفاء بثلاث ضربات على الظهر, أو طبيب في مستشفى خاص وآخر حكومي, يحكمان بجهل على الطفلين بالجنون وبالتخلف العقلي أو (الدلع) الزائد, فغيرت تلك الأسر المسار, واتجهت للبحث عن كيفية التعامل مع أبنائهم بجد وإصرار, فأيقنت أن الفجر قادم ولو طال وحش الظلام, فأبعدوا عن وجوههم غطاء الخجل, والاستحياء من المجتمع, فتبدل بعد البحث الحال. فأصبحت (فاطمة) بتوفيق من الله سبحانه وتعالى, وبإصرار والديها, أول فتاة توحدية تتخرج من السنة الثالثة الثانوية بتقدير 99%, وقد حفظت القران الكريم كاملا, ولكم أن تبحثوا في الشبكة العنكبوتية عن قصة فاطمة الخيري إن شئتم. أما مهند, ذاك الفتى الذي جالسته وتحدثت معه وعمره لم يتجاوز 11 عاما, قبل ستة أشهر- تزيد أو تقل - فكأني أحادث رجلا لا طفلا, لبق الكلام, جميل الهندام, وسيم الوجه, حسن الصوت, أرسل لي أبوه قبل أيام قلائل صورة "لمهند" وهو مازال في السنة الخامسة الابتدائية, يلقي على مجموعة من المشرفين التربويين من إدارة تعليم جازان, درساً تاريخيّاً عن الملك فيصل بن عبدالعزيز ,طيب الله ثراه. أرجوكم قولوا معي (ما شاء الله, تبارك الله, اللهم احفظهما, واجعلهما قرة عين لوالديهما) ومضة:- أخي الأب, أختي الأم, يا من وهبكما الله طفلاً توحديّا, لا تيأسا أبداً, ولا تقنطا من رحمة الله, فالفجر حتما سيأتي بنورٍ يكشف لكما ولطفليكما مستقبلاً جميلاً, فادعوا الله دوماً في السجود ثم استعينوا بالعلم والتدريب.