إزاء ما يدور من أحداث بالشقيقة اليمن سريع رتمها ، يواكبها سكون مطبق من حكومة الوفاق اليمني ، والتي كانت الوليد الشرعي للمبادرة الخليجية ،التي مكثت تراوح مكانها قبل أن يرضح الرئيس السابق علي عبدالله صالح لتوقيعها بالرياض بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله , والذي وجه كلمة تمنى فيها بناء يمن جديد لكل أطيافه للوصول باليمن لبر الأمان , بعد أن ظل الشارع اليمني لعام ونصف العام يعيش جوا صاخبا ملأ الشارع اليمني , ومطالبا بانتهاء عهد علي عبدالله صالح , مرورا بمواجهات عسكرية , وانشقاق قيادات عسكرية ,كانت محسوبة على رئيس النظام , وأبرزها الجنرال علي محسن الأحمر , ووقوف زعماء قبيلة حاشد من آل الأحمر إضافة لزعماء القبيلة على إقصاء رئيس النظام ,والذي فشل نظامه بإنهاء التمرد الحوثي خلال ستة حروب . وما أن بدأ التطبيق الفعلي للمبادرة الخليجية المزمنة , والتي يأتي من أولوياتها , انتقال سلطات الرئيس السابق الى نائبه , وتشكيل حكومة وفاق وطني , واجراء استفتاء على رئاسة عبدربه هادي والذي نال اجماعا شعبيا , واعادة هيكلة الجيش اليمني , وبإشراف المبعوث الأممي جمال بن عمر , ولكن قوى الصراع السلطوي برزت للسطح من رموز قيادات النظام السابق , بالرغم من أن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي لا يزال يترأسه علي عبدالله صالح يتقاسم مع بقية أحزاب المعارضة السابقة الحكومة ومراكز القرار , إلا أنه من الواضح أن الرئيس السابق لايزال يمثل عقبة كأداء لإعاقة ماتم بمؤتمر الحوار الوطني , بأمل العودة للسلطة مما حدا ببن عمر لتوجيه تحذيرات للعليين , صالح ، البيض , بأنه سيحملهما المسؤولية عن اجهاض الحوار الوطني . من جانب أخر , انقلبت التحالفات ليدور في الخفاء التوافق بين الحوثيين و قيادات قبلية حاشد , ومن ورائها بالخفاء علي صالح للتخلص من آل الأحمر , وهذا ما يعطي دليلا ساطعا لوقوف الرئيس السابق وفق حسابات غبية بأنه ربما يتمكن بشخصه أو بأحد المقربين من قبيلة حاشد من قطف نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة , بدعوى رفضه لتقسيم اليمن لأقاليم ضمن دولة اتحادية , فكان عليه التخلص من نفوذ آل الأحمر الذين وعبر ممثلهم بالسلطة الجنرال علي الأحمر والذي كان لهم الدور البارز في إقصائه عن السلطة , وتخريب الحوار الوطني , يشاركه على البيض بتأزيم الأوضاع بالحنوب . من جانب آخر , معارك دماج والتي انتهت بسحق السلفيين وترحيلهم من دماج , وتمدد الحوثيين شمالا واصطدامهم مع قبائل حاشد واستيلائهم على مراكز نفوذ آل الأحمر ,عندها رأت حاشد أن تمدد الحوثيين ليصل لمشارف صنعاء يخدم أهدافهم , فكان لابد من أن يتم التوافق على تحقيق مناطق حوثية خالصة تحيط بصعدة معقل الحوثيين , لذلك عقدت هدنة مع الحوثيين والسماح لهم باستخدام أراضيهم ما دام القاسم المشترك بينهما انهاء نفوذ آل الأحمر على قبيلة حاشد!. المفاجأة التي حيَّرت المرافبين , صمود الرئيس اليمني عبدربه هادي وحكومة الوفاق بالنأي بالنفس عن صراعات قبلية بين فريقين يشاركان بالحوار الوطني , فيما يرى من يريدون اقحام الجيش بأن الرئيس في موقف المتفرج , ولذلك كانت الزيارة الليلية غير المتفق عليها مسبقا والتي قام فيها علي الأحمر المستشار العسكري للرئيس اليمنومن معه من قبيلة حاشد المؤيدين وتحدثوا معه بشدة مطالبين أن يحرك الجيش لوقف تقدم الحوثييين نحو صنعاء , قائلين له تريد أن يقتحم الحوثيون بيوتنا ويقتلوننا . و أدرك الرئيس هادي لنجاح الحوار اليمني ألا يتدخل ليقف مع حاشد , ولكن ما لم يكن بالحسبان تنبه قيادة قبيلة حاشد أن عليها أن تضع حدا للحرب القبيلة مع الحوثيين لتمكين الأخير من استباق تمدد أنصار صالح والإطاحة بحكومة الوفاق , ومن جانب آخر فإن الثمن كان باهضا بإعطاء الحوثيين امتدادا في شمال اليمن يؤمن سيطرتهم على المناطق التي كانت تحول بين "صعدة " وبين ميناء ميدي , الذي لا يبعد كثيرا عن مرفأ الموسم السعودي ,من الواضح أن حيادية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي هدفها إنجاح الحوار , حتى مع تمكين الحوثيين من ميناء ميدي , ليكون رئة لإقليم صعدة , ولكنه بالتالي سيسهل وصول الاسلحة الإيرانية للحوثيين دون عوائق ؟ ! أم أن حياديته تأتي لتفويت محاولات علي صالح وعلي البيض لإفشال الحوار الوطني بعد أن فشلت الاغتيالات والتفجيرات في الجنوب , وفي صنعاء , وبالتعاون مع ارهابيين من القاعدة لا قتحام مراكز الجيش ووزارة الدفاع اليمني وأجهزة المخابرات في الجنوب , إذ يحاولان أن يزج الرئيس بالجيش اليمني بصدام عسكري بين الحوثيين والسلفيين من قبائل حاشد لانهاك الجميع , ولتصوير أن رئيس الجمهورية والذي يتراس الحوار يقف مع طرف دون آخر من أطراف الحوار , فأراد أن يفوت عليهم ما يسعيان إليه . ومن الجائز أن يكون للرئيس هادي ضمانات من الحوثيين وقبيلة حاشد بالوقوف معه لاكمال خريطة المبادرة الخليجية والتي انبثق عنها مؤتمر الحوار الوطني ومن المؤكد أن الحوثيين سيمنحون حكما ذاتيا على صعدة وطريقا آمنة إلى البحر الأحمر , والاتفاق الذي توصلت اليه حاشد مع الحوثيين أن ينسحب الحوثيون الى تخوم الحدود الجنوبية مع صعدة , على أن يتم انهاء نفوذ آل الآحمر على قبيلة حاشد وقطع الطريق على توليهم زمام السلطة في الاقاليم الذي تمتد من صنعاء , عمران إلى حجة . من الجانب الاقليمي فالسعودية ليس من مصلحتها أن ترى النفوذ الايراني من خلال أداتهم " الحوثيين" يتصاعد بالقرب من حدودها الجنوبية وذلك من خلال استيلائهم على ميناء ميدي والذي لا يبعد كثيرا عن مركز الموسم على البحر الأحمر , ولا أعتقد أن السعودية غافلة عما يجري بل تراقب بصمت وتسابق الزمن لترى نتيجة معقولة من مؤتمر الحوار الوطني , والذي لا بد أن يصل باليمن لبر الأمان , وعندها سيكون لها موقفا استراتيجيا لو سعى الحوثيون لتكريس نفوذ ايراني يتجاوز حدود اليمن .