أتى من العاصمة إلى أقصى الجنوب إلى منطقة جازان, ثم قام بإرسال رسائل نصيّة لقائمة من أسماء أولياء أسر التوحد في المنطقة, قد حصل عليها ولا أعلم كيف ومن أين؟ يبشرهم بقدوم فرج لم يكن بالحسبان يوماً، ويهيب بضرورة إرسال رسالة إلى رقم قد أضيف في رسالته لفتاة أطلق عليها اسم (المنسقة ), لحجز موعد معه للكشف على حالة الطفل التوحدي. أقبلتُ بلهفةٍ وشوقْ, يتقدمني طفلي التوحدي, وأنا أكرر: مركز في مدينتي لا أكاد أصدق، أهو ضرب من الخيال أم أنه حقيقة وواقع. أقبلت عليهم وأنا لا أعلم أبجديات المعرفة عن هذا المركز, أهو حكومي يرحمنا من ذل الحاجة ومد الأكف للغير أم هو خاص برسوم رمزية تساعد وتساهم على خفض معدل الهم والغم من كاهل الأب و الأم, وكيف هو؟ وأين يقع؟ ومن صاحبه؟ومتى ستبدأ الدراسة الفعلية فيه؟ فأجيب: كل هذا لا يهمني, المهم أنها فرجت وكنت أظنها لا تفرج. في مدخل باب المستوصف المستأجر مؤقتا ليكون مكانا لتقييم أطفال التوحد، استقبلنا رجل بشوش الوجه في لسانه حلاوة وطراوة، حيانا ورحب بنا ولاعب طفلنا, سارعت بالتحدث إليه بقولة ( فرج الله الهم عنكم كما فرجتم عن الكثير), ابتسم وقال هذا واجب الأخ لأخيه ولم نأتي إلى هنا إلا من أجل المساعدة، فعملنا إنسانيٌ من الدرجة الأولى, ولا نريد منكم ربحاً ولا كسبا. فرحت لمقولته, وشكرته عليها كثيرا, سألته عن طلباته فقال:واسمعوا ما أيقض سكوني وآلم جوارحي, قال: إدفع مبلغ (400) ريال للتقييم والكشف, و(1000) ألف ريال لاستمارة التسجيل, وعليك أيضا أن تدفع من (26,000) ريال سنوياً, مقابل الدراسة والتأهيل.. خيّم الصمت عليّ طويلا وعيني بسقف السماء معلقة ووجدي إلى رب الكون مناجٍ وشاكٍ, وقلت بعد أن تنفست الصعداء: أتسمّي هذا عملٌ إنساني؟! كل هذا الاستغلال وتسميه عمل إنساني!! لا أوجه اللوم إليكم فاللوم يستحقه غيركم. نعم يستحقه غيركم, فمئات المليارات تضخ, والطفل التوحدي ما زال محتقرا ذليلا. ختاماً: ثلاث رسائل لثلاث وزارات معنيّة بأمر أطفال التوحد, الرسالة اﻷولى لوزير التربية والتعليم الجديد: ابحث في أدراج وزارتك ستجد خطاباً من أسر التوحد في جازان, منذ ما يقارب خمسة أشهر, يطلبون التفاتة كريمة قد أُهْمِلتْ ولم تجد رداً من وزارة من سبقكم. والرسالة الثانية لوزير الصحة, قد وصلنا اتصال من أحد موظفيكم بعد وصول خطابنا إليكم بأيام, وأهدانا بضع كلمات لا تسمن ولا تغني من جوع, فمتى نرى منكم ما يستحق الشكر والتقدير, والرسالة الثالثة لوزير الشؤون الاجتماعية: ابحث وتأكد في مكاتب تابعيك وموظفيك عن خطاب من نفس اﻷسر لم يلتفت إليه أحد البتة. ابحثوا جميعا بعين الاهتمام وانظروا لحال اﻷسر مع المستغلين أمثال هؤلاء. ارحموا من ذلٍ يعيشه البعض بسبب إهمال ما لهم فيه يد, فقد وجهت حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظها الله- بإنشاء مراكز حكومية طبية وتأهيلية وتعليمية تعين -بعد توفيق الله- على إعادة تهيئة أطفالنا(أطفال التوحد), ولكن للأسف الشديد جميعها ما زالت غائبة عن الأنظار ولست أدري عن الأسباب!!