فيما تشارك وزارة الشؤون الاجتماعية من خلال الجمعيات الخيرية المتخصصة في فعاليات وبرامج اليوم العالمي للتوحد الذي يوافق (الثاني من أبريل من كل عام)، يجمع عدد من أسر أطفال التوحد على ضرورة استثمار طاقات مرضى التوحد وصقل مواهبهم والأخذ بأيديهم لتحقيق الإبداع، خاصة أن هذه الفئة قادرة على التميز متى ما حصلت على التشجيع والمؤازرة من قبل الأسرة. في البداية، قالت والدة مهند «أحد أطفال» التوحد، عقب فوزه بالمركز الأول في مسابقة للفن التشكيلي، إن كثيرا من مرضى التوحد يتمتعون بطاقات وإبداعات خلابة تحتاج إلى الصقل والتنمية، مشيرة إلى أن ابنها مهند أبدع في رسوماته وشارك بعدة لوحات فازت إحداها بالمركز الأول. أما أم عبد الرحمن، «والدة طفل آخر» من الفئة نفسها، الذي فازت لوحته بأحد المراكز المتقدمة، فقالت «لا حدود للإبداع و«التوحديون"» يحتاجون إلى وقفة من المختصين في الشأن التربوي والاجتماعي». فيما أكد والد الطفل محمد السيد أن ابنه كان يعاني من اضطراب انفعالي أعاق نموه الاجتماعي، لكنه وجد ضالته في مركز جدة للتوحد الذي صقل موهبته وطور قدراته. وأكدت أسر أخرى، شارك أبناؤها وبناتها في مسابقة للتوحديين، أن أنامل أطفال التوحد أبدعت في رسم لوحات فنية يعجز عنها الأسوياء، وطالبوا بتسليط الأضواء على هذه الفئة المغيبة إعلاميا واجتماعيا. ويجمع مختصون في الشأن الاجتماعي أن التوحديين في حاجة إلى دعم لبرامجهم والعمل على تأهيلهم مبكرا والاعتناء بهم، وأجمعوا على أن هذه الفئة قادرة على الإبداع متى ما أتيح لها ذلك. وأوضحت الأخصائية النفسية الدكتورة رفعة المطيري أن التوحد مرض يظهر في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، ويعرف بأنه عجز يعيق تطوير المهارات الاجتماعية، والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والإبداعي، وينتج عن اضطراب عصبي يؤثر على الطرق التي يتم من خلالها جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة الدماغ، مسببة مشكلات في المهارات الاجتماعية تتمثل في عدم المقدرة على الارتباط، خلق علاقات مع الأفراد، عدم القدرة على اللعب واستخدام وقت الفراغ وعدم القدرة على التصور البناء، ويمكن علاج هذه الحالات عبر برامج خاصة وبمساعدة مختصين في هذا المجال. وفي تعريفها للتوحد، قالت المطيري: انه اضطراب انفعالي شديد يعتقد أنه ينتج عن تلف في الدماغ يعيق النمو العقلي أو الاجتماعي للطفل، ومن خصائص الأطفال التوحديين إيذاء الذات والنشاطات الحركية غير المناسبة والحملقة وإصدار أصوات غير مفهومة بشكل متكرر، فيما يتمثل الانفصال الاجتماعي كنمط سلوكي في الانسحاب وعدم المبادرة إلى التفاعل مع الآخرين، والافتقار إلى مهارات اللعب والتواصل، وعدم الاكتراث بمن حولهم. والضعف الحسي الكاذب، وعلى الرغم من أن هؤلاء الأطفال لا يعانون من ضعف سمعي أو بصري إلا أن الآخرين قد يعتقدون أنهم لا يسمعون ولا يرون بسبب عدم استجابتهم. ويجمع أهل الاختصاص على أهمية التدخل العلاجي المبكر والذي تنفذ من خلاله البرامج التدريبية لتطوير المهارات اللغوية والاجتماعية والسلوكية والمعرفية للأطفال التوحديين بما يعدل سلوكهم ويطور قدراتهم ويدمجهم في مجتمعاتهم. وقالت: يظهر السلوك المتغير والمفاجئ والاضطراب اللغوي، وعدم العناية بالذات وعدم القدرة على تحمل التغيير، على هؤلاء الأطفال، في مستويات شديدة من القلق والخوف من التغيرات البسيطة في البيئة من حولهم، لافتة إلى عدم توفر علاج فعال للتوحد. من جهته، أوضح المستشار الاجتماعي الدكتور علي الحناكي أن الوزارة تدعم جمعيات التوحد بمبلغ 10 ملايين ريال سنويا، حرصا على رعاية هذه الفئة الغالية من أطفال المملكة، كاشفا عن أرقام إحصائية قام بها فريق بحث علمي من جامعة الملك عبدالعزيز، تقول إن بين كل 1000 طفل مولود، هناك 75 طفلا توحديا، مشيرا إلى أن هناك 6 أعراض مرضية تصيب الأطفال الصغار أثناء الحمل والولادة، مشددا على ضرورة سرعة حلها ومتابعة الأم للكشف الدوري على حملها للحد من ولادة أطفال التوحد. وأضاف الحناكي أن هناك تناميا في مشكلة الأطفال التوحديين في أنحاء العالم، مشيرا إلى وصول الحالات في المملكة إلى 100 ألف طفل توحدي، لافتا إلى أن جمعية التوحد برئاسة الأمير تركي بن ناصر تعمل على دراسة ميدانية في 22 مدينة في المملكة بالتعاون مع عدد من الجهات، ويرأس الأمير تركي أعمال اللجنة وترفع تقارير مستمرة للجهات العليا، لافتا إلى أن مركز التوحد يسعى إلى التعاون مع جامعات أمريكية لتطبيق برنامج السلوك التطبيقي الذي يساعد على معالجة وتقييم التوحديين وتعليم الطفل مهارات جديدة، موضحا أن للمركز دورا مهما وتعاونا مثمرا مع معهد الملك عبدالله للدراسات والأبحاث بجامعة الملك سعود بالرياض الهدف منه إعداد وتخريج معلمين بأسس أكاديمية لرعاية وتعليم الطفل التوحدي. بدورها، أشارت رئيسة الجمعية الفيصلية النسائية في جدة الأميرة فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود إلى إنجازات مركز التوحد في جدة عبر تقديمها الدعم لأطفال التوحد، ومساعدتهم للخروج من عزلتهم وجعلهم يتكيفون مع بيئتهم ووطنهم، مشيرة إلى أن الجمعية قامت بحملة «الباقيات الصالحات» وقالت: «أهالي أطفال التوحد ما زالوا يطمحون إلى وجود مراكز تأهيلية للشباب فوق 16 عاما وآمل قيام المؤسسات الحكومية والأهلية بدورها المفترض لخدمة هذه الشريحة». إلى ذلك، أكدت مديرة الجمعية الفيصلية الخيرية في جدة فوزية الطاسان تميز مركز جدة للتوحد، وقالت: «يعد المركز من أهم المؤسسات الاجتماعية الرائدة في تقديم أفضل البرامج التربوية والدعم الأسري لأهالي المصابين بالتوحد وساهم على مدار 18 عاما في تقديم العديد من الخدمات التأهيلية والتعليمية، وبلغ عدد الخريجين 20 طالبا وطالبة من السعوديين والمقيمين تأهل ثلاثة منهم للعمل في المركز»، مبينة أهداف الجمعية في الوقوف إلى جانب أسرة الطفل التوحدي، وتقديم العون والرعاية والدعم النفسي والاجتماعي والعلاجي له، مؤكدة أهمية تدشين ورش عمل وندوات تعنى بالتواصل مع أسر أطفال التوحد». وزادت «الجمعية نظمت دورة تدريبية خاصة بالتعاون مع جامعة نورث كارولاينا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وساهم هؤلاء المتدربون في تأسيس عيادات تشخيصية متخصصة، إضافة إلى افتتاح أقسام للتوحد في جامعة الملك سعود، قسم التربية الخاصة، مشيرة إلى أن تكلفة رعاية الطفل التوحدي الواحد تبلغ 120 ألف ريال سنويا، تتحمل الجمعية 75 في المائة من التكلفة وفي بعض الحالات كامل المبلغ». من جانبها، بينت سعاد الحبشي نائبة المديرة التعليمية لمركز جدة للتوحد، أن برنامج المسابقات يأتي تجاوبا مع التوجه العالمي لتكريم واحتضان الأشخاص المصابين بالتوحد في المناسبات الاجتماعية في مختلف دول العالم، حيث تنظم المسابقة للمرة الثانية بمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي بهدف إثراء أحاسيس أطفال التوحد وتنمية مشاعرهم تجاه البيئة المحيطة بهم في الخليج العربي. يذكر أن مركز جدة للتوحد التابع للجمعية الفيصلية في جدة، أعلن تزامنا مع هذه المناسبة إتاحة فرص تعلم وممارسة عدد من المهارات الترفيهية لأطفال التوحد وفقا لميولهم واستعداداتهم الفردية، بهدف دمجهم في بيئتهم الاجتماعية، مع مواصلة تدريب وتأهيل الكفاءات البشرية المتخصصة في مجالات التوحد سواء بالعمل لدى المركز أو لدى الجهات التعليمية الأخرى في المؤسسات الحكومية والأهلية التي تلزمها مثل هذه التخصصات، فضلا عن توثيق التعاون بين المركز والمراكز الأخرى التي تدعم هذه الفئة والعمل على تقديم الأفضل لتحسين خدماتهم.